الخميس, 21 نوفمبر, 2024 , 8:34 م

حيادية الإعلام والمجتمع

 عادل عامر

بقلم – الدكتور عادل عامر

الإعلام في العالم الذي يركز علي قضايا تافهة ولا يركز على قضايا المسلمين المركزية وعدم حياديته مما اثر في اهتمامات الشباب وحرف تفكيرهم حيث افقدهم الثقة بأحكام الإسلام وافقدهم البوصلة الإسلامية فهذه النتائج للإعلام لتدل على عدم حياديته يروق للكثير من الإعلاميين والصحفيين العرب اعتبار الوسائل الإعلامية، التي يعملون فيها أنها تتسم بالحيادية والصدق والحقيقة في نقل الأحداث والآراء من كل الأطراف، إلى ما إلى ذلك من وصف، كما يروق لغيرهم من ملاك القنوات الخاصة وصف وسائلهم الإعلامية بهذه الأوصاف.

والأعظم من ذلك، أن الحكومات والأحزاب أصبحت هي الأخرى أيضا تصف وسائلها الإعلامية بهذه التوصيفات، بالرغم من أن الإعلام الرسمي والحزبي هما إعلام أن يعبران عن وجهة نظر أحادية الجانب في غالب الأحيان، وهي من أهم وأقوى الأدوات التي تستخدمها الحكومات والأحزاب في الدفاع عن سياساتها في مواجهة خصومهم. أمام هذه التوصيفات وفي خضم ما يجري في عالمنا العربي من حالة عدم استقرار وأحداث بعد موجة ما يعرف بثورات الربيع العربي التي اجتاحت عددا من الدول العربية، والذي لازال الإعلام يلعب دورا مهما في تحريكها عبر التغطيات الإخبارية، ذات الرسائل والمضامين الموجهة للجمهور بالدرجة الأولى، يتمخض تساؤلين وهما: هل هذه القنوات حيادية فعلا في تغطياتها الإخبارية؟         أم أنها لا تدرك معنى الحيادية في الممارسة الإعلامية. ‏أعتقد أن كل ما نسمعه في إعلامنا العربي، من توصيف لقنواتهم على أنها حيادية وتتسم بالصدق والحقيقة ما هي إلا شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع، وإذا كان فعلا هم يمارسون الحيادية في سياساتهم الإعلامية، وحصل ما حصل في الدول التي شهدت حراك شعبي ضمن ثورات الربيع العربي، فما بالكم لو كانوا يمارسون الانحياز وفق وصفهم، فما الذي يمكن أن يحصل؟

يقتضي العمل في ميدان وسائل الأعلام تناول غير مقنن من قبل الإعلاميين والصحفيين ، لذا فمفهوم الذاتية التي يسبقها الصحفي على اتجاهات الأخبار بالتضخيم والتشويه والاستخدام الدعائي بالإضافة إلى ماتضيفه المؤسسة الإعلامية من مرجعيات مختلفة تطيح أو تحرف التناول الحيادي للمعالجات المختلفة .

مهمة الإعلام في المجتمع المدني الديمقراطي هي التواصل الحي مع الجمهور كرقيب ناقد لكل من القوي السياسية والقوى الاقتصادية والسلطات التنفيذية في ممارسة أدوارها ضمن مسيرة البناء الديمقراطي ، ويضمن القانون الدولي حرية التعبير عن الرأي ، من خلال مستندات عديدة لحقوق الإنسان وبشكل خاص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تشمل التعبير الثقافي والفنون بقدر ما تشمل تبادل المعلومات والأفكار والمناقشة السياسية، حرية التعبير، هذه الحرية التي تعتبر الحجر الأساس للحريات الديمقراطية ويعد دور وسائل الإعلام أساسياً لممارسة حرية التعبير، ولان الديمقراطية تعد أكثر من مجرّد مجموعة مؤسسات بل هي أيضاً ثقافة بحدّ ذاتها،فبدون وسائل الإعلام، يستحيل على ثقافة الديمقراطية أن تنمو وعلى المجتمع أن يطور العادات والممارسات المكتسبة وتبادل الآراء والأفكار والمعلومات.

وفي العالم العصري، تعتمد الديمقراطية على وسائل الإعلام السليمة والمتعددة والمتنوعة والمستقلة التي يمكنها أن توفر منصة للنقاش الديمقراطي وتلعب وسائل الإعلام دوراً حاسماً لأنها توفر الفضاء الاجتماعي الذي يُمارس من خلاله حق التعبير بشكل فعّال، والديمقراطية ثقافة – طريقة تصرّف وعادات وقواعد صغيرة،

 يعبّر الصحفيون عن آرائهم بالإضافة الى آراء الجماعات الذين يعملون لحسابها. على سبيل المثال، يؤدي الصحافي المحقق وظيفة ديمقراطية قيّمة فيما يستكشف مسائل ذات المصلحة العامة قد تتراوح من تحقيقات الفساد من خلال المسائل الصحية الى كشف الجرائم. ولا تبقى وسائل الإعلام خارج الحدث الذي تقوم بتغطيته مهما كانت وجهات نظرها؛ فيمكنها، كممثل اجتماعي، أن تحدد طريقة تطوّر المجتمع .

لذا فموضوع الحيادية من أهم الموضوعات التي تشغل أروقة المهتمين بأروقة الاتصال باعتبارها الميزان الأساس للتعبير عن الرأي العام بشكله الأخلاقي المسئول ، فمن هذا المنطلق كان مفهوم الحيادية : من المصطلحات اللصيقة بوسائل الإعلام (خاصة الإخبارية منها), و كثيراً ما يستخدمها أفراد الجمهور (بل و حتى الإعلاميين) عندما يودون أن يمتدحوا أو يذموا قناة تلفزيونية, إذاعية, أو صحفية.

جوهر الإشكالية التي يعاني منها الإعلام العربي ليست في الوصف، بقدر ما هو انحياز الإعلام إلى سلطة السياسية والمال والمصالح، على حساب القيم الأخلاقية والمهنية والحيادية، من جهة ومن جهة أخرى انسياق بعض وسائل الإعلام لأجندات إيديولوجية سواء في سياسة تغطياتها لملفات الدول التي شهدت حراك شعبي، فضلا عن الدور الذي لعبه انحياز العاملين والطواقم الإْعلامية في بعض القنوات لصالح دون طرف دون طرف أخر.

وفي اعتقادي أن أخطر شي في الانحياز هو عندما يقبل الصحفي أن يسخر نفسه لتنفيذ أجندة الوسيلة الإعلامية التي يعمل فيها، هنا لن يكتفي الصحفي بتنفيذ أجندة الوسيلة بل سيتعدى الأمر وسيصل إلى استغلال هذا التوجه في تنفيذ أهواء شخصية سواء كانت خاصة أو أيدلوجية وبالتالي أستطيع القول أن انحياز الصحفي هو أخطر من انحياز الوسيلة الإعلامية نفسها على اعتبار أن نشاط الصحفي وفق أجندة الوسيلة لن تكون بقوة التأثير إذا لم يكن مقتنعا بانحياز الوسيلة، لكن عندما ينحاز الصحفي سترى في نشاطه الصحفي كل توجهاته وغله وأهواءه وسيبذل قصارى جهده ليخرج عمله الصحفي بصورة قد تكون تحريضية أو توجيهية وتحت تغطية سياسة القناة نفسها.

 أما الخطورة الثانية على مستوى القنوات الرسمية أو الخاصة فتتمثل في استقطاب شخصيات ليست لها علاقة بالإعلام، ويفتح لهم الباب أن يقولون ويكتبون ما لا يفقهون، والنتيجة هي المستوى الهابط في القيم والمبادئ الذي وصلت لها القنوات الرسمية أو القريبة من الخط الرسمي،  وضعف في المستوي الثقافي والاجتماعي وتفاقم الصراع في القطر العربي.

 أسوق هذا الكلام والجميع يعلم ما الذي تسببت به بعض وسائل الإعلام، نتيجة سياسية التحريض وتسطيح العقل العربي ومخاطبة الغرائز، بدلا من مخاطبة العقول والمساهمة من التنوير الحضاري والإنساني، أو يكون معبرا عن الإنسان العربي، لأن الإعلام سلاح ذو حدين، إما أن تستخدمه في بناء المجتمع أو يمكن أن تستخدمه لهدم المجتمع.

تعني الرقابة على وسائل الاعلام بحسب الادبيات الاعلامية هي ماتعني ( ملاحظة خروج مضمون وسيلة اعلامية معينة على ضوابط وتشريعات أو قانونية من جهة مخولة حكومياً بالشكل التي لها صلاحيات اغلاق او حجب او تجريم أو تغريم كاتب الرسالة الاعلامية او من يملكها او من يحمل امتيازها والتي بحسب تلك التشريعات تعد خرقاً للقانون النصوص عليه في الدولة ).

والنظم الديمقراطية كان هذا الاعتقاد والممارسة قد خلفت ورائها تاريخا من الاستبداد والخنق الفكري ، سرعان مابدات تعيش في أجواء اكثر تقبلاً لمفهوم النقد الحكومي او السياسي ، واغلب الظن ان الرقابة نوعان : الرقيب الاعلامي من داخل المؤسسة ( والذي يسمى بالاصطلاح الإعلامي حارس البوابة ) يعمل في اكثر الانظمة استبداداً بثلاث اتجاهات اغلبها تصب في الاتي :

حجب او منع رسالة اعلامية كان من المفترض ان تنشر الى الرأي العام وفيها تبصير باخطاء الحكومة او من يمثلها بصيغة مباشرة او مستترة ، حذف او اضافة مادة او فكرة يرى انها لا تتماشى مع سياسة المؤسسة (تحرير توظيفي) ، انتقاء وتكرار وفرض رسالة اعلامية عن سواها في وقت معين ، وهذا ما تم العمل به اخيراً تحت تسمية ( الرقابة الذاتية )،

 اما النوع الاخر من انواع الرقابة فهو مايدعى بالرقيب الحكومي الاجرائي : ويعمل وفق عمل رقابي لمضمون وسائل الاعلام وله الحق في احالة المؤسسة الخارقة للضوابط للقانون او بتشريع منه ( بحسب صلاحياته من قبل النظام الحاكم ). ان الخطاْ الذي تقع فيه بعض اجهزة  الاعلام والدعاية  ان موادها موجهة  اما للموالين  لها ليزدادوا ولاء ، او للرافضين لها ليزدادوا رفضا ، فيما ينبغي  ان تكرس جهدها لاجتذاب القطاع المحايد  والذي لايزال لم يشكل موقفا او رؤية .

   الادهى من ذلك ان بعض وسائل  الاعلام على اختلافها ( المقروءة والمسموعة والمرئية ) تتصور ان متبنياتها  بما انها صحيحة فلا تكرس الا رؤيتها  ، ولاتفرد مجالا واسعا  للراي  والراي الاخر  او على الاقل التظاهر بالحيادية  ،  لكي لاتخسر المزيد من  جمهورها ، متجاهلة  حقيقة ان لكل  فكرة جانبي الصحة والصلاحية

اترك رد

%d