الإثنين, 29 أبريل, 2024 , 10:44 ص

دور الإعلام في صناعة الأمل

 

 

عادل عامر

بقلم – الدكتور عادل عامر

إن هذه الشمس التي تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب من مغربها تحمل أعظم الاعتبار، فطلوعها ثم غيابها إيذان بأن هذه الدنيا ليست دار قرار، وإنما طلوع وزوال. تتجدد الأعوام عامًا بعد عامٍ فإذا دخل العام الجديد نظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد، ثم تمر به الأيام سراعًا فينصرم العام كلمحِ البصر فإذا هو في آخر العام وهكذا عمر الإنسان يتطلع إلى آخره تطلع البعيد فإذا به قد هجم عليه الموت يؤمل الإنسان بطول العمر ويتسلى بالأماني فإذا بحبل الأماني قد انصرم وبناء الأماني قد أنهدم.

لا يمكن للإعلام أن يمسك العصا من المنتصف فيما يتعلق برصد الحقائق وتثبيتها، بمعنى أما أن يصطف الإعلام إلى جانب الدقة والإنصاف أو يكون مغاليا مأجورا ومفبركا كما في الصحافة الصفراء مثلا، فأما أن يكون الخداع منهجا للإعلام، أو انه ذو منهج يقوم على الصدق، ولا يمكن أن تكون الوسطية هنا مقبولة أو ناجحة، أي لا يمكن أن يكون الإعلام صادقا مرة وفي أخرى كاذبا ومخادعا، فهو يتبع منهج المخطط له والمنفّذ لأهدافه المرسومة مسبقا.

أن :”الدمار الحقيقي في تدمير نفسية الإنسان، ومادام الإنسان قادرا على صناعة الأمل فيسهل أن تأتي الأوطان، ولابد من تحقيق الآمال واجتياز الأزمات وتنوه العطية بوسائل التواصل الاجتماعي، التي استخدمتها نسوة بصراويات في التعبير عن مقاومتهن الخاصة ضد ما تعانيه “الفئات المستضعفة” في المجتمع. وتقدم هنا مثالاً، هو لـزينب العقابي، الفتاة التي فقدت إحدى ساقيها جراء مخلفات بعض الحروب والتي استغلت هذه الإعاقة للتعبير عن روح التحدي والمناداة بالمساواة ونبذ الاختلاف. وقد كانت الرسالة الأقوى التي أوصلتها العقابي، رفضها لإخفاء ساقها الاصطناعية بأي قطعة ملابس وإصرارها على التجوال بتلك الساق المكشوفة أمام الجميع. أن دور الإعلامي مهم وضروري في نشر الوعي والمعرفة، مركزا على عدة نقاط هي تفعيل المواطنة وتوضيح مفهومها وتفعيل الدستور، مؤكدا أهمية الدفاع عن المستضعفين، وأن يكون الإعلام هو صوت الضعفاء، وهو السلام الاجتماعي بأن يروج للسلام وليس الاستقطاب والكراهية، فضلا عن تقويم مؤسسات الدولة بأن يكون محايدا.

أغلبية الشعب المصري الكادحين والفقراء وهم من يدفع بالفعل ثمن فساد سنوات، وهم من يتحملون ويعرفون قيمة بلدهم ووطنهم وجيشهم الذي يمثل قيمة في قلوبهم، ونكرر أننا لا نريد تطبيلا ولا نفاقا، نريد عيونا ترى هذا وذاك، ترى أنفاقا تنقل التنمية لسيناء، وطرقا بآلاف الكيلومترات، وكهرباء فائضة تكفى صناعة ومشاريع وتوفر فرص عمل، لا بديل عن العمل، الفقراء الذين أضافت الدولة لكل منهم خمس جنيهات للبطاقة، يشعر بها، وهى قيمة قليلة ولا تناسب ارتفاع الأسعار، لكنها تقول إن هناك من يراهم. لكثيرون ممّن يمكن أن نطلق عليهم الناجحين في الحياة يؤكّدون حقيقةً مهمّةً،

وهي اليوم واحدة من الناشطات الاجتماعيات وأحد رموز التحدي والأمل للكثير من الناس، التي تقول “أطمح لتغيير أفكار المجتمع نحو الإيجابية ونشر ثقافة معاق وأفتخر”. إنّ المشاريع الكبيرة، هي أحلامٌ كبيرةٌ لنفوسٍ لم تقف عند عتبة التخيّل والتمنّي، فالتمنّي المجرد الذي هو رأسمال المفلس لا يُسقط رُطبة جنيّة من نخلةٍ مليئةٍ بالرّطب، ولا يقرّب النهر من الفم الظمآن، ولا يقلع شوكةً من الطريق، ولا يبني سوى قصورٍ من رملٍ قد ترتفع في الهواء، لكنّ أوّل اجتياحٍ مائيّ لها سرعان ما يسوّيها مع الأرض ويحيلها إلى جزءٍ من الساحل الرملي فتبدو وكأنّها لم تكن، تماماً كما هي الفقاعات سريعة الانتفاخ، سريعة الانفجار.

وهي: أنّ ما حقّقوه من عطاءاتٍ ومشاريع كانت تدور في أذهانهم كأحلام، لكنّهم لم يعيشوا تلك الأحلام على طريقة بعض الكُسالى الذين يُمنّون أنفسهم بعسى ولعلّ، بل نقلوا تلك الأحلام من خيالاتٍ تطوف في الذهن إلى مخطّطاتٍ على الورق، ومن ثمّ إلى مشاريع عملية يعيشونها في الحاضر؛ أي: إنّهم خطّطوا للوصول إلى جزر أحلامهم ليحيلوها بسعيهم وجهدهم المثابر إلى حقائق واقعة وناطقة. فبالإرادة القوية والصّبر العنيد والثّقة المتفائلة بالله وتأييده والاستعداد لمواجهة العقبات والتحدِّيات وتقبّل النتائج مهما كانت، صَنَعوا سُفُن الوصول إلى تلك الجُزر النائية، بل إلى القارّات البعيدة غير المكتَشفة.

أنه يعد دور الشباب في صناعة إعلام مغاير أولى فعاليات صالون الشباب الثقافي لعام ٢٠١٦ بالمجلس الأعلى للثقافة، متحدثا عن أهمية الإعلام الذي أصبح ضرورة في حياتنا لما له من دور فعال وكبير لبناء الدولة والمجتمع، وتشكيل وعيه وثقافته ووجدانه، ودوره في التنمية والاقتصاد والسياسة، موضحا دور وسائل الإعلام في حشد الناس لتنفيذ المشاريع القومية، مؤكدا ضرورة البحث عن إعلام يبني ولا يهدم.. إعلام يعلي القيم والمبادئ وحب الوطن.

هناك خطر كبير يمكن أن يتسبب به الإعلام عندما يسعى لتزييف الحقائق، هنا سوف تتضح خطورة الإعلام في تعامله مع بسطاء الناس، ومحاولاته الحثيثة لتزييف الحقائق بما يتفق ومصالح القائمين عليه، خاصة إذا عرفنا قدرات الإعلام الكبيرة في خداع العقول التي تظن بأنها واعية ومحصنة من مخاطر الإعلام الصاخب والكاذب، وهذا يذكرنا بالمقولة ذائعة الصيت لجوزيف جوبلز وزير الدعاية النازي الذي قال فيها: (اكذب أكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك)، وهكذا يسعى الإعلام الكاذب لتزييف الحقائق لكي تصبح الأكاذيب صورة أو حالة واقعية مفروضة على العقول التي سرعان من تنطلي عليها عمليات الخداع والتضليل، لتمرير أهداف معينة لصالح كتلة أو حزب أو شخصية سياسية، أو تزيين وجوه كالحة وأياد سارقة وآثمة، ومشاريع مشبوهة، وما إلى ذلك من أهداف يسعى الإعلام المزيف إلى ترويجها وتثبيتها كحقائق، هذا الأمر على الصعيد المحلي وهناك إعلام يسعى لخدمة أهداف خارجية إقليمية ودولية.

إن مهمة رصد الإعلام المسيء جماعية، خاصة أننا في العراق نمر بظروف ملتبسة، هنا يتقدم دور أصحاب الوعي المتخصص والعقول الواعية، لكشف وفضح الإعلام المندس، ورفض التعامل معه من خلال إطلاق حملات توعية مضادة وفاعلة مدعومة بالوعي والحقائق، وتكون قادرة على أن تكشف حالات التضليل التي يقوم بها الإعلام القائم على الأكاذيب، ولابد أن نقوم بمهمة مضاعفة الوعي الشعبي العام ضد الانزلاق في منحدر الإعلام المخادع الذي لا يعمل لخدمة المجتمع، بل هو إعلام مأجور، مزيّف للحقائق، يتحرك وفقا لأهداف مرسومة مسبقا، مضادة للشعب والدولة، بعد استلام الأجور عن هذا الدور الخبيث مقدما!.

إن بسطاء الناس ربما لا يعون مخاطر اللعبة الإعلامية وقدرتها على التزييف، لذلك قد ينخدع كثيرون بسرعة، بما يتم طرحه من أهداف ومشاريع وأجندات مشبوهة مختلقة لا تمت للحقيقة بصلة، وقد نعطي العذر للناس البسطاء بسبب تدني مستوى الوعي لديهم، وضعف الاطلاع وفهم ما يجري في السياسية وسواها، ولكن ما هو عذر العقول المتخصصة الواعية عندما تنطلي عليها مثل هذه الأكاذيب وتؤثر عليها، وتغيّر من قناعاتها وسلوكها أيضا؟، إن الخطر كل الخطر يكمن في قدرة الإعلام المزيف على التأثير في العقول الواعية المتخصصة، فالمتوقع من العقول الذكية كشف التضليل والتزييف الإعلامي وفضحه وتنوير بسطاء الناس، فإذا سقطت في الفخ فهذا يعني أن الجميع تنطلي عليه اللعبة، هذا هو مكمن الخطر بالضبط.

اترك رد

%d