بقلم – الدكتور عادل عامر
إن الظروف الحالية أجبرت المستوردين على تخفيض هامش الربح إلى أدنى مستوى وعدم رفع الأسعار أكثر من اللازم لأن السوق المحلية تشهد ركودًا كبيرًا وتراجعًا في مبيعات الملابس؛ لأن المرحلة الحالية تشهد ارتباكًا شديدًا، ولذلك يضطر المستوردون والبائعون إلى تحمل جزء من الخسائر من فارق السعر بالدولار حتى لا تتوقف المبيعات نهائيًا؛ إلى جانب أن ارتفاع أسعار الدولار زاد من أسعار جميع قطع الغيار
والمعدات التي يتم استيرادها من الخارج بشكل تدريجي يتساوى مع ارتفاع سعر الدولار في سوق صرف العملات، حيث زادت نسبة المواد الخام في قطاع الملابس الجاهزة حتى الآن حوالي 30 في المائة منذ ارتفاع الدولار بدءًا من الخيط الذي زاد حوالي 10 في المائة حيث ارتفعت تكلفة بكرة الخيط الواحدة من 5.5 جنيه إلى 6.5 جنية ولنا أن نتصور الزيادة في صنف واحد فما بالنا بالأصناف الأخرى مثل شرائط الحلي التي زادت بنسبة 30 في المائة أما كيس الزراير الواحد فزاد حوالي 15 في المائة أضف إلى ذلك الزيادة في مستلزمات الإنتاج الأخرى
فهل كان انخفاض الجنيه على هذا النحو نتيجة ربما حتمية لانخفاض الاحتياطيات الدولارية مع غياب معونات خليجية كبيرة فى السنة المالية الجارية، خلافا للعام الماضي أم أن هذه خطوات محسوبة تتعلق بمحاولات المركزى تنشيط الاقتصاد المصرى وتهيئة مناخ الاستثمار قبيل مؤتمر مارس المقبل، والمعول عليه كثيرا من جانب الحكومة لجذب رءوس أموال ضخمة تجر الاقتصاد المصرى من تباطئه الشديد منذ ٢٠١١؟
. فإن موجة غلاء ستضرب أسعار السيارات عقب انتهاء شهر رمضان بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه. إن ارتفاع الدولار سيؤثر على أسعار السيارات في الدفعات الجديدة التي ستدخل مصر ولكن هذا التأثير لن يكون أثرا على تجار السيارات، بسبب وجود مشاكل بالفعل في تحويل الدولار. إن ارتفاع أسعار السلع في السوق مرتبط بآمرين الأول سلع إنتاجية محلية خاماتها غير مستوردة من الخارج وبالتالي لا علاقة لها بالدولار وهذه لن تتأثر أسعارها بسعر صرف العملة الخضراء.
أن الأمر الثاني وهو سلع مستوردة يشتريها التجار بالدولار فهذا ينطبق على الواردات من السلع الأمريكية التي إذا تم استيراد أصناف مختلفة منها سواء كانت مواد غذائية أو ألبسة أو غير ذلك ففي هذه الحالة
وفي ظل ارتفاع أسعار صرف الدولار فسيلجأ التاجر لزيادة التكلفة المرتبطة بالدولار على المستهلك المحلي. ظل هناك عنصران رئيسيان متصلان بأثر قرارات تخفيض الجنيه الأخيرة الأول منهما هو فرص نجاح مؤتمر مارس فى إطلاق عملية جذب لرءوس أموال استثمارية فى المدى المتوسط ما يفتح السبيل أمام استعادة النمو والتشغيل من ناحية وزيادة الاحتياطيات النقدية الدولارية وتحسين وضع ميزان المدفوعات من ناحية أخري وهو أمر ينبغى الانتظار للحكم عليه كونه يرتهن بمجمل الوضع السياسى والأمنى فى مصر وقدرة الحكومة على متابعة تبنى الإصلاحات التشريعية والاقتصادية التى يراها رأس المال الأجنبى محل جذب ودليل على الالتزام بتهيئة المناخ اللازم للاستثمار.
وأما العنصر الثانى فهو قدرة السياسات الاجتماعية على امتصاص الأثر التضخمى لتخفيض سعر الصرف والتقليل من آثاره على الفئات والشرائح الاجتماعية الفقيرة أو المعرضة للإفقار، ولا يكون هذا إلا من خلال التوسع فى دعم الغذاء وإعادة هيكلة دعم الوقود بما يكفل بالفعل التقليل من مخاطر خفض مستويات المعيشة للقاعدة العريضة من الطبقات المتوسطة والفقيرة فى الريف والمدن، خاصة وأنه بالتخفيض الأخير فى سعر الجنيه يكون الجنيه المصرى قد فقد حوالى ٢٩٪ من قيمته منذ مطلع ٢٠١١، وهى نسبة ولا شك معتبرة وذات أثر.
هل تتأثر تكاليف السلع المستوردة إذا تم تخفيض الجنيه؟
إن العجز عن تخفيض قيمة الجنيه من شأنه تنفير الاستثمار الأجنبي لسبب بسيط للغاية: إذا كنت تعلم أن العملة التي تشتريها للاستثمار بها مبالغ في تقدير قيمتها، يصبح فعل شراء العملة في حد ذاته إقدامًا على الخسارة. فعلى فرض أنك ترى أن القيمة الحقيقة للجنيه ينبغي أن تكون 10 جنيهات مقابل دولار وأحد لكنك تشتريه بسعر 8 جنيهات للدولار الواحد، فأنت بذلك تعرض نفسك لخسارة فعلية قدرها 25 في المائة قبل أن تبدأ الاستثمار. وهذا عامل كبير في طرد الاستثمار. أما المشكلة الأخرى فهي ضوابط رأس المال في مصر. إذا كانت شركتك تجني أرباحًا لكنك عاجز عن إخراج الأموال من البلد، فالأرباح في هذه الحالة لن تفيدك كثيرًا بصفتك مستثمر أجنبي.
سوف يؤدي هذا على المدى القصير إلى زيادة الضغط على السوق السوداء. وعندما يقترن ذلك بضوابط رأس المال الصارمة التي تجعل عرض الدولار أقل من الطلب علية بالإضافة إلى إعلان الحكومة نيتها تخفيض الجنية سوف يرتفع سعر الدولار في السوق السوداء بفرض أن الجهات الرقابية غير قادرة على السيطرة على الموقف.
ما هو الحل الأمثل لزيادة الصادرات؟
أن زيادة الصادرات المصرية للخارج بمختلف أنواعها هى الحل الأمثل لمواجهة نقص الاحتياطى النقدى وزيادة قيمته. ن الوسيلة الوحيدة لمواجهة عجز الاحتياطى النقدى فى حالة توقف المساعدات الخليجية، هو تهيئة مناخ جيد للاستثمار الداخلى والخارجي لجذب المزيد من رؤوس الأموال لإطلاق مشروعات استثمارية مهمة، توفر فُرَص عمل للشباب وترفع معدل النمو والصادرات المصرية.
أن عمل شركة التخصيم فى مصر يبدأ بالاتصال بنظيرتها فى الدولة التى سيتم التصدير اليها والتى تتفق مع المستورد وتقوم بالتحصيل منه أو اتخاذ الإجراءات التى تضمن أموال الشحنات المُصدَرة وقد تكون الشركتان المصرية والأجنبية لم تعملا معا من قبل لان تلك العمليات تتم بضمان من الهيئة التى تتبعانها حول العالم.لان اللجوء لتلك الشركات يساعد المُصدر فى توفير سيولة حيث يحصل من الشركة على 90 % من قيمة الصفقة نقدا قبل التصدير نتيجة ضمان كل شركة عميلها، أن الأموال التى يحصل عليها المصدر فى هذا التوقيت تؤدى إلى دعمه وزيادة حركته وتوسع نشاطه.
أن عمل تلك الشركات فى مصر يواجه بعض التحديات، أن إحدى تلك الشركات وهى شركة ايجبت فاكتورس تضع حدًا ادنى لعملائها لا يقل عن 40 مليون جنيه وهو رقم كبير نوعا بالنسبة لإمكانيات المصدرين المحليين.لان باقى الشركات تحتاج إلى تنشيط للعمل بفاعلية أكبر، لافتا إلى أن تفعيل تلك الشركات سيساعد المنتجات المصرية على اختراق عدة اسواق واعدة يعزف المصدرون عن التوجه اليها حاليا أن نحو 50 % من المُصدرين لا يعلمون شيئًا عن طبيعة عمل تلك الشركات والفكر الذى تقوم عليه. أنه فى الوقت الذى تحتاج فيه مصر لفتح أسواق جديدة لتسويق وترويج سلعها، نجد أن السوق الأفريقية بها العديد من الفرص التصديرية الواعدة التى قد تظهر ولا يمكن استغلالها لجهل المصدرين بشركات التخصيم وكيفية التواصل معها وما يمكن أن تقدمه من دعم لهم.
أن تشجيع تلك الشركات وتسهيل مناخ عملها فى مصر أصبح ضرورة فى ظل التعنت الذى تمارسه البنوك مع المصدرين وترفض منحهم الاعتمادات اللازمة لاستكمال عمليات التصدير. أن المصدرين يحتاجون التمويل لدعمهم فى اختراق الأسواق الخارجية والاستعانة بشركات الاستشارات وبحوث السوق لتحديد الفرص التى يمكن استغلالها والمنتجات المطلوبة بعناية وفقا لثقافة المستهلكين فى تلك الدول.مع إيقاف استنزاف المواد الخام والثروات المصرية، مطالبا بضرورة وضع اشتراطات تضمن عدم تصدير المواد الخام من مصر إلا بعد إجراء عمليات تحويلية أو وسيطة عليها لا تقل عن مرحلة من مراحل الإنتاج.
أن الحاصلات الزراعية المصرية نتيجة عدم وجود ابتكار وسيطرة الفكر القديم على القائمين على تصديرها فإنها تعانى من تراجع فى نسب تصديرها للخارج، لان السلعة المصرية تُرفَض فى الخارج ولا تقبل إلا بأسعار رخيصة، ولا تخاطب إلا أسواقًا محدودة.
أن السوق الأوروبية تعد أفضل سوق تحقق مزايا لمصر أن السلع المصرية تباع فى بعض دول الخليج بأسعار زهيدة، مع ضرورة وضع برنامج لزيادة خبرات المصدرين وعقد دورات منظمة لهم لإطلاعهم على أحدث التقنيات المعمول بها فى دول العالم. وينتجون المنتج بمكونات مصرية بنسبة 40 % وفقا للاتفاقيات وبقية المكونات غير مصرية حتى يقوموا بعد ذلك بالتصدير، وفقا لبنود الاتفاقيات التى وقعتها مصر.