الخميس, 21 نوفمبر, 2024 , 7:10 م

الإرهاب والأقباط في مصر .. ( ظلمناكم وأبكيناكم كثيراً ) 

%d8%ad%d8%b3%d9%86-%d8%b5%d8%a7%d8%a8%d8%b1-55

 

بقلم دكتور/ حسن صابر

 

فجر الإرهابيون ستة من رجال الشرطة . . تكرر نفس السيناريو الذي يحدث في كل جريمة مماثلة . . تجميع أشلاء القتلى . . إغلاق المنطقة وعمل مسح لها لإكتشاف أية قنابل أخرى لم تنفجر . . النائب العام  يوفد المحققين ويكلف رجال الشرطة برفع كل الأدلة . . الجنازة . . بالروح بالدم نفديك يا شهيد . . هذه هى هتافات المشيعين . . أقارب القتلى يبكون ، ويتكئون في مشيتهم على الأصدقاء . . النساء يتشحن بالسواد . . يدفن الشهداء . . ينصرف الجميع بعد ذلك لحياتهم . . وفي المساء يشاهد الناس تفاهات وسخافات نفسنة ، برنامج تتنافس فيه المقدمات على التعري ، وعلى إستخفاف الدم ، وتوجيه العبارات البذيئة ذات الإيحاءات الجنسية الرخيصة والتي يمكن أن تحدث في غرزة لتقديم المخدرات لا في قناة القاهرة والناس والتي من المفترض أنها قناة محترمة ، بعد ذلك ينصرف الناس الى متابعة مباريات الكرة ، ومشاغبات مرتضى منصور وتهديداته وشتائمه لخصومه . . هكذا تمضي الحياة في مصر .

33

وقد إعتدت ألا أكتب عن الوقائع والأحداث عندما أكون منفعلاً ، ولا أحب أن أسابق غيري في الكتابة عن حدث وقع لازال غباره هائجاً ثائراً ، وأفضل أن أنتظر قليلاً حتى تتضح الأحداث وتهدأ . . لكني في هذه المرة لم أنتظر طويلاً ، حيث وقع تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة بعد ساعات قليلة من جريمة تفجير رجال الشرطة . . بلغ عدد القتلى 25 قتيلاً ، بالإضافة إلى عشرات المصابين ، وكانوا كلهم يصلون صلاة الأحد في الكنيسة . . سيتكرر نفس السيناريو ، ثم  بعد أيام قليلة سننسى ما حدث ، ونعيش حياتنا التافهة التي لا ننجز فيها أي شئ سوى أن نستهلك ما نستورده من دول العالم . . وسنعود للشكوى من الغلاء وعدم توافر الأدوية والمحاليل ، ويستمر نزيف الدم في الحوادث التي تقع يومياً على طرقنا وشوارعنا . . لكن الجريمة هذه المرة حدثت داخل كنيسة لإثارة الفتنة الطائفية التي ترقد تحت الرماد تنتظر الإشتعال ، الضحايا كانوا يصلون في الكنيسة ، ومعظمهن من النساء والأطفال . . ألمح على نعوشهن بعض الأسماء . . نادية . . صباح . . جيهان ، سهير . . أنصاف  . . نيفين . . سامية . . عطيات . . مادلين . . عايدة . . إيمان . . أماني . . مارسيل . . روجينا . . ونيفين مرة أخرى . . مارينا . . فيرونا . . سعاد . . المشاعر ملتهبة . . الغضب يملأ كل البيوت في مصر . . ما ذنب هؤلاء حتى تفجر أجسادهن وهن يصلين في بيت من بيوت الله . . الأحداث تمضي بسرعة ، هل سيحدث تغيير . . أسمع الآن القداس والصلوات على أرواح كل الضحايا . . حزين جداً صوتك أيها الأسقف  . . يا من تتلو الصلاوات لِتُنَوِّحَ أرواح الأبرياء . . ألمح الدموع في عينيك ونيافتك تتلو الصلاوات أمام الأجساد الطاهرة . . وصل البابا تواضروس ليقود الصلاة . . الحزن يعتصر الرجل . . بالكاد تحمله ساقاه ، ينحني فوق عصاه ليخفي وجهه الذي غسلته الدموع حزناً على بناته وأبنائه . . الشماسون الذين كنت أراهم يحتفلون ويغنون في الأعياد أراهم الآن يرتلون صلوات حزينة . .  وألمح وجوه أقارب الضحايا ، الحزن يكاد يقتلهم ، يلتمسون الصبر والراحة في تلاوة الصلاة ، لكن قدراتهم البشرية على الصبر لها حدود . . أسمع صرخات سيدة تنتحب وتصرخ ، حتى سَمِعَتْ اسم القديسة مريم فهدأت صرخاتها قليلاً . . والله اشهد ان اقباط مصر قد ظلموا كثيراً في هذا البلد منذ ظهرت فيها الأصولية والوهابية وتمكنت من عقول الشباب فحولتهم إلى وحوش لا تفكر ، تسفك الدماء بمشاعر باردة وسعادة سادية ، كم من مذابح حدثت لهم ، وكم من حريق أُشْعِل في كنائسهم . . يارب أنا مسلم لوجهك الكريم ، لكني أدعوك أن تحمي هؤلاء الأقباط المظلومين ، وأن تمنع عنهم الظلم وجهل فئة من البشر ينتسبون للإسلام ، محسوبون علينا مسلمين ، وهم أبعد ما يكونوا عن مبادئ وتعاليم الإسلام . . لا ألتمس الأعذار لنا فنحن ظالمون وقتلة وسفاحون وسافكون لدمائهم الطاهرة . . يارب إني أدعوك إما أن تطهرنا من هؤلاء المجرمين المنتسبين إلى الإسلام ، أو تأخذنا جميعاً أخذ عزيز مقتدر ، فما ذنب هؤلاء الأقباط المستضعفين الذين يقفون الآن أمام نعوش بناتهم وأبنائهم يصرخون ويبكون . . تحولت صرخاتهم إلى زغاريد وهم يزفون بناتهم وأبنائهم إلى السماء ليحتفلوا مع الله بعيد الميلاد . . ميلاد السيد المسيح .

11

لتبقى الأرض فقط للطيبين ولصانعي الخير والحضارة .

 

                           وللحديث بقية

اترك رد

%d