بعد استخدام تقنية "خط المرمى" في مونديال البرازيل، قرر الفيفا السماح باستخدام الفيديو لمساعدة الحكام، في خطوة يعارضها كثيرون ويراها البعض نهاية كرة القدم. لكن هناك أيضاً من يؤيد تلك التقنية، رغم المخاطر التي تحملها.
بعد سنوات من الجدل حول استخدام الفيديو لمساعدة الحكام في قراراتهم أثناء إدارة المباريات، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في اجتماعه بكارديف في إنجلترا السبت (الخامس من آذار/ مارس 2016) السماح باستخدام تقنية مساعدة الحكام عبر الفيديو في مرحلة تجريبية لمدة سنتين على الأقل.
ورغم أن هذه التقنية مطبقة منذ سنوات طويلة في كثير من الألعاب، مثل الهوكي وكرة السلة وغيرهما، إلا أنها لم تستخدم لحد الآن في كرة القدم باستثناء المنافسات المحلية في هولندا والبرازيل. وهناك كثيرون، وعلى رأسهم ميشيل بلاتيني، رئيس الإتحاد الأوروبي لكرة القدم والموقوف حالياً لمدة ست سنوات، يعارضون بقوة استخدام الفيديو عند الخلاف حول قرارات الحكام. وكان بلاتيني يردد في كل مناسبة دائماً: "المراقبة بالفيديو هي نهاية كرة القدم"، حسب ما ذكر موقع صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" الألمانية. ويتساءل بلاتيني: "لماذا يجب إدخال تقنية مراقبة الفيديو رغم أن الأمور تسير بدونها في عالم كرة القدم حتى الآن؟"
وقبل قرار السماح باستخدام الفيديو، تمت الاستعانة بتقنية "عين الصقر" في كأس العالم بالبرازيل عام 2014 لأول مرة في نهائيات كأس العالم، بعد الموافقة عليها عام 2012. ورغم السماح بتقنية "خط المرمى"، إلا أنه مجرد سماح وليس فرضاً. وتم ترك المسألة لمنظمي البطولات المختلفة لاستخدام أو عدم استخدام هذه التقنية.
ولم يجد استخدام "عين الصقر" استجابة كبيرة في الدوري الألماني في البداية بحجة أنها تقنية مكلفة وأن الحاجة إليها تكون في مرات قليلة معدودة في العام. لكن ما وقع في نهائي الكأس بين دورتموند وبايرن ميونخ عام 2015، حينما لم يحتسب الحكم هدفاً لدورتموند، ليفوز بعدها بايرن بالكأس، دفع المسؤولين في البوندسليغا إلى استخدام مراقبة خط المرمى بالفيديو في الموسم الحالي.
مدرب المنتخب الألماني، يوآخيم لوف، أبضاً من بين المعارضين لاستخدام الفيديو في قرارات الحكام، رغم أنه كان من المؤيدين لاستخدام تقنية خط المرمى في البرازيل. كما كان أيضاً فولفغانغ نيرسباخ، الرئيس السابق للاتحاد الألماني لكرة القدم، من المشككين في جدوى استخدام الفيديو، إذ قال، بحسب موقع "فرانكفورتر ألغماينه": "كم من المرات قمنا فيها بتكرار مشاهدة لقطة باستخدام جهاز التلفاز، وما نزال حتى الآن نختلف مع بعضنا عما إذا كان الخطأ وقع خارج أم داخل منطقة الجزاء، أو أن اللاعب كان متسللا أم لا؟"
ويخشى رافضو استخدام الفيديو لمساعدة قرارات الحكام أيضاً من من توقف المباراة لفترات قد تستغرق دقائق، وهذا بدوره قد يؤثر على سيرها. كما أن هذا من شأنه أيضاً أن يضعف من هيبة الحكام أمام الفريقين.
نقاط مؤيدة .. ولكن؟
وبالنظر إلى ألعاب أخرى، مثل الهوكي، فإن المراقبة بالفيديو مسألة مطبقة في اللعبة منذ نحو عشر سنوات وكان لها دور مؤثر في مباراة بين ألمانيا وإسبانيا في كأس العالم للهوكي الذي أقيم في ألمانيا. ويقول الألماني كريستيان بلاش، أحد أبرز حكام الهوكي: "المهم أن يكون حكم الفيديو جزءاً من طاقم التحكيم ولا يتدخل إلا في قرارات الأبيض أو الأسود (التي لا لبس فيها) وعليه ألا يقدم قرارات تفسيرية".
ويحق لكل فريق في الهوكي حالياً الاعتراض من أجل استخدام الفيديو مرة واحدة في كل شوط. ويؤكد بلاش أنهم في الهوكي كانوا يتلقون دائما مساعدات مهمة عبر الفيديو، لكنه يحذر من مخاطر المبالغة في اللجوء للفيديو، ويقول إن من الواجب ألا يتم اللجوء إلى الفيديو إلا في النقاط المهمة جداً.
ويقول هيربرت فاندل، عضو لجنة التحكيم في الاتحاد الألماني لكرة القدم: "علينا أن نجمع خبرات من الهوكي، فالقرارات الناتجة عن المراقبة بالفيديو لا يمكن أن تكون صحيحة بنسبة مائة في المائة. مع ذلك يجب تسهيل الأمر لحكم الفيديو ليتدخل وإلا فسيبقى القرار في يد حكم الساحة".
في ألمانيا، يريد المؤيدون لاستخدام الفيديو في مرحلة تجريبية أن يكون حق الاعتراض ليس مكفولاً للفريقين وإنما يكون حقاً للحكم ومساعديه وحكم الفيديو، لمراجعة قراراتهم ويقتصر فقط على حالة الأهداف وضربات الجزاء والطرد. وهذه مسألة لن تعجب الأندية بالطبع لكنها ذات مغذى من وجهة نظر حكم الهوكي بلاش "لأن الفيديو قد يتحول بسرعة إلى تكتيك (تستخدمه الأندية)".
ويقول بيتر بيندرس، المحرر الرياضي بـ"فرانكفورتر ألغمانيه"، إن استخدام تقنية الفيديو في كرة القدم "لن تكون نهاية كرة القدم على كل حال". ويؤكد كلامه مستشهداً بقول كريسيتان زايفَرت، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم: "إذا لم يستطع الفيفا الإجهاز على كرة القدم، فإن تقنية الفيديو لن تقدر أيضاً على ذلك".