الجمعة, 22 نوفمبر, 2024 , 1:56 ص

عالم النووي الإيراني ..«غامض» باختياره..اتهم أمريكا باختطافه..وأعدمته طهران بتهمة التجسس

شهرام أميري

شهرام أميري

كتبت: إيمان محمود

أثار خبر إعدام عالم الفيزياء النووي الإيراني، شهرام أميري جدلًا واسعًا بعد أن أعلنت أسرته أن السلطات الإيرانية أعدمته صباح الأربعاء الماضي، ولم تؤكد السلطات الخبر إلا اليوم، حيث قالت إن أميري كان يعمل جاسوسًا للولايات المتحدة الأمريكية.

اختفاء شهرام أميري 
بدأت علاقة أميري بأمريكا منذ أن اختفى في عام 2009 خلال أدائه العمرة في السعودية، وفي عام 2010، قال مكتب رعاية المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة الأمريكية، إن أميري كان مخطوفًا من قبل عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، واستطاع الهرب، وبعد ذلك طلب اللجوء في سفارة باكستان، إلى أن تمت إعادته إلى إيران.

احتفال قصير لـ”البطل القومي”

وعند عودته إلى إيران من واشنطن، استقبل أميري في مطار طهران كالأبطال، وبكل حفاوة وترحيب التفت حوله الكاميرات لتسمع قصة بطلها الذي هرب من أمريكا ولاءًا لبلاده ودون أن يبيع أي معلومات خاصة بالنووي الإيراني، بحسب تصريحاته فور وصوله.

وأطلقت عليه السلطات ووسائل الإعلام الإيرانية لقب “البطل القومي”، وحضر في حفل استقباله مسئولون من وزارتي الخارجية والدفاع.

لكن تلك الاحتفلات لم تستمر طويلًا، حيث اعتقل بعد شهرين من عودته، وقالت وسائل إعلام إيرانية إن محكمة عسكرية بطهران حكمت على العالم النووي بالسجن 10 سنوات، بتهمة “التجسس والتخابر مع العدو وتهديد الأمن القومي”.

[youtube https://www.youtube.com/watch?v=e6iQzAhdNqE?rel=0&w=550&h=300]

إيران تصنع بطل ثم تتهمه بالخيانة

وبعد أن قامت إيران باتهام الولايات المتحدة بخطف عالمها النووي، تحولت الاتهامات إلى العالم نفسه، وقال غلام حسين محسني، المتحدث باسم وزارة العدل، إن “أميري قام بإمداد العدو بمعلومات حساسة للجمهورية الإيرانية”.

رغم أن إيران أكدت مرارًا أن ضلوع أمريكا في اختطاف عالمها وإجباره على الإدلاء بمعلومات تخص برنامجها النووي.

وفي ذلك الوقت زعمت وكالة “فارس” القريبة من الحرس الثوري الإيراني، نقلا عن مسؤول أمني، أن أميري انتقل إلى الولايات المتحدة حسب خطة وضعتها إيران في إطار الحرب الاستخباراتية بين وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وذلك بهدف الحصول على معلومات من الاستخبارات الأميركية، وادعى هذا المسؤول أن أميري زود إيران بمعلومات ثمينة، واصفا الخطة بالانتصار العظيم لإيران.

وقال سعيد جليلي، الرئيس للوفد الإيراني المفاوض حول الملف النووي وأمين مجلس الأمن القومي السابق، في مقابلة مع صحيفة “ديرشبيغل” الألمانية، إن شهرام أميري اختطف خلال زيارة للخارج وأمضى سنة كاملة خارج البلاد والتحقيقات جارية معه بعد عودته لإيران لمعرفة حيثيات ما حدث له.

ولكن بعد فترة من اعتقال شهرام أميري ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن العالم النووي كان خلال فترة إقامته في واشنطن زود الطرف الأميركي بمعلومات خطيرة حول الأنشطة النووية الإيرانية، إلا أنها وصفت تلك المعلومات بأنها لا قيمة لها.

ولكن روايات أميري تعددت وتناقضت، حيث ذكر مرتين أنه كان مخطوفا، ومرة روى أنه ذهب لأميركا للدراسة، كما شهدت رواياته تناقضات حول كيفية هروبه وعودته إلى إيران.

14 شهرًا من الغموض صنعها “بطل النووي”

بدأ التناقضات حول اختفاء أميري عندما سجل أحد الفيديوهات باللغة الفارسية قبل عودته لطهران، قال فيها إنه كان مختطفًا من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وقال إن السي آي إيه اختطفه ووضعته تحت “ضغوط نفسية شديدة للكشف عن معلومات حساسة”، وأضاف أميري في تسجيلاته “أخذوني إلى منزل يقع في مكان ما لم أعرفه، وأعطوني حقنة مخدر”.

وبعد رجوعه إلى إيران وتنصيبه بطلًا، قال أميري للتلفزيون الحكومي “بينما كنت في عمرة في السعودية عرضت سيارة علي توصيلي .. وما أن دخلت السيارة حتى صوب مسدس نحوي. ثم خدروني ونقلت بطائرة عسكرية إلى امريكا”.

وفي فيديو آخر، قال إنه انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية للعيش ولإكمال الدراسة، وإنه طلب اللجوء من أميركا، ضاربًا بعرض الحائط كل الاتهامات الأخرى، إلا أن أمريكا نفت جميع الاتهامات التي وجهت إليها بخطفه.

أمريكا تنفي اتهامات أميري وتطالب إيران بالـ”تشكك” فيها

رغم مزاعمه نفت واشنطن أن تكون قد خطفت شهرام أميري وأصرت على أنه كان يعيش حرًا في الولايات المتحدة، ولكنها أشار مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة للحصول على تفاصيل بشأن البرنامج النووي الإيراني قد حصلت منه على معلومات.

وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة لم تخطف أميري لكنها لم تقل ما إذا كانت دولة أخرى خطفته وسلمته، ولكنها توقعت المزيد من الاتهامات من طهران بعد عودة أميري.

ولفتت الوزارة إلى أنه “عقب عودة أميري إلى إيران تتوقع أن تكون لديه عدة أشياء ليقولها”، ونصحت الخارجية السلطات الإيرانية بأن تأخذ ما سيقوله أميري “ببعض التشكك”.

ورد مسؤول أمريكي عن سبب رحيل أميري قائلا إن السلطات الإيرانية قد تكون أثرت على أسرته، قائلًا “ربما شعر بنوع من الضغط من وطنه، الإيرانيون لا يستبعد أن يستغلوا الأسرة للضغط على شخص، قد يكون هذا أحد التفسيرات للرسائل المتناقضة التي يوجهها”.

وبعد فترة قصيرة، كشف مسؤولون أميركيون النقاب عن أن عالم الذرة الإيراني شهرام أميري، كان مخبرا للـ”CIA” داخل ايران منذ بضع سنوات .

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن هؤلاء المسؤولين قولهم أن أميري الذي كان يعمل في جامعة “مالك اشطر” بطهران، كشف عن جعل هذه الجامعة مركزا للعمل السري الايراني في المجال النووي.

وأضافت الصحيفة أن أميري “أثناء وجوده في إيران كان أحد مصادر” تقرير تقييمي لاجهزة الاستخبارات عن البرنامج النووي الايراني صدر عام 2007 واثار جدلا شديدا، كما أوضحت أن الباحث الايراني “قدم لسنوات عدة ما وصفه مسؤول بمعلومات على قدر كبير من الاهمية بشان الجوانب السرية لبرنامج بلاده النووي”.

وكان مسؤول امريكي قد أعلن عام 2010 أن بلاده منحت أميري 5 ملايين دولار لينشق عن النظام الإيراني ويقدم معلومات لواشنطن عن البرنامج النووي الإيراني لكنه أوضح أن أميري فر لاحقا من الولايات المتحدة دون ان يحصل على المال.

وبعد تبادل العديد من الاتهامات والغموض الذي أثاره العالم حول قضيته قامت السلطات الإيرانية باحتجازه للتحقيق معه.

إعدام رغم الحكم عليه بـ10 سنوات

رغم أنه تم احتجازه في مكان سري بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن أسباب إعدامه غير واضحة.

وكانت وسائل إعلام إيرانية قد أفادت في يوليو من العام الماضي، أنه دخل في إضرابٍ عن الطعام لمدة شهر في سجن “حشمتية” بطهران الذي يعد من أسوأ سجون الجيش الإيراني، وفيه يتم احتجاز الشخصيات الأمنية والعسكرية الهامة.

ثم حكمت محكمة عسكرية بطهران على شهرام في 15 مارس عام 2015، بالسجن 10 سنوات والإبعاد 5 سنوات إلى مدينة “خاش” بإقليم بلوشستان، وذلك بتهمة “التجسس والتخابر مع العدو وتهديد الأمن القومي وتزويد العدو بمعلومات سرية”.

وقالت والدة أميري لقناة “من و تو”، “اتصل شهرام قبل بضعة أيام بأسرته في مدينة كرمنشاه الكردية، وطلب من الأسرة أن تزوره في طهران، ولكن بعد وصول الأسرة إلى طهران لم تلتق به في البيت الذي كان مسجونا فيه، بل في أحد المعسكرات بالعاصمة”.

وخلال الزيارة قال شهرام أميري لوالدته، إن الزيارة قد تكون الأخيرة، لأن السلطات قررت إعدامه رغم أن المحكمة حكمت عليه بالسجن 10 سنوات، وبعد إعدامه نقل جثمانه للدفن في مسقط رأسه كرمانشاه.

وقالت والدة العالم شهرام أميري إن جثة ابنها أُعيدت إلى مسقط رأسهم وبها علامات حبل حول الرقبة، تُظهر أنه شنق، ودفن أميري في وقت لاحق.

اترك رد

%d