7 مليارات لا تكفي .. تحرير القرار الأوروبي .. أولي خطوات إعادة الهيبة والثروة
بقلم – خالد عبد الحميد
العلاقات المصرية الألمانية .. علاقات لها طبيعتها الخاصة ، فهي أحد النماذج الفريدة والمتميزة بين أكبر دولة أوروبية وأكبر دولة عربية وافريقية .
علاقات تجمع بين عمق التاريخ والمصالح المشتركة التي تأثرت بعض الأوقات بفعل لوبي يسعي لإضعاف هذه الشراكة .
وحسنا ما ذكرته الباحثة ريهام محمد في تقريرها عن العلاقات المصرية الألمانية
عندما أكدت أن القاهرة وبرلين نجحتا في نسج شبكةً قويةً ومتنوعةً من الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية.
ورغم أننا نحتاج إلي المزيد ، فيجب الا نغفل أن السنوات الأخيرة شهدت طفرةً نوعيةً في مستوى هذا التعاون، مدفوعةً بمتغيرات إقليمية ودولية، أسهمت في إعادة ترتيب أولويات البلدين، فقد التقت الرُّؤَى في قضايا جوهرية، مثل «أمن الطاقة، مكافحة الإرهاب، والهجرة غير النظامية»، بالتوازي مع إطلاق شراكات استراتيجية في مجالات «التحوُّل الأخضر، التعليم الفني، وتطوير البنية التحتية».

وتكتسب هذه العلاقاتُ أهميةً مضاعفةً، في ظِلِّ بيئةٍ دوليةٍ مضطربةٍ؛ حيث تسعى القوى الإقليمية والعالمية إلى بناء شراكات موثوقة وقنوات تعاون مستدامة، فبينما تُمثِّلُ ألمانيا شريكًا صناعيًّا وتمويليًّا رئيسيًّا لمصر داخل الاتحاد الأوروبي، ترى برلين في القاهرة بوَّابةً استراتيجيةً نحْو أفريقيا والشرق الأوسط، فضْلًا عن كوْنها لاعبًا إقليميًّا مُؤَثِّرًا في ملفات الأمن والطاقة.
ولأن ألمانيا وكما سبق وذكرنا تعتبر من أكبر وأقوي الدول الأوربية في شتي المجالات أو معظمها علي أقل تقدير ، فقد رأينا في صحيفتنا ( الوطن المصري) elwatan elmasry
ضرورة أن نطرح رؤيتنا لتكون استراتيجية التعاون بين مصر وألمانيا قائمة علي استقلالية تامة في القرار السياسي والاقتصادي دون ضغوط من قوي خارجية تسعي دائما الي تقزيم دور الدولتين الكبيرتين بقيود آن الآوان لكسرها والتحرر من نظام العبودية – ان صح التعبير –
ولأننا نتمتع بقدر من الحرية المسئولة فلا غضاضة لدينا في القول بأن دول الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها ألمانيا خضعت لابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت رغما عنها تدور في فلكها حتي وان كان في ذلك ضررا لها وتقزيما لدورها وتقليصا لنفوذها في الشرق الأوسط علي وجه التحديد .
ما الذي أوصل دول الاتحاد الي هذا المستوي من الضعف رغم أنها دولا قوية تمتلك أدواتها وثرواتها ، الا أن الشاهد أنه تم إضعاف دول الاتحاد الأوربي بفعل فاعل ليظل قرارها السياسي مرهونا برغبة ومصلحة البيت العالي في واشنطن ، وهذا ما يفسر حالة الوهن التي يعيشها الآن الاتحاد الأوربي بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة رغم أن الأخيرة دولة عظمي شاء من شاء أن يعترف بذلك وأبا من أبا .
فقط ما ينقصها أن تتحرر ومعها باقي دول الاتحاد الأوربي من قيود الولايات المتحدة الأمريكية التي تعيش أسوأ عصورها بفعل قرارات وسياسات أعادتها للوراء سنوات طويلة ، وإزاء الحالة المتردية التي تشهدها واشنطن ، لابد لدول الاتحاد الأوربي أن تنتهز هذه الفرصة لتحرير قرارها السياسي وسيتبعه حتما تحرير قرارها الاقتصادي .
والبداية هو اعتراف دول الاتحاد الأوربي بدولة فلسطين ذلك الشعب الذي يعاني من مذابح يومية وسط صمت دولي مهين ولا نعفي الدول العربية والإسلامية من جريمة القتل السلبي للشعب الفلسطيني بصمتها .
لن يتم تحرير القرار الاقتصادي في ألمانيا إلا بتحرير القرار السياسي وفك القيود .
بطبيعة الحال نحن لا نسعي إلي إحداث وقيعة بين دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ، فهو أمر لا نتبناه في أجندتنا ، ولكننا من دعاة التحرر والاستقلالية في مختلف القرارات طالما أنها لا تسعي لهدم الدول أو تشريد الشعوب أو فرض سياسة التجويع وهي جريمة ضد الانسانية وانتهاكا لحقوق الإنسان .
مقدمة كان لابد منها ونحن نتناول العلاقات المصرية الألمانية التي لو أتيحت الفرصة لنموها لن تقف عند حد الـ 7 مليارات يورو حجم التبادل التجاري بين البلدين ، بل سيصل إلي أضعاف هذا الرقم بما تمتلكه مصر والمانيا من مقومات وامكانيات وثروات طبيعية وتقدم تكنولوجي هائل في مختلف المجالات الانتاجية .
كما أن التعاون المصري الألماني لا يجب أن يقف عند حد الاستفادة الخاصة المتبادلة بين البلدين ، بل يجب أن يشمل ما هو أبعد من ذلك ، هذا التعاون يجب أن يكون من ثماره توفير المناخ الآمن والملائم داخل منطقة الشرق الأوسط للعيش والعمل والإنتاج لاسيما اذا ما علمنا أن هذه المنطقة هي حلبة الصراع بين الدول الكبري لسلب خيراتها .. لماذا لا يكون هناك تعاون بين الاتحاد الأوربي والدول العربية والأفريقية حتي تعم الاستفادة بين الجميع عن طريق تعاون اقتصادي واستثماري بعيدا عن لغة الحروب والدمار التي انهكت الجميع كبارا وصغار في أوروبا والشرق الأوسط ما دعي إلي دخول قوي أخري للمنطقة للقيام بالدور المفقود للاتحاد الأوربي في منطقة الشرق الأوسط ،دون أن نسمي قوي بعينها نعلمها جميعا .
ونعود مجددا الي مقتطفات من البحث الذي أكد ان العلاقاتُ «المصرية – الألمانية» تشهد تطوُّرًا متسارعًا يعكس تلاقِي الرُّؤَى والمصالح بين القاهرة وبرلين في ميادين متعددة؛ فقد امتدت الشراكة بينهما من الأُطُر السياسية والدبلوماسية إلى مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن؛ بما يجعلها نموذجًا للتعاون المتوازن في محيط إقليمي ودولي مضطرب
فعلي الصعيد السياسي والدبلوماسي هناك تبادُل الزيارات الرسمية حيث حافظت القاهرة وبرلين على قنوات تواصُل نشطة ومنتظمة، تجسَّدَتْ في تبادُل الزيارات رفيعة المستوى وتوقيع اتفاقات ومذكرات تفاهُم تعكس حيوية العلاقات الثنائية وأهميتها الاستراتيجية، ففي سبتمبر 2024، قام الرئيس الألماني «فرانك-فالتر شتاينماير» بزيارةٍ رسميةٍ إلى مصر، التي شهدت أيضًا استقبال عددٍ من كبار المسؤولين الألمان؛ بما في ذلك وزيرة الخارجية «أنالينا بيربوك»؛ ما يعكس اهتمام ألمانيا المتزايد بتطوير شراكتها مع مصر، في السياق نفسه، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع المستشار الألماني «أولاف شولتس» خلال قمة العشرين عام 2023؛ حيث بحثا سُبُلَ توسيع التعاون في مجالات عدة، مثل «النقل، التصنيع، والطاقة»، بالإضافة إلى ملف زيادة الاستثمارات الألمانية، كما تناولت المباحثات قضايا إقليمية، أبرزها مكافحة الهجرة غير الشرعية والتنسيق بشأن الأزمات في السودان وأوكرانيا.
هذا النشاط لم يقتصر على السنوات الأخيرة، بل امتدَّ إلى محطَّات بارزة في مسار العلاقات؛ فقد استقبل الرئيس السيسي في يوليو 2021، رئيسة الشركات البحرية الألمانية لبحْث التعاون الصناعي والتكنولوجي في قطاع النقل البحري، كما شهدت الفترة 2016 و2019، زيارات رسمية لوزراء الداخلية والخارجية الألمان تضمنت اجتماعات أمنية رفيعة المستوى، وفي خطوةٍ تُعزِّزُ التعاون الاقتصادي المؤسسي، افتتحت ألمانيا، في يونيو 2022، مكتبًا إقليميًّا لغرفة التجارة والصناعة الألمانية بالقاهرة؛ بهدف دعْم الروابط بين مجتمع الأعمال في البلدين.
من خلال هذه الجهود، تسعى ألمانيا لإثبات دورها كشريكٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ رئيسيٍّ لمصر، ضمن إطار سياسة «فريق أوروبا»، مُرَكِّزةً على قضايا محورية، مثل «الهجرة، أمن الطاقة، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر»، مع الحرص على الحفاظ على موقفها الداعم لحقوق الإنسان والمجتمع المدني، هذه المقاربة تُظهر توازُنًا بين المصالح الاقتصادية والقِيَم المبدئية التي تُروِّجُ لها ألمانيا في علاقاتها الخارجية.
وهناك ملفات إقليمية مُعقَّدة، مثل « الحرب في غزة والأزمات الليبية والسودانية»، عملت القاهرة وبرلين (أحيانًا) كطرفيْن يعملان على مسارات متوازية، مع أدوار تكشف عن تداخُل المصالح واختلاف أدوات التنفيذ، ويمكن إبراز دورهما على النحو الآتي:
في غزة .. فيما تمسَّكَتْ مصر منذ بداية الحرب على غزة بدورها كوسيطٍ إقليميٍّ محوريٍّ يسعى لوقْف إطلاق النار وضمان تدفُّق المساعدات الإنسانية، شَهِدَ الموقف الألماني تحوُّلًا لافتًا بعد 19 شهرًا من الدعم التقليدي لإسرائيل، ففي مايو 2025، أطلق المستشار الألماني فريدريش ميرتس انتقادات علنية للحرب الإسرائيلية، مُعبِّرًا عن استيائه من التدهور الإنساني في القطاع؛ لتعلن برلين – لاحقًا – في أغسطس الجاري، تعليق صادرات الأسلحة التي قد تُستخدم في العمليات بغزة؛ ما يشير إلى إعادة نظرٍ جادَّة في سياستها حِيَالَ الحرب، هذا التحوُّل الألماني يُمْكِنُه خلْق مساحة أوسع للتنسيق بين القاهرة وبرلين.
وفي ليبيا سعى البلدان لتحقيق تسويةٍ شاملةٍ للأزمة الليبية في إطار الالتزامات الأممية، فركَّزَتْ ألمانيا على الإسهام في عملية برلين السياسية لدعم الحلِّ السياسيِّ متعدد الأطراف، بينما أوْلَتْ القاهرة اهتمامها لمنْع تداعيات الفوضى على أمنها الإقليمي، عبْر حلول أمنية مباشرة، ومن ثَمَّ اتسم التعاون بين الطرفين في هذا الملف بتكامل .. برلين تراهن على دعْم المؤسسات الدولية سياسيًّا، فيما تتحرك مصر بفاعلية إقليمية ميدانية، لكنه يكشف أيضًا عن اختلافٍ نغميٍّ في أدوات الحلِّ؛ بين سياسي متعدد الأطراف مقابل حلولٍ إقليميةٍ أكثر مباشرة، بعبارةٍ أُخرى، يتوافق الطرفين على عدم وجود حلٍّ عسكريٍّ في ليبيا، لكن لكل منهما منطلقاته ووسائله .. مصر تركز على البُعْد الأمني والإقليمي، وألمانيا على البُعْد السياسي والدبلوماسي.
وفي السودان.. مصر تؤدي دورًا محوريًّا كوسيطٍ إقليميٍّ لتخفيف تداعيات الأزمة السودانية وتأثيرها على الأمن الإقليمي، بينما تركز ألمانيا عبْر الاتحاد الأوروبي والشراكات التنموية على تمويل برامج الإغاثة وإعادة الاستقرار، وكلا الطرفين يتفق على ضرورة حثِّ المجتمع الدولي للإيفاء بتعهُّداته الإنسانية تِجَاه السودان، لكن تفاصيل النَّهْج تختلف، فبينما تعتمد مصر على القيادة الإقليمية المباشرة لتولِّي زمام الوساطة، تُفضِّلُ ألمانيا والقوى الأوروبية التعاون مع الهيئات الدولية الكُبْرَى لدفْع الحلول التنموية والإنسانية إلى الأمام.
أما البُعْدُ الاقتصادي والاستثماري بين البلدين فتُمثِّلُ الشراكةُ الاقتصاديةُ بين مصر وألمانيا واحدةً من أهمِّ دعائم العلاقات الثنائية بين البلدين؛ حيث تجلَّت خلال السنوات الأخيرة في استثمارات كبيرة واتفاقيات تمويل ومبادلة ديون تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة، بلغ إجمالي الاستثمارات الألمانية في مصر 2.9 مليار دولار حتى يونيو 2024، فيما بلغ حجم التبادُل التجارى بينهما نحو 6.8 مليار يورو خلال عام 2023، بزيادةٍ قدْرُها 24% مقارنة بـ 2022، بالإضافة لذلك، فقد تجاوز إجمالي برنامج المبادلة الديونية بين البلدين نحو 16.8 مليار جنيه مصري (حوالي 297 مليون يورو) لتمويل مشاريع تنموية حتى العام الجاري، شملت قطاعات التعليم الفني، والطاقة النظيفة، والمبادرات البيئية، وفي مقدمتها المبادرة الوطنية «العنقود المتكامل للمياه والغذاء والطاقة» التي أطلقتها مصر في مؤتمر COP27، وتعهَّدَتْ ألمانيا بدعمها بنحو 250 مليون يورو (منها 104 ملايين بتسهيلات ميسّرة).[3]
الاتفاقيات التنموية والتنسيق المؤسسي: في مايو 2025، وقَّعَ البلدان اتفاقية تمويلٍ بقيمة 118 مليون يورو لدعْم التعليم التقني والطاقة المتجددة، إلى جانب تخصيص 21 مليون يورو ضمن برنامج مبادلة ديون لمشاريع ربْط محطَّات طاقة الرياح بالشبكة الوطنية، وتهدف هذه التحرُّكات إلى ضمان استدامة الإمدادات الكهربائية وتعزيز قدرة مصر على توليد 10 جيجاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2028، كما دعمت المؤسسات المالية الألمانية، مثل بنك التعمير والتنمية KfW) ) ومصرف الاستثمار الأوروبي في دعم مشاريع البنية التحتية، بما فيها ربط مزارع الرياح البحرية بشبكات الطاقة، فيما بادرت الحكومة المصرية بإنشاء مراكز للتدريب التقني في عددٍ من المحافظات لتأهيل كوادر فنية بمستويات عالية من المهارة.
وشَمِلَتْ الاتفاقياتُ التنمويةُ الكُبْرَى في السنوات الأخيرة مِنَحًا ومبادلة ديون بقيمة 77.3 مليون يورو عام 2024؛ لتعزيز التعليم الفني ودعم المجتمعات المضيفة، إضافةً إلى تسعة مشاريع أخرى عام 2022 بإجمالي 160 مليون يورو، ويُقدَّر حجم التعاون المالي الألماني في مجال التعليم الفني وحده بحوالي 121.5 مليون يورو؛ ما يعكس مستوى عالٍ من التوافُق المؤسسي بين الجانبين المصري والألماني، هذا النموذج الاقتصادي الفريد يجمع بين الدعم المالي ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات البشرية؛ مما يُعزِّزُ التكامل والشراكة الاستراتيجية بين البلديْن.
وفي مجال الطاقة فقد برزت مصر حليفًا مهمًا لألمانيا في مجال الطاقة المتجددة وتأمين الإمدادات؛ فبفضل اكتشاف حقول الغاز المصرية (مثل ظهر) وعقد اتفاقيات لتسييل الغاز، هذا الدور جعلها مركزًا إقليميًّا؛ فأصبحت مصر محطة إقليمية للطاقة، وباتت الطاقة –وخصوصًا ملفات الغاز المسال والهيدروجين الأخضر– من أعمدة الشراكة في هذه الفترة، في نوفمبر 2022، وقَّعَتْ القاهرة وبرلين مذكرات تفاهُم تهدف إلى تطوير استثمارات مشتركة في مجالات الغاز المُسَال والهيدروجين الأخضر، وهو مسعى يهدف إلى تأمين احتياجات أوروبا الطاقوية وتنويع صادرات مصر من الطاقة النظيفة، هذا التحرُّك يتماشى مع استراتيجية ألمانيا لتقليل اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية، خاصَّةً بعْد أزمة الغاز الروسي، ومع رُؤْية مصر لتوسيع قدراتها في مجال تسييل الغاز وإطلاق مشاريع طاقة متجددة على نطاقٍ واسعٍ.
تجلَّى أثر التعاون الألماني في دعم تمويل مشاريع الطاقة المتجددة وربطها بشبكة الكهرباء الوطنية، بالإضافة إلى التنمية في أبحاث تقنية الهيدروجين؛ مما أضاف بُعْدًا صناعيًّا وتكنولوجيًّا للعلاقة لا يقتصر على العقود المتعلقة بالنفط والغاز التقليدي فقط، بل شمل أيضًا بناء سلاسل قيمة مُستدامة تعتمد على الطاقة الخضراء.
أما البُعْدُ الأمني والعسكري فمنذ مطلع العقْد الثاني من القرن الحادي والعشرين، شَهِدَ التعاون العسكري بين مصر وألمانيا صعودًا نوعيًّا، خاصَّةً فيما يتعلق بتعزيز قدرات البحرية المصرية ضمن خطة شاملة لتحديث الأسطول البحري؛ حيث تسلَّمَتْ مصر أربع غواصات من طراز “209/1400” التي تعمل بالديزل والكهرباء، خلال الفترة من 2016 إلى 2021، وذلك بعد مفاوضات استمرت بين عامي 2012 و2014، تأتي الغوَّاصات بطول يصل إلى حوالي 62 مترًا، ومدى تشغيل يقدر بـ 20 ألف كيلومترًا، مع تقنيات شبحية وبصمة منخفضة، فضْلًا عن ثمانية أنابيب لإطلاق الطوربيدات إلى جانب صواريخ «هاربون» المُوَجَّهة، والتي تمنحها قدرةً هجوميةً دقيقةً تصل لمسافة 140 كيلومترًا، بالإضافة إلى ذلك، استلمت مصر بين عاميْ 2013 و2015 عشرات من محركات «MTU-595» لدعم الكورفيتات الأمريكية «Ambassador» إلى جانب صواريخ دفاع جوي من طراز «RIM-116» ضمن صفقة بلغت قيمتها الإجمالية 25 مليون دولار، أمَّا في عام 2019، فقد شَهِدَ التعاونُ ارتفاعًا إضافيًّا مع حصول مصر على فرقاطات «Meko A-200»؛ حيث تَمَّ بناء الأولى بالكامل في ألمانيا والثانية والثالثة قيْد الإنشاء، بينما يتمُّ تصنيع الرابعة بالتعاون مع ترسانة الإسكندرية، هذه الفرقاطات بوزن إجمالي يبلغ 3,400 طن ومُجهَّزة بمنظومات دفاع جوي متقدمة وتقنيات حديثة.
على صعيد مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي، فقد توطَّدت علاقات التعاون بين البلديْن عبْر الأُطُر الدولية والإقليمية، فتمثل مصر ركيزة أساسية في مواجهة التطرُّف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما توفر ألمانيا دعمًا مهمًا في شكْل خبرات تدريبية ومساهمات في بعثات الأمم المتحدة، مثل “مهمة حفظ السلام في مالي«، إلى جانب التعاون العسكري، يبرز التنسيق بين البلديْن في مجاليْ “التدريب الأمني ومكافحة التهريب والهجرة غير النظامية».
وعلى سبيل المثال، شَهِدَ أواخر عام 2023 زيارة وفْدٍ من الأكاديمية العسكرية الألمانية للقاهرة؛ حيث نُوقِشَتْ قضايا الأمن الإقليمي في منطقتيْ «الشرق الأوسط وأفريقيا»، وقد شَهِدَتْ مصر أيضًا تنظيم دورات تدريبية متقدمة للمهندسين العسكريين العاملين في بعثات حفظ السلام، شملت مهارات، مثل «تفكيك العبوات الناسفة والإسعافات الأولية الميدانية» بالتعاون الوثيق مع خبراء ألمان.
ما ذكر كان بعض مجالات التعاون بين مصر وألمانيا ، هذا التعاون المتميز الذي شجعنا علي المطالبة بتطوير تلك العلاقات القوية لما هو أبعد من ذلك وبلغة الأرقام لابد أن يكون وكما سبق وذكرنا حجم التبادل التجاري بين البلدين أضعاف ما هو عليه الآن ، ولابد أن يكون هناك تنسيقا في الرؤي حول القضايا الإقليمية التي كانت مثار اختلافا بين البلدين .
حقيقة نقولها وبصدق دول الاتحاد الأوربي عامة وألمانيا خاصة أمامها فرصة تاريخية لتعاون استراتيجي مع أكبر دولة عربية وافريقية والذي سيكون مدخلا لتعظيم دور دول الاتحاد الأوربي في باقي دول القارة الافريقية التي تمتلك ثروات لو أحسن استثمارها ستكون خيرا علي افريقيا أوروبا .. بشرط فك القيود
وعلي منظمات المجتمع المدني والمعاهد الثقافية الألمانية العاملة في مصر أن تعلب دورا في تنمية التعاون المصري الألماني ، فالهدف يجب أن يكون مصلحة مصر والمانيا وليس أشياء أخري قد تساهم في نقل صورة مغلوطة عن العلاقات بين البلدين .
كما نعول علي الإعلام في مصر وألمانيا أن يكون ناقلا نزيها للأحداث ونشر كل ما من شأنه أن يقرب وجهات النظر بين البلدين ومواجهة اللوبي الذي يسعي منذ سنوات طويلة لإحداث وقيعة البلدين .
وأخر ما يمكن ذكره في هذا الملف المهم رسالة لكل مواطن مصري يعمل أو يقيم في ألمانيا : كونوا سفراء لبلدكم وواجهة حضارية مشرفة في المجتمع الألماني .. علينا أن نكون إضافة وليس عبء علي الأصدقاء ونحن نقيم في بلادهم .