الأحد, 24 نوفمبر, 2024 , 7:12 م

د. حسن صابر يكتب : علامات إستفهام حول موقف الكويت 

لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من السعودية والإمارات والبحرين على موقف الكويت من الأزمة الأخيرة مع قطر ، ولم يكتب صحفي واحد مقالاً يتحدث فيه عن الكويت التي إتخذت موقفاً مناوئاً لموقف الدول الخليجية الثلاث ولم تقطع علاقاتها مع قطر . . ربما لأن الكويت تقوم بالوساطة ومحاولة الصلح بين هذه الدول الخليجية الأربعة ليس فقط في هذه الأزمة ، بل إنها تلعب دور الوسيط منذ أزمة سحب السفراء الأولى بين الدول الخليجية الثلاث من الدوحة في مارس 2014 بعد فشل كافة الجهود في إقناع قطر بضرورة الالتزام بالمبادئ الآتية : 1- عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر . 2- عدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد ، سواءً عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي . 3- عدم دعم الإعلام المعاد . ثم بعد عدة لقاءات تمت في الرياض ، عاد السفراء في نوفمبر من نفس العام . وفي يوم 5 يونيو 2017 ، قامت المملكة العربية السعودية ، والبحرين ، والامارات العربية المتحدة ، وجمهورية مصر العربية ، بقطع العلاقات الديبلوماسية وإغلاق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر، أيضا إغلاق الحدود البرية السعودية مع قطر ، بالاضافة إلى منع موطني السعودية ، والبحرين ، والامارات من السفر إلى قطر أو البقاء فيها أو المرور عبرها ، ومنع مواطني قطر من دخول لأراضي هذه البلدان أو المرور عبرها . لكن بقيت هناك أسئلة كثيرة حول موقف الكويت :

1- هل قررت دولة الكويت أن تبقى فقط في مقاعد الوسطاء دون أن تتخذ موقفاً حاسماً ممن يهدد أمن الخليج والدول العربية ؟

2- لو حدثت عمليات إرهابية داخل الكويت تهدد أمن مواطنيها ، فهل ستظل الكويت في مقاعد الوسطاء ؟

3- لماذا لم ترد الكويت على ‏السيناتور الأمريكي الجمهوري مايكل مكول الذي أعلن أن الكثير من الأموال القطرية مرت بالكويت وخرجت من الكويت لدعم الارهابيين والكويت مسؤولة أيضا مثلها مثل قطر . . لماذا لم ترد رغم أن هذا الإتهام للكويت جاء من سيناتور أمريكي وعضو جمهوري بالكونجرس ، وليس صحفياً أو باحثاً سياسياً يجتهد . . الإتهام خطير جداً خاصة أن السياسيين الأمريكيين لا يوجهون إتهامات بدون معلومات مؤكدة ودلائل على صحة الاتهامات ، وعدم رد الكويت عليه ربما يفسر لماذا لم تقطع علاقاتها الديبلوماسية مع قطر وتتضامن مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين .

4- يمكنني أن أتفهم وجهة نظر من يقول كيف تقوم الكويت بالوساطة بين الدول المتنازعة لو كانت قد قطعت علاقاتها مع قطر ؟ وأتفهم أن الكويت تحاول رأب الصدع الذي دب في العلاقات بين الدول الخليجية ، لكن ما فائدة هذه الوساطة وقطر ترد بلسان وزير خارجيتها على شروط الدول الثلاث بأنها لن تغير سياستها الخارجية ولن تغلق قناة الجزيرة أداة التآمر القطرية على الدول الخليجية والعربية ؟ ثم هل الكويت بهذا الموقف تعمل على رأب الصدع أم أنها تعمقه بعد إنقسمت ست دول خليجية إلى معسكرين متضاربين في المصالح والأهداف كل معسكر يتكون من ثلاث دول . . هل هذا رأب للصدع أم تعميقه ؟

5- هل توافق الكويت على إستدعاء قطر لقوات عسكرية من إيران وتركيا لحفظ أمنها وحمايتها من الدول التي قطعت معها علاقاتها وهى بهذا تمهد الطريق أمام التدخلات الإيرانية التركية في هذه المنطقة الإقتصادية الحساسة جداً ؟

6- كيف سيكون الحصار على قطر مؤثراً ومحققاً للأهداف التي فُرِضَ من أجلها اذا كانت الكويت توفر المنافذ البرية والجوية والبحرية التي تحتاجها قطر لكسر الحصار ؟

7- هل تؤمن الكويت بضرورة أن تغير قطر من سياساتها الداعمة للإرهاب والتي تستنزف دماء المصريين ، وتنهب ثروات الخليج ، أم أنها ترى أن سياسات قطر نموذجية لا تحتاج إلى تغييرات جذرية ، وأنها لا تسبب ضرراً لمصر أو لدول الخليج ؟

8- هل نسيت الكويت مواقف مصر والسعودية والإمارات والبحرين في دعمهم للكويت أثناء الغزو العراقي لأراضيها في 2 أغسطس 1990 حتى تم تحرير أراضيها وعودة العائلة الحاكمة للكويت في 26 فبراير 1991 بعد حرب الخليج الثانية ، ثم إستمر الدعم حتى إستعادت الكويت عافيتها الإقتصادية بعد أن دمر الجيش العراقي حقول البترول الكويتي قبل إنسحابه من الكويت ؟ هل نسيت الكويت أن السعودية قدمت لها مدينة الطائف لتكون مقراً للحكومة الكويتية المؤقتة التي شكلها أمير الكويت آنذاك الشيخ جابر الأحمد الصباح ، وولي العهد الأمير سعد العبد الله الصباح ؟ هل نسيت الكويت موقف الإمارات والبحرين اللتين فتحتا مدنهما للكويتيين الهاربين من جحيم الجيش العراقي وقدمتا لهم كل ما إحتاجوه ؟ هل نسيت أن أول جيش دخل الكويت وخاض معارك عنيفة مع الجيش العراقي كان هو الجيش المصري الذي رفع علم الكويت فوق مبانيها لأول مرة منذ الغزو العراقي . . هل نسيت الكويت كل هذا عندما إحتاجت إليها هذه الدول الأربعة ؟

الموقف الكويتي يعمق الخلافات بين قطر والدول الأربع التي قاطعتها وحاصرتها بسبب دعمها للإرهاب والمنظمات الإرهابية ، ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يكون مفيداً لدعم التضامن بين الإخوة الخليجيين من ناحية ، وبينهم وبين أكبر دولة عربية وهى مصر من ناحية أخرى .

وفي المقابل فإن السعودية والإمارات والبحرين مطالبة بأن تنهي هذه التناقضات في مواقفهم أيضاً ، ففي الوقت الذي تقلب فيه الدنيا على إحتضان قطر للمنظمات الإرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس ، وتوفير المأوى والدعم المالي لقياداتهم ، فإنها تتغاضى عن نفس السلوك من جانب تركيا وإيران ، ولا تعترض على إيواء هاتين الدولتين للإرهابيين وتقديم الأسلحة والدعم المالي لهم ، وأنا أعرف النفوذ السياسي الحقيقي لكل من تركيا وإيران ، وأعرف أيضاً قدراتهما العسكرية . . لكنهما لابد أن يخسروا بطريقة أو بأخرى من غضب الشعوب في الدول العربية الخليجية وفي مصر .

وتبقى الحالة العمانية الشاذة في مواقفها عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي ، وهى حالة ليست حديثة ، إرتضتها دول الخليج منذ البداية ولا يمكن تحميلها على حساب الأزمة القطرية الأخيرة ، حالة غريبة قررت فيها سلطنة عمان أن تنتمي لدول المجلس إنتماءاً بمزيد من الجغرافيا وبقليل من التاريخ والمصالح ، وقد قبلت دول المجلس هذه الحالة ، ولا تضع سلطنة عمان في حساباتها ، ولهذا فإن السلطنة خارج مقاييس هذا المقال .

 

اترك رد

%d