الوطن المصري- آلاء شوقي
تحتفي المملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا اليوم الاثنين الموافق 23 سبتمبر 2024م بيومها الوطني الرابع والتسعين.
وتأتي هذه المناسبة الوطنية والمملكة جمعت المجد من أطرافه، وحققت المنجزات تلو المنجزات، بخطط تنموية واضحة انطلاقًا من رؤية وطنية متكاملة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، -حفظهما الله-؛ لتحقق النمو والازدهار، ولتكون وطنًا يشار إليه بالبنان.
وما تعيشه المملكة اليوم هو امتداد لتاريخ صنعه رجلٌ عظيم وقائد حكيم هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله – الذي كان له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى، في تأسيس دولة على شرع الله، رايتها التوحيد، ودستورها كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، تنعم بالأمن والأمان والاستقرار، غايته بناء دولة حضارية ذات قوة فاعلة على المستويين المحلي والدولي.
وأكمل المسيرة أبناؤه البررة من بعده، لتصل المملكة اليوم إلى عصرها الزاهر في ظل قائد مسيرتها وحامي بلادها ومصدر فخرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله -.
ويحتفل أبناء الوطن ومن يقيمون على أرضه اليوم، بهذه المناسبة الوطنية وهم ينعمون برخائه، ويتمتعون بنموه، معتزين بشموخه، ومتفاخرين بإنجازاته، وطامحين بمستقبل يحقق أحلامهم ويرسم طريقًا ذا خُطى ثابتة للأجيال المتعاقبة، تحت ظل قيادة حكيمة سارت بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، وسخرت كل السبل لراحة المواطن والمقيم، ليعيشوا بكرامة وعزة وسلام وأمان.
وتستذكر “واس” في هذا التقرير، سيرة القائد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن– رحمه الله -، الذي أفنى عمره في مواجهة تحديات الحياة في الجزيرة العربية التي كانت ترزح قبل أكثر من ثمانية عقود تحت وطأة التناحر والخوف والهلع وشظف العيش، ليؤسس بفضل الله تعالى دولة فتية تتمتع بالأمن والاطمئنان والخيرات الوفيرة، ويقف لها العالم احترامًا وتقديرًا.
ولقد ارتسمت على أرض المملكة ملحمة جهادية، تمكَّن فيها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- من جمع قلوب أبناء وطنه وعقولهم على هدف واعد نبيل، وبتوفيق الله وما حباه الله من حكمة تمكن الملك عبدالعزيز من إرساء قواعد وأسس راسخة لوطن الشموخ قادته لنشر العدل والأمن ممضيًا من أجل ذلك سنين عمره.
وفي 23 من سبتمبر عام 1932م جاء الإعلان التاريخي للملك عبدالعزيز -رحمه الله-، لتوحيد هذه البلاد المباركة تحت راية “لا إله إلا الله، محمد رسول الله” وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها بعد جهاد وكفاح استمر اثنين وثلاثين عامًا وضع خلالها قواعد راسخة لهذا البنيان العظيم، وذلك على هديٍ من كتاب الله الكريم وسنة الرسول الأمين، عليه الصلاة والسلام، سائرًا في ذلك على نهج أسلافه من آل سعود.
وقد نشأت آنذاك دولةً فتيةً تزهو بتطبيق شرع الإسلام، وتصدح بتعاليمه السمحة وقيّمه الإنسانية في كل أصقاع الدنيا، ناشرةً السلام والخير والدعوة المباركة، باحثةً عن العلم والتطور سائرةً بخطى حثيثة نحو مستقبل أفضل لشعبها وللأمة الإسلامية والعالم أجمع.
وبحسب ما ورد في مجلد “سيرة وشخصية الملك عبدالعزيز ومراحل بناء الدولة السعودية الثالثة” -طباعة دارة الملك عبدالعزيز-، ولد الملك المؤسس في مدينة الرياض عام 1293هـ وترعرع فيها، ونهل من علمائها، حيث تعد الرياض امتدادًا تاريخيًا لمسيرة الآباء والأجداد.
وحرصًا على تنشئته وتعليمه، عهد به والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود –رحمه الله– إلى القاضي عبدالله الخرجي لتعليمه القرآن الكريم والقراءة والكتابة وهو في سن السابعة من عمره، وفي سن العاشرة تلقى تحصيله في الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، وبالتوازي مع ذلك كان الملك عبدالعزيز يتعلم ركوب الخيل، ومهارات الفروسية.
وتأثرت شخصية الملك عبدالعزيز كثيرًا بشخصيّة والده الإمام عبدالرحمن الفيصل –رحمهما الله- حيث كان أبًا وُمعلمًا وأخًا وصديقًا لابنه، فضلًا عن شخصية والدته الأميرة سارة السديري التي كانت من أكمل النساء عقلًا وتدبيرًا، وكان محبًا لإخوته (خالد، وفيصل، وفهد، ومحمد ونورة)، لكن علاقته بالأميرة نورة -رحمها الله- كانت أكثر حميمية، واحتلت مكانة كبيرة في نفسه -رحمه الله-، حتى إنه ينتخي بها بالقول: “أنا أخو نورة أنا أخو الأنوار”، ويحرص على زيارتها يوميًا في منزلها.
وللملك عبدالعزيز شخصية قوية آسرة ومهابة تأثر بها كل من قابله، وصورة باسمة مشرقة بأسارير متهلّلة بما عُرف عنه -رحمه الله- من لين الجانب والتواضع والمرح، وعدم تكلّفه في الحديث مع أبناء شعبه ورعيته، فضلًا عن كرمه وسخائه مع الجميع، فلم يكن ملكًا فقط، بل كان رب أسرة ومحبًا للجميع، ورجلًا قدوةً في أفعاله وسلوكياته.
وعُرف عن الملك عبدالعزيز احترامه الكبير للعلماء طيلة فترة حياته –رحمه لله–، فكان يقدمهم على إخوته في مجلسه، ويستمع إليهم، ومبعث ذلك إيمانه التام بقيمة العلم والعلماء وأثرهم في الحياة، وأن احترامهم وحسن العلاقة بهم والاستئناس بآرائهم واجب تمليه العقيدة الإسلامية التي ظل مطبقًا لمنهجها –رحمه الله- في حياته الخاصة والحياة العامة في البلاد، ومضى على ذلك النهج من بعده أنجاله الملوك البررة.