الإثنين, 20 مايو, 2024 , 2:05 م

نجحنا في استرداد الأراضي المنهوبة .. فهل ننجح في مواجهة ” أم الجرائم”؟!

 

 

 

 

مين يقدر على التوك توك ؟

 

3 ملايين توك توك بدون لوحات معدنية .. بدون تأمين .. بدون ترخيص

اغتصاب وقتل .. سرقة ومخدرات .. وإهدار عشرات المليارات بعلم الحكومة

اللواء أسامه الطويل : كل أجهزة الدولة تتحمل المسئولية .. والبيت والمدرسة سر الكارثة

العميد الضبع : مشكلة ” التوك توك” الجنائية أكبر من مشكلته المرورية

الدكتور عبد الفتاح : التوك توك أصبح أمرا واقعا لا مفر منه.. ويبقي أن ننظم سيره في الشارع

 

تقرير – خالدعبدالحميد

الإرادة والإدارة عنصرين أساسيين لإنجاز أي مهمة ، وعندما تريد الدولة أن تفعل شيئا فعلته أيا كانت التحديات والعقبات ، وقد رأينا ذلك واضحا وجليا في قضية إزالة التعديات علي أراضي الدولة ، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهات في صورة أوامر الي الجهاز التنفيذي للدولة وكافة الجهات الأمنية بضرورة إزالة كافة التعديات علي أملاك الدولة واسترداد الأراضي المغتصبة بالقانون ، وقد أخذت أجهزة الدولة الأمر مأخذ الجد حتي أنه في أقل من 48 ساعة تم استرداد ما يقرب من 200 ألف فدان من أراضي الدولة المغتصبة ، بالإضافة الي الآلاف من طلبات توفيق الأوضاع التي قدمت للجهات المعنية .

اذن عندما تتوافر الإرادة ويتبعها إدارة يتم انجاز أي مهمة .

 

مقدمة كان لابد منها ونحن نتناول قضية لا تقل خطورة عن سرقة أراضي الدولة وهي قضية التوك توك في مصر .. تلك القضية التي استهان بها الجميع وتركها حتي استفحل خطرها وباتت تهدد أمن وأمان المواطنين .

في التوك توك تتم كافة الرذائل .. وبالتوك توك تمارس كافة الجرائم ، ففي أقل من أسبوع شهد الشارع المصري حوالي 500 جريمة لسائقي التوك توك تتنوع ما بين قتل واغتصاب وتحرش وسرقة وتوزيع مخدرات ، في ظل غياب أمني وقانوني وتشريعي عن تلك الجرائم .

                                                (قتل مع سبق الإصرار)

كلنا يتذكر بالأمس القريب جريمة قتل أمين شرطة في وضح النهار أمام محطة مترو فيصل بمنطقة بولاق الدكرور حيث أكد شهود العيان وتحريات الشرطة بعد ذلك أن المتهمين كانوا يستقلون توك توك ويتابعون المجني عليه ، وفي مكان الحادث نزلوا من التوك توك وأطلقوا عدة أعيرة نارية من سلاح آلي كانت كفيلة بقتل أمين الشرطة وفروا هاربين أيضا عن طريق التوك توك الذي اختفي عن الأنظار وتاه وسط مئات التكاتك التي لا تحمل أي لوحات معدنية كما نعلم وتعلمون جميعا .

                                                  ( خطف واغتصاب )

وواقعة أخري حدثت في الفيوم عندما اختطف سائق توك توك طالبة كانت قادمة من مدرستها الي المنزل واتجه بها نحو الزراعات واغتصبها ، ثم قتلها خوفا من افتضاح أمره .

وقضية ثالثة حدثت وتحدث حيث استغل بعض الأشقياء وتجار المخدرات التكاتك لتكون ” دولابا ” لتوزيع كافة أنواع المخدرات وتظهر الصورة جلية في مناطق بولاق الدكرور وحدائق القبة ، والشرابية ، والزاوية الحمراء .

آلاف من الجرائم ترتكب عن طريق التوك توك والفاعل مجهول لأنه وكما ذكرنا جميع التكاتك ” شكل واحد .. لون واحد ، بدون لوحات معدنية يمكن أن تميز الواحد منها عن الأخري ” وللأسف هذه الجريمة المستمرة تتم ليل نهار أمام أعين كافة المسئولين في الدولة من رجال أمن ونواب في البرلمان ووزاراء ، وهنا فإن الأمر يبدو واضحا وجليا وهو غياب العنصرين الأساسيين لإنجاز أي عمل كما سبق وأوضحنا وهما توافر الإرادة وبالتالي الإدارة .

                                                ( جريمة في حق الطفولة )

لم تتوقف جرائم التوك توك علي الشق الجنائي والإعتداء علي الأرواح والأنفس ، بل تعدتها لما هو أخطر من ذلك ويؤثر علي مستقبل الأجيال القادمة ، حيث أدي سهولة الكسب السريع عن طريق قيادة التوك توك الي تسريب آلاف الأطفال من التعليم واللجوء للتوك توك لتوفير المال بأقل جهد وامكانيات ، بالإضافة الى عدم خبرتهم فى العمل كسائقين على التوك توك مما يؤدى الى مزيد من الحوادث ، أضف الي ذلك ما هو أخطر وهو هجر الصنايعية والحرفيين للمهن التي يعملون بها وقيامهم بالعمل علي التوك توك ، حيث يمكن من خلاله توفير المال بأقل مجهود وأعلي من يومية الصنايعي ضعفين أو ثلاثة ، لتخسر مصر بذلك عنصر مهم من عناصر الإنتاج وهو العمالة الماهرة التي كانت تميز مصر عن سائر بلدان العالم ، مما يؤثر بلا شك علي دوران عجلة الإنتاج ودعم اقتصاد البلاد .

                                                         ( أم الجرائم )

وعلي الرغم من أن جرائم التوك توك السابقة خطيرة ومؤثرة جنائيا واقتصاديا واجتماعيا ، الا أن الظروف الإقتصادية التي تمر بها مصر تجعل جريمة عدم ترخيص التوك توك هي أم الجرائم ، ففي الوقت الذي تسعي فيه وزارة المالية ومصلحة الضرائب الي تكبيل المواطنين وارهاقهم بضرائب متتالية ، ناهيك عن كارثة غلاء الأسعار وضعف الأجور وحاجة الدولة لكل جنيه لسد العجز في الموازنة العامة يرتكب ويشارك المسئولين في جريمة إهدار عشرات المليارات سنويا يمكن أن تحصلها الدولة من رسوم ترخيص التكاتك والتأمين الإجباري عليها كما يحدث مع السيارات الأجرة والملاكي والنقل ، لا سيما اذا ما علمنا أن عدد التكاتك الآن وصل في مصر لأكثر من 3 ملايين توك توك طبقا لإحصائيات الإدارة العامة للمرور ، والتي غالبا لا ترصد العدد الحقيقي الذي يعمل في شوارع وحواري وأزقة المحافظات .

ونسترشد هنا بالتصريح الذي أدلى به العميد أيمن الضبع بإدارة نظم معلومات المرور وأمين عام المجلس القومى للسلامة على الطرق منذ أكثر من عامين ونشر في وسائل الاعلام وقتها، أن مصر بها 2.1 مليون “توك توك”، وقوله بأن مشكلة ” التوك توك” الجنائية أكبر من مشكلته المرورية أو الحوادث التي يتسبب فيها على الطرق ..

كما كشف الضبع أن 87 ألف “توك توك” فقط هم الذين حصلوا على تراخيص ، والباقي يعمل بطريقة عشوائية، لافتا إلى أن المشكلة هي دخول التوك توك إلى مصر من الأساس والذي بدأ منذ عام 1997 .

                                                                 (  صناعة محلية )

ثلاثة ملايين توك توك يسيرون بدون لوحات معدنية .. بدون رسوم تأمين إجباري لحماية وتعويض المواطنين عن الحوادث التي يرتكبها ، بدون رخصة للتوك توك ، أو لسائقه .. تخيلوا الكم الهائل من المليارات المهدرة سنويا علي الدولة بسبب غياب إرادة المسئولين عن حل هذه المشكلة الخطيرة .

وعلي الرغم من قرار وقف استيراد التوك توك ، الا أن الباب الخلفي لمخالفة أي قانون أو قرار يظل موجودا دائما ، حيث يتم التصنيع المحلي واليدوي داخل مصر  وهو أمر من السهولة بمكان لدي العاملين في مجال سمكرة السيارات ، وهو ما يزيد المشكلة تعقيدا وسنجد آلاف من التكاتك الجديدة تظهر في الأسواق رغم وقف الإستيراد .

                                                                  (  البيت والمدرسة )

كيف يمكن أن نقضي علي خطر التوك توك في مصر سؤال توجهنا به الي اللواء أسامه الطويل مساعد وزير الداخلية الأسبق الذي بادرنا بقوله أن المشكلة الأساسية التي يغفل عنها الجميع هي غياب القدوة في البيت والمدرسة ، ماذا ننتظر من طفل مشرد .. والديه منفصلين إما بالطلاق أو الهجر أو أشياء أخري .. ماذا ننتظر من أسرة مفككة لم تزرع القيم أو المبادئ لدي أبنائها ؟ يستوي في ذلك الأسرة الفقيرة والغنية ، أضف الي ذلك المستوي التعليمي المزري في مصر ، والذي انحدر بالعملية التعليمية الي أسفل سافلين ، فشاهدنا التلميذ يضرب أستاذه ، والطالبة تقيم علاقة غير سوية من مدرسها ، وولية أمر تتهم مدرس ابنها بالتحرش بها جنسيا ، لأنه لم ينساق لرغباتها الشهوانية ، وعشرات من الجرائم التي أفرزت لنا تلاميذ وطلاب فاشلين دراسيا وخلقيا واجتماعيا .

وتسائل اللواء الطويل ما ننتظر من شباب نشأوا في هذا المناخ التربوي السيئ ، بالتأكيد سيلجأون الي طرق غير سوية كشرب المخدرات والتحرش بالبنات وأسهل وسيلة لتحقيق تلك الرغبات العدوانية هي العمل علي توك توك وهي أسهل وسيلة للكسب وتحقيق الرغبات المكبوته في ظل غياب الرقابة من الدولة .

وقال لا يمكن أن نحمل الأمن المسئولية الكاملة عن جرائم التوك توك ، فجميع الجهات المعنية تتحمل المسئولية .. هي مسئولية دولة وليس جهة معينة ، وبدون وجود رغبة صادقة لعلاج هذا الخلل ، سوف تتفاقم المشكلة وتصل لحدود خطيرة سيدفع ثمنها المجتمع بالكامل .

وأضاف مساعد وزير الداخلية : أن هناك تعديلات أجريت علي قانون المرور الجديد الصادرة فى 2014، والتى أكدت على ضرورة  إخضاع ” التوك توك” لمنظومة السيارات والترخيص له،  الا أنه وحتي الآن لم يتم الإعلان عن توقيت البدء فى إجراءات الترخيص التى ستشمل التأمين إجباريا عن مسئوليته المدنية عن الأضرار التى قد تلحق بالغير.

                                                           ( الحوادث المجهلة )

وتعجب محمد وجيه المدير العام لصندوق التأمين الحكومى من أن الصندوق يقوم بتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع والمعروف باسم “صندوق الحوادث المجهلة”، والتعويض عن مثل تلك الحوادث ، فى الوقت الذى لا يخضع التوك توك لأي غطاء تأميني .

 

                                                            (   ضرر لابد منه )

ومن جانبه أكد الدكتور مهندس عماد عبد الفتاح أستاذ هندسة الطرق والمرور والمعار للكويت أن مصر تأخرت كثيرا في ضبط الشارع وتسيير المركبات وأنها تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تعاني سياراتها من حالة متردية بسبب حوادث الطرق ، مشيرا الي أن التكاتك وباء ابتليت به مصر بسبب بعض المسئولين السابقين الذين استوردوها من الخارج لتحقيق الملايين ولم يعبأ بما يمكن أن تسببه من مشاكل مرورية واجتماعية علي المجتمع .

وقال التوك توك أصبح أمرا واقعا لا مفر منه ، ويبقي أن ننظم سيره في الشارع ونقنن وضعه وإدراجه ضمن منطومة السيارات التي تعمل في مصر ، وضرورة ترخيص كافة التكاتك والتأمين الإجباري عليها ، وتحديد أماكن سير لها لا يجب أن تتعداها لتقليل نسبة حوادث السير .

                                                 (  8 محافظات بدون ترخيص )

كان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد أصدر تقريرا في وقت سابق أكد فيه أن عدد التكاتك المرخصة على مستوى الجمهورية يقدر بـ 85294 توك توك، وأن كافة تكاتك القاهرة والإسكندرية بلا ترخيص واحد، وأن محافظة الدقهلية الأعلى ترخيصا للتكاتك بعدد 20582 توك توك، بينما احتلت محافظة بنى سويف أقل عدد فى الترخيص للتكاتك بعدد 25 توك توك.

أكد التقرير الذي أصدره ” المركزي للتعبئة ” فى مايو 2016 بخصوص عدد المركبات المرخصة عام 2015 أن مصر بها 8.6 مليون مركبة مرخصة من سيارة ملاكى بأنواعها وأتوبيسات وشاحنات وموتوسيكلات وتكاتك وجرارات زراعية، وأن فئة المركبات الأخرى التى تضم التكاتك والموتوسيكلات والجرارات الزراعية بلغت عدد 2.7 مليون مركبة بنسبة 31.6% من إجمالى عدد المركبات المرخصة فى مصر.

وأوضح التقرير أن عدد الموتوسيكلات المرخصة بلغ 2.6 مليون، والجرارات الزراعية المرخصة 17630 جرارًا، والتكاتك 85294 توك توك فى عام 2015 مقارنة بـ 74231 توك توك مرخص عام 2014، وأن عدد التكاتك المرخصة فى الوجه البحرى بلغ 59704 توك توك مقابل 25592 توك توك فى الصعيد.

وأكد التقرير أنه يوجد 8 محافظات لا يوجد بها تكاتك مرخصة نهائيا تضم القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس والأقصر ومطروح والوادى الجديد والبحر الأحمر، وأن الدقهلية كانت الأعلى فى الترخيص للتكاتك تلاها محافظتى الجيزة وأسيوط، بينما جاءت بنى سويف والإسماعلية والفيوم الأقل ترخيصا للتكاتك.

اترك رد

%d