بقلم الخبير المصرفى – وليد عادل
تعتبر العلاقة بين الأمن الاقتصادي والأمن السياسي من الموضوعات الحيوية التي تستحق الدراسة العميقة حيث يعتقد الكثيرون أن تحقيق الأمن في أحد الجانبين يتطلب تحقيق الآخر .. إن الأمن الاقتصادي هو الأساس الذي يبنى عليه استقرار المجتمع ورفاهية المواطن بينما الأمن السياسي هو ما يضمن عدم تعرض المجتمع لأزمات سياسية تؤثر سلبًا على الاقتصاد وهنا سنستعرض العلاقة بين هذين المفهومين وكيف يؤثر كل منهما على الآخر.
اولا مفهوم الأمن الاقتصادي
الأمن الاقتصادي يعني قدرة المجتمع على تحقيق التنمية المستدامة وضمان رفاهية الأفراد من خلال توفير فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة، وتعزيز الإنتاجية.. يتضمن الأمن الاقتصادي أيضًا الاستقرار المالي، وتوفير الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والطاقة، وضمان عدالة توزيع الثروات.
ثانيا مفهوم الأمن السياسي
الأمن السياسي هو حالة من الاستقرار والهدوء السياسي الذي يتيح للمواطنين ممارسة حقوقهم وحرياتهم دون خوف من الاضطهاد أو الانتهاكات ويعتمد الأمن السياسي على وجود حكومة قوية وفعالة تؤمن حقوق الأفراد وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وكما يتطلب وجود مؤسسات قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
العلاقة بين الأمن الاقتصادي والأمن السياسي
1. تأثير الأمن الاقتصادي على الأمن السياسي
عندما يتحقق الأمن الاقتصادي ينعكس ذلك بشكل إيجابي على الأمن السياسي فالمجتمعات التي تتمتع باستقرار اقتصادي غالبًا ما تشهد استقرارًا سياسيًا أيضًا إذ إن توفر فرص العمل والموارد المالية يعزز من ولاء المواطنين للدولة ويقلل من احتمالات النزاعات السياسية على سبيل المثال، الدول التي تتمتع بمعدلات بطالة منخفضة عادة ما تشهد استقرارًا سياسيًا أكبر حيث يكون لدى المواطنين ما يخسرونه ولا يرغبون في المخاطرة بالاستقرار الذي حققوه.
2. تأثير الأمن السياسي على الأمن الاقتصادي
على الجانب الآخر، يمكن أن يؤثر الأمن السياسي بشكل مباشر على الأمن الاقتصادي في الأوقات التي تعاني فيها الدول من أزمات سياسية قد تتراجع الاستثمارات وتزداد معدلات الفقر والبطالة كما إن عدم الاستقرار السياسي يمكن أن يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي فعلى سبيل المثال، في الدول التي شهدت ثورات أو حروب أهلية غالبًا ما تعاني من تدهور اقتصادي كبير نتيجة عدم الاستقرار السياسي.
ونجد هنا التحديات المشتركة حيث تواجه الدول تحديات مشتركة تؤثر على كلا الجانبين ومن بين هذه التحديات:
– الفساد: يعد الفساد من أبرز العوامل التي تعيق تحقيق الأمن الاقتصادي والسياسي وحيث يؤثر الفساد على توزيع الثروات ويقلل من ثقة المواطنين في الحكومة.
– الفقر: الفقر يشكل تهديدًا للأمن السياسي حيث قد يؤدي إلى احتجاجات واضطرابات اجتماعية كما أن الفقر يؤثر سلبًا على الأمن الاقتصادي من خلال تقليل القدرة الشرائية للمواطنين.
– عدم المساواة: التفاوت في توزيع الثروات يؤثر على الاستقرار السياسي عندما يشعر الناس بعدم المساواة قد يؤدي ذلك إلى اضطرابات واحتجاجات.
استراتيجيات تعزيز الأمن
1. تعزيز النمو الاقتصادي
يجب على الحكومات العمل على تعزيز النمو الاقتصادي من خلال وضع سياسات تشجع على الاستثمار وتوفير فرص العمل ويمكن أن تشمل هذه السياسات تحسين البنية التحتية، وتطوير التعليم، وتعزيز الابتكار.
2. مكافحة الفساد
يجب أن تكون هناك استراتيجيات فعالة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في الحكومة ويمكن أن تساهم هذه الاستراتيجيات في بناء الثقة بين المواطنين والدولة، مما يعزز من الأمن السياسي.
3. تعزيز العدالة الاجتماعية
يجب أن تسعى الحكومات إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توزيع الثروات بشكل عادل وضمان حقوق جميع المواطنين ويمكن أن يسهم ذلك في تقليل التوترات الاجتماعية وتعزيز الاستقرار.
وفى النهاية إن الأمن الاقتصادي والأمن السياسي هما عنصران متكاملان لا يمكن فصلهما فبدون تحقيق الأمن الاقتصادي لن يكون هناك استقرار سياسي، والعكس صحيح لذلك من الضروري أن تسعى الحكومات إلى تحقيق توازن بين هذين العنصرين لضمان رفاهية المجتمع واستقراره كما ان العناية بكل منهما ليست مجرد خيار بل ضرورة لضمان مستقبل آمن ومزدهر للمواطنين.