الجمعة, 22 نوفمبر, 2024 , 11:01 ص

كفاءة البنوك التجارية المصرية والإستثمارية الأجنبية في مصر

 

البنك-المركزي2

كتب – الدكتور عادل عامر

إن القطاع المالي يساهم بطريقة فعالة في عملية التنمية الاقتصادية من خلال توفير الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية، أما بشكل مباشر أو غير مباشر ، ذلك لأن القطاع المالي  يهتم بحشد الموارد المالية اللازمة للتنمية الاقتصادية من خلال النظام المصرفي أو قطاع التأمين أو من خلال سوق الأوراق المالية ، مما يؤدي إلى زيادة في القيمة المضافة لاستخدام الخدمات التكنولوجية وتوفير النقد الأجنبي من خلال التحويلات المالية هذه المنافسة الشرسة في قطاع الخدمات المالية كالقطاع المصرفي دوراً هاما في التنمية الاقتصادية، ولا سيما في البلدان النامية، مكنتها من خلال وجود القدرة والآليات على تعبئة المدخرات المحلية من الموارد لتستخدم بطريقة الموصلة للأهداف الإنمائية. يعتبر موضوع الملاءة من المواضيع المهمة لكل من السلطات الرقابية

والبنوك على حد سواء كونها تمثل أهم عنصر من عناصر متانة  وضع البنوك وفي هذا الإطار فقد عملت السلطات الرقابية على تقديم مقاييس مختلفة للملاءة كان أبرزها معيار كفاية رأس المال الذي أقرته لجنة بازل عام 1988 والذي  طبقه ما يزيد على 100 دولة . وأن التطبيق العملي لذلك المعيار خلال السنوات الماضية أفرز العديد من نقاط الضعف فيه دفعت لجنــــة بازل إلى إجراء تعديلات عليه وأخيرا اقتراح معيار جديد لقــــياس الملاءة اصطلــح على تسمية Basel 2.

ويلعب رأسمال البنوك دوراً هاماً في المحافظة على سلامة ومتانة وضع البنوك وسلامة الأنظمة المصرفية بشكل عام حيث أنه يمثل الجدار أو الحاجز الذي يمنع أي خسارة غير متوقعة يمكن أن يتعرض لها البنك من أن تطال أموال المودعين، فكما هو معلوم فإن البنوك بشكل عام تعمل في بيئة تكتنفها درجة عالية من عدم التأكد الأمر الذي ينشأ عنه تعرضها لمخاطر عديدة.

ولقطاع التمويل أهمية قصوى من خلال كونه جزء من الناتج المحلي الإجمالي وأكبر دليل على ذلك أنه في خلال الفترة من منتصف التسعينات حتى بداية العشرين يمكن أن نلاحظ أن معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي انخفض من 4.9 في المائة إلى 3.1 في المائة في 1995/1996 و 2002/2003 على التوالي ، وأحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الانخفاض هو انخفاض ملحوظ في معدل النمو الحقيقي في التمويل التي انخفضت من 8.7 في المائة إلى 2.3 في المائة في 1995/1996 و 2002/2003 على التوالي. ومن جهة أخرى فان الاحتفاظ بسيولة مرتفعة تزيد عن الحاجة الفعلية للبنك التجاري , يوضح بصوره أو بأخرى تجميد الأمـوال كـــــان بالإمكان توظيفها في مجالات تؤدي إلى حصول البنك على أرباح إضافية , وعــلــى هذا الأساس فان كلا النقطتين السابقتين لا يعبران عن الأسلوب الرشــيد فـــــي إدارة سيولة تتميز بالكفاءة والفعالية ومن هذا المنطلق تم اختيار مـوضــوع الـسيـولــة فــي البنوك التجارية بالمملكة العربية السعودية بكونها موضوعاً مهماً جــديـراً بــالـدراسة والتحليل . أن أي مجال استثماري يدخله المستثمر الأجنبي, ثم لا يستطيع الوفاء بالحد الأدنى من متطلبات التنمية الوطنية, فإن استثماره لن يكون أكثر من عبء إضافي يتحمله الاقتصاد الوطني, دون أن يعتاض عنه بقيمة مضافة حقيقية. أحسب أن فتح المجال للاستثمار الأجنبي إنما يتوخى تحقيق عدة أهداف إستراتيجية, من بينها, إن لم يكن على رأسها,

هدفان خليق بأي اقتصاد وطني أن يجعلهما في موقع الصدارة حال فتحه أبوابه للاستثمار الأجنبي. أول الهدفين: التأكد من قدرة المستثمر الأجنبي على خلق قيم مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني, بما سيجلبه معه من إمكانات فنية وتنفيذية عالية تتجاوز ما هو متوفر لدى المستثمر الوطني. ثانيهما: تطويع البيئة الاستثمارية التي يعمل فيها المستثمر الأجنبي لأن تكون محفزة للمستثمر الوطني لكي يستفيد مما يتوافر لدى المستثمر الأجنبي من إمكانات فنية وتقنية متقدمة تفوق ما ألفه في بيئته الاستثمارية المحلية.

من واقع إملاءات هذين الهدفين, يمكن القول, إن أي مجال استثماري يدخله المستثمر الأجنبي, ثم لا يستطيع الوفاء بالحد الأدنى من متطلباتهما, فإن استثماره لن يكون أكثر من عبء إضافي يتحمله الاقتصاد الوطني, دون أن يعتاض عنه بقيمة مضافة حقيقية. نقول ذلك, مع الأخذ في الاعتبار ما تقضي به الأنظمة والاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفاً فيها, والتي قد تلزمها بالوفاء بالتزامات معينة.

من جهة أخرى, هذان الهدفان سيكونان, أو هكذا يفترض, حكمين على أي أنظمة أو لوائح أو مقترحات قد تبتدرها الجهات المسكونة بهاجس توطين إيجابيات مبتغاة من الاستثمار الأجنبي, إن كانت دافعة لمزيد من تحسين بيئة المنظومة الاستثمارية باتجاه تحقيق الهدفين ذاتهما من عدمه. من جهتي, سأستصحب الهدفين لتقييم ما قرأته مؤخراً على صفحات هذه الجريدة(الرياض), من أن ثمة مقترحاً للجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى, يهدف إلى التوصية بإضافة مواد إضافية لنظام الاستثمار الأجنبي, من أبرزها:” النص على ألا يقل رأس المال الأجنبي المستثمَر حسب هذا النظام عن عشرة ملايين ريال سعودي من النقد الأجنبي القابل للتحويل, والمحول عن طريق أحد المصارف المسجلة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي”.

 و”أن تُلزَم الهيئة العامة للاستثمار بعرض جميع مشاريع الاستثمار الأجنبي التي تزيد قيمة رأس المال الأجنبي فيها على مئة مليون ريال على مجلس الشورى للموافقة عليها, مع اشتراط أن يصدر المجلس قراره خلال شهر من تلقي الطلب”. وكذلك, “منع الأجنبي الذي كان يعمل في المملكة من أن يتقدم بمشروع استثماري ينافس به المنشأة السعودية التي كان يعمل بها إلا بعد خروجه من المملكة لمدة لا تقل عن خمس سنوات”. بالإضافة إلى “إلزام المستثمر الأجنبي بإعطاء الأفضلية في المشتريات والتوظيف في مشروعه المقترح, للصناعة والأيدي العاملة المحليتين”, إلخ.

والجهاز المصرفي في سبيله لتحقيق وتعظيم هذا الدور يعتمد علي ضرورة توافر قاعدة من البيانات والمعلومات المفصلة والحديثة والمتطورة تتبلور في نظم معلومات بمختلف صورها تساعد في تطور أداء وتقديم خدمات مصرفية أفضل وأحدث. وفي إطار هذه المعطيات يسيق في أن يكون هذا البحث محاولة من قبل الباحث يتناول فيه دور الجهاز المصرفي ككل وبنوك الاستثمار كدراسة تطبيقية لرفع كفاءة الاستثمار لزيادة معدلات التنمية الاقتصادية وذلك بإقامة المشروعات أو تمويلها والمساهمة فيها وتشجيع وتمويل الصناعات الحرفية مستخدمة في ذلك أدوات ووسائل مختلفة وذلك في إطار يرجو الباحث أن يكون متكاملاً وشاملاً ومتضمناً لكثير من المفاهيم العلمية وما ينطوي عليه من مضامين تطبيقية من شأنها أن تسهم في توضيح وزيادة فعالية دور هذه البنوك إذا كانت الشركات دولية النشاط تتطلع إلى مد أنشطتها جغرافيا لتغطي كل دول العالم دون قيود، وإزالة كافة الحواجز التي تحول دون ذلك، فإنها تسعى من الناحية الأخرى إلى أن تمد أنشطتها إلى كل القطاعات داخل هذه الدول أيضا. وفي هذا الإطار يمكن التعرف على أسباب المطالبة بتخلي الدول عن القيام بدور مباشر في العملية الإنتاجية، وبإزالة القيود أمام المنافسة الأجنبية ، وعدم التفرقة في المعاملة بين الإنتاج المحلي وذلك المستورد، وبإلغاء احتكار الدولة للمرافق العامة والاتجاه المتزايد لخصخصتها وترك القطاع الخاص يقوم بتقديمها مع الحرص على عدم التفرقة بين جنسية هذا القطاع وما إذا كان محليا أم أجنبيا.

وتوضح اتجاهات الاستثمار الأجنبي خلال السنوات السابقة اتجاهه المتزايد نحو قطاع الخدمات التي تؤدى من خلال مرافق عامة تتولاها أو كانت تتولاها الحكومات مثل الاتصالات والطرق والنقل والكهرباء والغاز ومياه الشرب ، خاصة مع حاجة معظم دول العالم لإنشاء أو تطوير هذه المرافق لتحسين مستوى معيشة سكانها ، يقابل ذلك عدم توافر الموارد المالية والتكنولوجية والخبرة اللازمة عند كثير من هذه الدول للقيام بما تتطلبه إقامة وصيانة هذه المرافق من أموال.  وبالتالي فان هذه القطاعات تمثل في ذات الوقت قطاعات بدأت دول كثيرة – ومنها مصر في فتحها للاستثمار الأجنبي.

ويثير فتح هذه القطاعات الحيوية تساؤلات عديدة في ظل ضعف خبرة الدول النامية فيما يتعلق بالرقابة الواجبة على الشركات التي ستقوم بتنفيذ وإدارة هذه المرافق، ومدى التزامها بأهداف المجتمع الذي تعمل فيه، وما إذا كانت ستتولى توفير التمويل من الخارج أم أنها ستزاحم القطاعات المحلية في الحصول على التمويل من البنوك.وفي كثير من الأحيان فان ضخامة وقوة وسطوة الشركات العاملة في هذه القطاعات يجب أن تكون عاملا يتعين أخذه في الاعتبار ن لما يمكن أن يترتب على تواجده من آثار سلبية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. تعرضت البنوك الإسلاميَّة لبعض الكساد بسبب الأزمة مثل البنوك التجارية لأنها جزء من السوق العالمي، ولكن البنوك الإسلاميَّة لم تتأثر سلبًا كالبنوك الربويَّة لأن تعاملاتها الماليَّة تعاملات حقيقيَّة فالبنوك الإسلاميَّة تشتري أصولا حقيقية وتبيع أصولا حقيقيَّة وتستثمر في استثمارات ومشروعات حقيقيَّة وليست ورقيَّة بجانب دخولها في المشاركات الاستثماريَّة‏.‏

ومع تزايد نجاحات البنوك الإسلاميَّة فالمستقبل سيكون لهذه البنوك وتوجد العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك منها اتجاه دولة الإمارات العربيَّة لتحويل مؤسساتها المصرفيَّة إلى بنوك إسلاميَّة وقرار الجمعيَّة التشريعيَّة الفرنسيَّة بإنشاء بنوك إسلاميَّة بجانب تجربة البنوك الإسلاميَّة في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكيَّة‏.‏

الأموال الإسلاميَّة تستثمر في كافة المجالات وكل دولة تختلف عن الأخرى في مجالات استثمار أموالها‏،‏ فالقذافي مثلا استثمر الأموال الليبيَّة في محطات الغاز‏،‏ والسعوديَّة مثلا تستثمر في عدة مجالات كالغذاء والأراضي الزراعيَّة كما في توشكي بمصر‏،‏ والكويت تستثمر في بناء المطارات كما في مرسى علم بمصر أو في أوروبا بالقرى السياحيَّة وللأسف على الرغم من وفرة الأموال العربيَّة فإنها ليست لها سياسة محددة لخدمة القضايا العربيَّة مثلما فعل اليهود في استثماراتهم في الولايات المتحدة‏،‏ فاليهود يستثمرون أموالهم في مجال الإعلام للسيطرة على الإعلام الأمريكي لتوجيه سياسته لخدمة الأهداف الإسرائيليَّة وهذا طبعًا وفقًا لسياسة معينة‏،‏ أما العرب فلا يستثمرون أموالهم طبقًا لسياسة محددة ولكن للحصول على أرباح ماليَّة فقط‏.‏ ولذلك فالبنوك المركزيَّة العربيَّة هي التي تستطيع أن تحدد مجالات استثمارات الأموال العربيَّة‏،‏ مع ملاحظة صعوبة هذا التحديد؛ لأن كثيرًا من العرب يهربون أموالهم عبر الطرق غير الشرعيَّة‏.‏

‏ معظم استثمارات البنوك الإسلاميَّة يتمّ استثمارها في الدول الإسلاميَّة لأن أساليب استثمارها يستجيب لها غالبية المسلمين‏،‏ وحتى الدول الغربيَّة عندما فتحت بنوكًا إسلاميَّة لا أعتقد أنها نجحت مثل نجاح البنوك الإسلاميَّة في الدول الإسلاميَّة لأن البيئة الإسلاميَّة مواكبة لأهداف ومبادئ البنوك الإسلاميَّة‏،‏ ولذلك لدينا كثير من الناس يضعون أموالهم في البنوك الإسلاميَّة ولا يضعونها في البنوك الربويَّة حتى ولو لم يحصلوا على عائد من البنوك الإسلاميَّة خوفًا من شبهة الربا‏.‏

الاقتصاد الإسلامي لديه القدرة والمكونات التي تجعله يحلّ كافة المشاكل الاقتصاديَّة فقط أعطوا الإسلام فرصة لكي يطبَّق وسوف يقوم بحل كافة المشاكل‏،‏ وعقب ثورة‏ 25‏ يناير طفت بالفعل العديد من المطالب الفئوية وإضرابات المدرسين والأطباء وسائقي النقل العام وكل هؤلاء لو كان لديهم فكر إسلامي كان يجب عليهم أن يصمتوا الآن ويصبروا حتى تتحسن ظروف البلاد الاقتصاديَّة خاصة إذا تَمَّ إعطاؤهم وعودًا وبرنامجًا زمنيًّا لزيادة المرتبات وتحقيق مطالبهم مع ملاحظة أن زيادة المرتبات لا تكون عن طريق القروض التي تقترضها الدولة من الدول والمؤسَّسات المختلفة ولكن عن طريق زيادة الإنتاج‏.‏

ويمكن لمصر من خلال تطبيق مبادئ ومعاملات الاقتصاد الإسلامي أن تحل مشاكلها الاقتصاديَّة وإذا كنا قد طبقنا كل أشكال الاقتصاد من اشتراكيَّة إلى رأسماليَّة إلى اقتصاد مختلط وكلها فشلت في مواجهة مشاكلنا فلماذا لا نعطي فرصةً للاقتصاد الإسلامي لتطبيق قواعده لمواجهة المشاكل الاقتصاديَّة التي تعاني منها مصر حيث يملك الاقتصاد الإسلامي كل المقومات التي تحقق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعيَّة.

اترك رد

%d