بقلم – هشام حسن علي
في العقود الأخيرة، يشهد العالم العربي حالة من الانقسام والضعف غير المسبوقين، حيث تحوّلت بعض الدول إلى مسرح مفتوح للصراعات الداخلية والحروب بالوكالة. هذه الأوضاع لم تأتِ من فراغ، بل تبدو وكأنها نتيجة خطة مدروسة تستهدف تفتيت الدول العربية وإضعافها لتحقيق مصالح القوى الكبرى.
الغرب، الذي يدّعي دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، لعب دورًا رئيسيًا في زعزعة استقرار المنطقة. فمن خلال التدخلات العسكرية المباشرة أو دعم الفصائل المتناحرة، أصبحت دول مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ساحة لصراعات أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة. ولعل الأخطر من ذلك هو الدعم المبطن أو الصريح لبعض الجماعات الإرهابية، التي تحوّلت إلى أدوات لتنفيذ أجندات تخدم مصالح الغرب.
في هذا المشهد القاتم، يتحمل العرب جزءًا من المسؤولية. فقد فشلوا في تشكيل جبهة موحدة لمواجهة المخاطر التي تهدد أمنهم القومي. بل زادت الخلافات بين الدول العربية حدة، وتحولت بعض الحكومات إلى أدوات لتحقيق مصالح قوى أجنبية على حساب الشعوب.
تقسيم الدول العربية أصبح واقعًا مريرًا. فبعد سقوطها في أيدي الجماعات الإرهابية المدعومة غربيًا، تحوّلت الحدود إلى خطوط وهمية، وانهارت مؤسسات الدولة، مما أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي والثقافي. واليوم، نجد أنفسنا أمام شرق أوسط جديد، لكن ليس كما تصوره العرب، بل كما أرادته القوى الكبرى: دول ضعيفة، ممزقة، ومرتبطة اقتصاديًا وسياسيًا بالخارج.
السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سيفعل العرب؟
إن الحل يبدأ بإعادة النظر في الأولويات، وتعزيز التعاون العربي بعيدًا عن الخلافات الثانوية. لا يمكن مواجهة التحديات بدون وحدة الموقف السياسي وتبني سياسات مستقلة تحمي المصالح الوطنية. الشعوب العربية هي القوة الحقيقية، وإذا توحدت كلمتها، يمكنها قلب المعادلة واستعادة كرامة الأمة.
الوقت لم ينفد بعد، لكن يجب أن يدرك الجميع أن استمرار الحال على ما هو عليه سيؤدي إلى خسائر أكبر، ليس فقط للدول التي انهارت، بل للمنطقة بأسرها. الخيار واضح: إما أن نتحد كأمة عربية، أو نترك مصيرنا في يد من لا يريدون لنا البقاء.