روسيا ترفض .. وفرنسا تندد .. وهولندا تدين .. والبرلمان الأوربي يعتبره تدخلا سافرا في شئون الدول
اسكندر : هذا القانون يجر مصر الي نفس مصير السعودية وهدفه الصاق تهمة الإرهاب بالعرب
عجمي : ” جراب ” أمريكا اصبح خاويا وتسعي لدعمه بأموال خليجية
فريد : الكونجرس يطبق نظرية بوش وهي أن ” ما يصلح لأمريكا لابد أن يصلح للعالم ”
تقرير – خالدعبدالحميد
ما زالت أصداء قرار الكونجرس الأمريكي برفض الفيتو الذي تقدم به الرئيس باراك أوباما اعتراضا علي قانون جاستا والتهديد بمقاضاة المملكة العربية السعودية بعد اتهامها في أحداث 11 سبتمبر الإرهابية التي وقعت في أمريكا تلقي بظلالها في مختلف دول العالم وخاصة الدول العربية باعتبار أن هذا القانون يعد مؤشرا خطيرا يهدد استقرار وتعاملات الدول مع بعضها البعض ، ويفقد الثقة في الدول الغربية . ولمن لا يعرف فإن قانون جاستا الأمريكي يعني “JASTA العدالة ضد الارهاب”، والذي أُثير حوله حالة من الجدل واعتبره محللون سياسيون ورقة ضغط أمريكية على المملكة العربية السعودية، ردا علي مواقفها خلال السنوات الماضية وخاصة دعمها لمصر بعد ثورة 30 يونيه ، وهو ما يختلف مع ما أعلنه الكونجرس عن طبيعة القانون.
وفور رفض الكونجرس لفيتو أوباما اصدرت عدة عواصم عربية وأوروبية بيانات إدانة للقانون الأمريكي واعتبرته سابقة خطيرة تهدد معاملات الدول وتنتقص من سيادة الدول واستقلالية قراراتها .
حيث أكدت الخارجية المصرية أن مصر تشعر بالقلق وتتابع باهتمام القرار الصادر عن الكونجرس الأمريكي برفض حق الاعتراض الذي مارسه الرئيس أوباما على قانون جاستا وتأثيراته المحتملة على مسار العلاقات الدولية خلال الفترة القادمة ، بالإضافة الي إدانة فرض القوانين الداخلية على دول أخرى.
وأعلنت البحرين مساندتها للمملكة العربية السعودية، وحذرت فى تصريحات علي لسان وزير خارجيتها خالد بن أحمد الخليفة أن قانون «جاستا» سيرتد على واشنطن نفسها وستشرب من نفس الكأس. وأن قانون ” جاستا ” يعد سهما أطلقه الكونجرس الأمريكى على بلاده .
كما أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة القانون وأعربت عن قلقها الشديد من تداعياته واعتبر وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد هذا القانون يتعارض مع قواعد المسئولية واختراقا لمبدأ السيادة التى تتمتع بها الدول ، ويمثل خرقا واضحا وانعكاسات سلبية خطيرة .
كما أصدرت رابطة العالم الإسلامي بيانا شجبت فيه هذا القانون واعتبرته تهديدا لإستقرار النظام الدولى، ويلقى بظلال الشكوك على التعاملات الدولية، إضافة إلى ما قد يحدثه من أضرار اقتصادية عالمية، وسيشكل سابقة خطيرة فى علاقات الدول .
معظم المحللون العرب والغربيون انتقدوا هذا القانون والذين وصفوه بالمشبوه لأنه يقر مبدأ التدخل في شئون الدول الداخلية ويفرض قوانين داخلية علي دول أجنبية وهو ما يعد مؤشرا خطيرا يهدد الأمن والسلم العالمي حيث طالب الدكتور ابراهيم النحاس أستاذ الإستيراتيجية والعلوم السياسية بجامعة الملك سعود المملكة بأن تكون أشد حزما وحسما في ردها علي القانون الأمريكي وأن يتم سحب جزء من أموال واستثمارات السعودية من أمريكا وضخها في دول أخري ، لا سيما أن هناك بالفعل من اقارب ضحايا أحداث أيلول الأسود من بدء في إجراءات إقامة دعاوي قضائية ضد المملكة استنادا الي هذا القانون
مشيرا الي أن نار هذا القانون سيحرق أمريكا قبل الأخرين لأن الدول الحليفة والصديقة لأمريكا ستعيد تقييم أمورها واعادة النظر في التعامل معها ، بما يمكن أن يهدد مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية
وأضاف النحاس أن المملكة العربية السعودية تكتوي بنار الإرهاب كبقية الدول المضارة وأن أحداثا إرهابية وقعت في المدينة مؤخرا تؤكد كذب مزاعم القانون الأمريكي المشبوه الذي يحاول الصاق تهمة الإرهاب بالمملكة .
وقال أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ستتأثر بشدة بعد اقرار هذا القانون من الكونجرس الأمريكي وحتما ستتوقف أي استثمارات سعودية جديدة مستقبلا في امريكا .
المستشار عادل اسكندر رئيس جمعية الصداقة المصرية الكندية أكد أن إقرار قانون جاستا ليس معناه الاستيلاء علي فلوس السعودية والحجز علي أرصدتها في البنوك والمصارف الأمريكية ، ولكن القانون يسمح فقط بالرجوع علي الحكومة السعودية لدفع التعويضات لأهالي الضحايا ، وهذا أمر سيطول في المحاكم الدولية وسيحتاج الي أدلة واثباتات ومحامين دوليين
وأضاف اسكندر أن ما تهدف اليه الولايات المتحدة من هذا القانون ليس أموال السعودية بقدر ما هو الصاق تهمة الإرهاب بالمملكة وإثبات أن السعودية دولة داعمة للإرهابيين ، وهذا هو سر انتفاضة المملكة ضد هذا القانون ، حيث اكتشفت أن هناك رأي عام داخل الكونجرس وبعض الدوائر السياسية الأمريكية في توريط السعودية في مستنقع الإرهاب ولم تنسي تنظيم القاعدة وجنسية أسامه بن لادن وهي الأوراق التي قد يتم استخدامها لتشويه صورة المملكة في العالم وتحقيق ما ترمي إليه .
واستبعد المستشار عادل اسكندر أن تستولي أمريكا علي اي مستحقات مالية سعودية قبل صدور حكما واضحا من القضاء .
ولفت رئيس جمعية الصداقة المصرية الكندية الي نقطة مهمة تتعلق بمصر وهي أن هذا القانون قد يجر مصر الي نفس مصير السعودية ويفتح الباب أمام مقاضاة الحكومة المصرية لان أحد المتهمين في أحداث سبتمبر كان يحمل الجنسية المصرية
وأضاف : أعتقد ان قانون جاستا قانونا انتخابيا يتم توظيفه لصالح أحد المرشحين في انتخابات الرئاسة الأمريكية
النائبة غادة العجمي عضو مجلس النواب أكدت ان الجميع أمام القانون سواء واذا طبقت أمريكا هذا القانون علي السعودية أو غيرها من الدول ،فيجب أن يطبق عليها أيضا ، مشيرة الي أنه وبعد فشل مؤامرة الربيع العربي يبدو أن ” جراب ” أمريكا اصبح خاويا وتسعي لدعمه بأموال خليجية .
وقالت : اذا كانت أمريكا تلعب بورقة أسامه بن لادن باعتباره سعودي ، فإن المملكة قد اسقطت جنسته منذ فترة طويلة ، لأنه كان يمثل تهديدا لأمن المملكة ذاتها وليس أمريكا فقط ، وقيل أن تنظيم القاعدة هو بالأساس صناعة امريكية كما أن داعش صناعة أمريكية .
وأبدت العجمي استغرابها من أنه عند ادانة فرد علي تصرفاته الشخصية يتم مسائلة الدولة والحكومة رغم عدم ضلوعها في تلك التصرفات وهو مبدأ غير مقبول ويهدد العلاقات بين الدول بعضها البعض.
الدكتور هشام فريد المتحدث الرسمي لإئتلاف 32 للمصريين بالخارج استنكر صدور هذا القانون عن الكونجرس الأمريكي واعتبره تدخلا في شئون الدول ، مطالبا المجتمع الدولي بأن يواجه البلطجة الأمريكية والتي تطبق النظرية التي اطلقها جورج بوش الإبن وهي أن ” ما يصلح لأمريكا لابد أن يصلح للعالم ”
وأضاف أن إقرار هذا القانون يمثل سابقة خطيرة ستجعل دولا تمنح لنفسها نفس الحق الذي منحته أمريكا لنفسها بمقاضاة دولا عن تصرفات أحد رعاياها ، وتطبيقا لهذا القانون من حق اليابان مقاضاة الولايات المتحدة الأمريكية علي ضربها هيروشيما ، ومن حق فيتنام مقاضاة أمريكا ، ومن حق الحكومة المصرية مقاضاة قطر لتورطها في دعم الإرهاب في مصر .. وهكذا وهو ما سيحول العالم الي حلبة صراع وعدم استقرار.
كان جون برينان مدير المخابرات المركزية الأمريكية قد حذر من تداعيات مشروع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب ” جاستا ” وخطره علي الأمن القومي الأمريكي
وأضاف برينان أن التبعات الأشد ضررا ستقع على عاتق المسئولين الأمريكان الذين يؤدون واجبهم في الخارج نيابة عن بلدهم.
قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكنويل أن رفض الكونجرس فيتو الرئيس أوباما غلطة ستدفع ثمنها امريكا اذا لم يتم تدارك الأمر ، مشيرا الي القانون لم يلتفت الي الجانب السلبي المحتمل وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الرئيس أوباما والوكالات الأمنية الوطنية والحكومة السعودية والدبلوماسيين المتقاعدين والاتحاد الأوروبي جميعهم حذر الكونجرس الأمريكي قبل اتخاذ هذه الخطوة الا ان اعضاء الكونجرس تجاهلوا هذه التحذيرات جميعها واستعجلوا للتصويت الذي أدى إلى إبطال “فيتو” أوباما.
وأضافت نيويورك تايمز أن مشروع القانون يعطي عائلات الضحايا الحق بالمقاضاة وطلب التعويضات، ولكنه بدأ يعقد العلاقة مع السعودية، وأنه يمكن أن يعرض الحكومة والمواطنين والشركات الأمريكية لدعاوى قضائية في الخارج. وأشارت إلى أن عائلات ضحايا هجمات سبتمبر يعتقدون أن ثمة دورا للسعودية فيها، وذلك لأن 15 من أصل 19 من خاطفي الطائرات -الذين هم أعضاء في تنظيم القاعدة- كانوا سعوديين.
واستدركت الصحيفة بالقول إن لجنة أمريكية مستقلة حققت في هجمات سبتمبر ولم تعثر على أي دليل بأن الحكومة السعودية أو مسؤولين كبارا فيها قاموا بتوجيه أو تمويل الإرهابيين الذين نفذوا الهجمات.
مسئولون في السعودية يرون أن “جاستا” يمثل تصعيدا خطيرا من شأنه إعادة الحسابات في مستوى العلاقات العتيدة بين البلدين في ملفات أمنية واقتصادية. وخلال زيار
ته لأنقرة، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف إن “الاستهداف واضح ولا يختلف عليه اثنان. ولا نستطيع أن نقول لهم لا تستهدفونا، لكن المهم أن نحصّن أنفسنا قدر الإمكان”.
لكن تعليقات المسؤولين السعوديين لا تعطي حتى الآن تصورا عما يمكن أن يكون عليه رد فعل الرياض تجاه القانون.
وقال محللون سعوديون أن لدي المملكة عدة خيارات للرد علي هذا القانون منها تخفيف التعاون الأمني بين الجانبين، والذي شهد تناميا وتنسيقا عاليا في السنوات الماضية خصوصا في مكافحة الإرهاب.
أيضا بإمكان المملكة تقليص التعاملات التقليدية في الاستثمار والتجارة، والاعتماد على منتجات دولية ومحلية، وهو أمر مبرر بعد أن “فقدت العلاقات بين البلدين وديتها ومرونتها”.
أيضا يمكن أن تتخذ الرياض قرارات أكثر تشددا بسحب أرصدتها من المصارف الأمريكية
واعتقد المحللون أن أولي خطوات الرد قد بأتها المملكة بالفعل وهو استمار النهج السعودي في تنويع شراكاتها وتحالفاتها الدولية والتي أثارت الحساسية الأمريكية في السابق وربما كانت سببا في اللجوء إلى هذا القانون للابتزاز ومحاولة السيطرة، فالاتجاه شرقا وشمالا يعني مزيدا من بناء الجسور مع القوى العالمية العريقة والصاعدة”.
وقد تتجه السعودية إلى مواصلة تنويع سلتها الاستثمارية وعلاقاتها التجارية والتركيز أكثر على العالمين العربي والإسلامي والاقتصادات الكبرى، “وهنا تبرز العلاقات الإستراتيجية مع تركيا واليابان والهند وكوريا والصين وإندونيسيا كنموذج لهذا التوجه”.
وعلي الصعيد الدولي اعتبرت وزارة الخارجية الروسية، أن الكونجرس الأمريكي أظهر مجدّداً استخفافه المطلق بالقانون الدولي، ولجأ إلى “الابتزاز القضائي” عندما أقرّ قانون “جاستا”.
وقالت الوزارة في بيان “أظهرت واشنطن مجدّداً استخفافها المطلق بالقانون الدولي عندما شرعنت إمكانية رفع دعاوى لدى المحاكم الأمريكية قانون “جاستا”
وأضافت “ذلك يأتي في سياق الثقة المفرطة لعديد من السياسيين الأمريكيين، إذ يواصلون توسيع صلاحيات القضاء الأمريكي، لتشمل العالم برمته، دون الأخذ بعين الاعتبار بمبادئ سيادة الدول والعقل
وفي فرنسا قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال إن كل دول الاتحاد الأوروبي تعتبر أن هذا القانون مخالف لمبدأ الحصانة السيادية للدول، التي تؤكد أهميتها محكمة العدل الدولية.
وشدد على ضرورة أن تتفق المعركة ضد الإرهاب مع القوانين المحلية والدولية، مذكراً، من ناحية أخرى، بانخراط فرنسا فى الحرب ضد الإرهاب ومساهمتها بشكل وثيق مع كل شركائها وخاصة الولايات المتحدة فى القضاء على تلك الآفة.
وحذر البرلمان الفرنسي من أن جاستا سيتسبب في “ثورة قانونية في القانون الدولي بعواقب سياسية كبرى”، مضيفا أنه “سيسعى لوضع تشريعات من شأنها أن تسمح للمواطنين الفرنسيين برفع دعاوى قضائية ضد الولايات المتحدة”.
كما رفض الاتحاد الأوروبي القانون واعتبره تعدياً واضحاً على سيادة الدول، ومخالفاً لكل ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة بخصوص حرية سيادة الدول، ومبدأ المساواة بين الدول.
واعتبر البرلمان الهولندي “جاستا ” انتهاكًا صارخاً وغير مبرر للسيادة الهولندية قد تنجم عنه أضرار هائلة”.