المبادرة تقوم علي شراكة حقيقية بين البنوك وشركات التطوير العقاري وليس تمويلا فقط
تقرير يكتبه – خالد عبد الحميد
أعلن البنك المركزي المصري مؤخرا تسجيل إجمالي الودائع في الجهاز المصرفي رقما قياسيا لأول مرة في تاريخها بنهاية شهر ابريل الماضي، حيث أعلن ارتفاع إجمالي ودائع الجهاز المصرفي إلى 9.308 تريليون جنيه
وهنا وأمام هذا الرقم الكبير وحجم الودائع الضخم المحقق نبدأ تقريرنا حول إمكانية قيام البنوك المصرية بتشييد وإفامة مدن سكنية متكاملة كأحد الأوجه الاستثمارية لأنشطة هذه البنوك تعظيما لأرباح العملاء .
ومع الدور المهم الذي تلعبه البنوك المصرية في قطاع التمويل العقاري والذي تخطي عشرات المليارات من الجنيهات إلا أن السوق العقاري يستوعب أضعاف هذه المبالغ وما ما دفعنا في ( بوابة الوطن المصري ) إلي طرح مبادرة « مدن سكنية للبنوك المصرية» وهي قيام البنك بما لديه من محافظ عقارية بإنشاء مدن سكنية متكاملة يمولها بجزء من ودائعه بالمشاركة مع إحدي شركات التطوير العقاري والتي تتولي عملية التخطيط والتنفيذ للمدينة السكنية . ومن عائد بيع وحدات المدينة السكنية وكذا الوحدات الإدارية والمولات التجارية يحقق البنك أضعاف الأرباح التي يمكن أن يحققها من عائدات التمويل العقاري مع عدم الاستغناء كليا عن مشروع التمويل العقاري بالأساس .
طرحنا المبادرة والفكرة علي خبير اقتصادي ومصرفي مشهود له بالبنان لنتحاور معه حول إمكانية تنفيذ هذه المبادرة وايجابياتها وسلبياتها .
دار حوار طويل بين رئيس تحرير بوابة ( الوطن المصري) صاحبة المبادرة وبين الخبير الاقتصادي والمصرفي وليد عادل أحد القيادات الواعدة في المصرف المتحد والذي لخص إيجابيات المبادرة وسلبياتها في الآتي :
« فكرة استثمار البنوك في بناء مدن سكنية متميزة ومتوسطة ومنخفضة المستوى بالشراكة مع شركات التطوير العقاري هي فكرة جيدة وتحظى بتفكير واهتمام عدد من البنوك والمؤسسات المالية حول العالم ، ومن الأسباب التي قد تدعو البنوك للاستثمار في هذا المجال:
- تنوع محفظة الاستثمار: يعد استثمار البنوك في العقارات وبناء المدن السكنية فرصة لتنويع محفظة استثماراتها ويمكن للعقارات أن توفر عوائد استثمارية طويلة الأجل ومستقرة، وتعتبر واحدة من الأصول الثابتة التي يمكن استخدامها لتعزيز قدرة البنوك على تحقيق أرباح مستدامة.
- الطلب على الإسكان: يوجد طلب مستمر على الإسكان في معظم البلدان، بما في ذلك المدن ذات الدخل المتوسط والمنخفض ، وقد ترغب البنوك في استغلال هذه الفرصة السوقية لتلبية احتياجات السكن وتوفير خيارات سكنية متنوعة للمجتمع.
- التعاون مع شركات التطوير العقاري: يمكن للبنوك التعاون مع شركات التطوير العقاري للاستفادة من خبراتها ومعرفتها في مجال بناء المدن السكنية حيث يمكن أن تقدم البنوك التمويل والخدمات المصرفية لهذه الشركات، بينما تقوم شركات التطوير العقاري بإدارة وتنفيذ المشاريع العقارية.
- الاستدامة البيئية والاجتماعية: يمكن للبنوك أن تلتزم بمفهوم الاستدامة في بناء المدن السكنية، من خلال تطبيق معايير المباني الخضراء وتوفير بيئة سكنية صحية ومستدامة ، ويمكن أن يؤدي هذا النهج إلى توفير فوائد بيئية واجتماعية للمجتمع وتحقيق تأثير إيجابي على المستوى البيئي.
مع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن استثمار البنوك في بناء المدن السكنية ينطوي على تحديات ومخاطر محتملة ، من بين هذه التحديات:
- المخاطر المالية: قد تكون الاستثمارات العقارية ضخمة وتتطلب رؤوس أموال كبيرة، مما يعرض البنوك لمخاطر مالية عالية ويجب أن تقوم البنوك بتقييم المخاطر المحتملة وإدارتها بعناية، بما في ذلك مخاطر السوق العقارية وتغيرات الطلب والعرض.
- التشريعات واللوائح: قد تواجه البنوك تحديات قانونية وتنظيمية في بناء المدن السكنية، بما في ذلك الالتزام بمتطلبات البناء والتخطيط العمراني والحصول على التراخيص اللازمة، ويجب على البنوك أن تلتزم بالقوانين واللوائح المعمول بها في البلدان التي تعمل فيها.
- التغيرات الاقتصادية: يعتمد قطاع العقارات بشكل كبير على حالة الاقتصاد والتغيرات الاقتصادية ، وقد تتأثر البنوك بتقلبات السوق وتغيرات أسعار العقارات والطلب على الإسكان بشكل عام ، ويجب أن تكون البنوك مستعدة للتعامل مع المتغيرات الاقتصادية وتحديات السوق.
- المسؤولية الاجتماعية: يشمل استثمار البنوك في بناء المدن السكنية المتميزة والمتوسطة والمنخفضة المستوى المسؤولية الاجتماعية حيث يجب أن تضمن البنوك أن المشاريع العقارية تلبي احتياجات المجتمع وتعزز التنمية المستدامة والتوازن الاجتماعي.
في النهاية، تعتبر فكرة استثمار البنوك في بناء المدن السكنية متميزة ومتوسطة ومنخفضة المستوى شراكة محتملة تجمع بين الجوانب المالية والاجتماعية والبيئية ، ويجب أن تقوم البنوك بتقييم الفرص والتحديات والمخاطر بعناية قبل اتخاذ قرار الاستثمار وضمان أنها تتبع أفضل الممارسات والمعايير في هذا المجال.
ولخص الخبير الاقتصادي وليد عادل التحديات التي تواجه البنوك في هذا الإطار قائلا : تواجه البنوك عدة تحديات في مجال استثمارها في بناء المدن السكنية ، ومن أهم هذه التحديات:
- التحديات المالية: يعد تمويل مشاريع بناء المدن السكنية استثماراً ضخمًا يتطلب رؤوس أموال كبيرة. قد يكون من الصعب للبنوك توفير التمويل اللازم لهذه المشاريع، وخاصة في حالة وجود تقلبات في الاقتصاد أو تحديات مالية عامة.
- المخاطر العقارية: تواجه البنوك مخاطر عقارية متعددة، بما في ذلك تقلبات أسعار العقارات وتغيرات الطلب والعرض. قد يتعرض السوق العقارية لتقلبات تؤثر على قيمة الممتلكات العقارية وتؤثر على عائدات الاستثمار.
- التشريعات واللوائح: تعمل البنوك في إطار تشريعات ولوائح محددة، وقد تواجه تحديات قانونية وتنظيمية في بناء المدن السكنية حيث يلزم الامتثال للمتطلبات القانونية والحصول على التراخيص والموافقات اللازمة للمشاريع العقارية.
- التحديات البيئية والاستدامة: يتزايد الاهتمام بالاستدامة البيئية في بناء المدن السكنية فقد تواجه البنوك تحديات في تنفيذ مشاريع مستدامة والالتزام بمعايير البناء الخضراء والحصول على شهادات الاعتماد البيئي.
- الاحتياجات الاجتماعية والثقافية: يجب أن تلتزم البنوك بتلبية الاحتياجات الاجتماعية والثقافية للمجتمعات التي تخدمها. قد تواجه التحديات في تصميم مشاريع سكنية تناسب تلك الاحتياجات وتعزز التنوع والتوازن الاجتماعي.
- المسؤولية الاجتماعية: تشمل استثمارات البنوك في المشاريع العقارية مسؤولية اجتماعية كبيرة حيث يجب أن تكون المشاريع مستدامة اجتماعيًا وتعزز التنمية المستدامة وتوفر فوائد للمجتمع المحيط.
- التغيرات الاقتصادية: تتأثر صناعة العقارات بشكل كبير بتغيرات الاقتصاد فقد تواجه البنوك تحديات في التعامل مع تقلبات السوق العقارية والتغيرات الاقتصادية الأخرى التي يمكن أن تؤثر على استدامة المشاريع العقارية.
من الجدير بالذكر أن التحديات التي تواجه البنوك في مجال بناء المدن السكنية قد تختلف من بلد إلى آخر وتعتمد على الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكل بلد على حدة وقد تواجه البنوك أيضًا تحديات أخرى مثل التكنولوجيا والابتكار والتنافسية في السوق.
وللتغلب على التحديات المالية، يمكن للبنوك اتباع عدة استراتيجيات ومن بينها:
- تنويع مصادر التمويل: يمكن للبنوك تنويع مصادر التمويل من خلال جذب المزيد من الودائع والاقتراض من السوق المالية ويمكنها أيضًا استكشاف خيارات التمويل البديلة مثل الاستثمارات الاستراتيجية وشراكات الأعمال.
- تحسين هيكل رأس المال: يمكن للبنوك تحسين هيكل رأس المال الخاص بها عن طريق تعزيز رأس المال الأساسي وزيادة المخصصات المالية للتغطية من المخاطر المحتملة. قد تستدعي هذه الاستراتيجية تعاونًا مع الجهات التنظيمية للتأكد من الامتثال للمعايير المالية.
- إدارة المخاطر: يجب على البنوك تحسين إدارة المخاطر الخاصة بها وتقييم المخاطر المحتملة بشكل دقيق. يمكنها تنفيذ إجراءات تحكم صارمة للحد من المخاطر المالية وتحسين إجراءات التقييم والرصد المستمر.
- تحسين الكفاءة التشغيلية: يجب على البنوك تحسين كفاءتها التشغيلية من خلال تحسين أنظمتها وعملياتها الداخلية كما يمكنها تبني التكنولوجيا المالية المبتكرة لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.
- التركيز على الابتكار والتكنولوجيا: يمكن للبنوك الاستفادة من التكنولوجيا والابتكار لتطوير منتجات وخدمات مالية جديدة و يمكنها استخدام التكنولوجيا المالية المبتكرة مثل التعلم الآلي وتحليل البيانات الضخمة لتحسين عملياتها وتقديم خدمات أفضل للعملاء.
- بناء شراكات استراتيجية: يمكن للبنوك بناء شراكات استراتيجية مع شركات أخرى في الصناعة المالية لتبادل المعرفة والخبرات وتقاسم المخاطر. يمكنها أيضًا التعاون مع الحكومات والمؤسسات الدولية للحصول على دعم إضافي في تمويل المشاريع الكبيرة.
- التوسع الجغرافي: قد يفكر بعض البنوك في التوسع إلى أسواق جديدة لتنويع مصادر الدخل وتعزيمل القدرة التنافسية. يمكن للتوسع الجغرافي أن يوفر فرصًا للنمو وتوفير مزيد من الإيرادات.
هذه بعض الاستراتيجيات التي يمكن للبنوك اتباعها للتغلب على التحديات المالية كما يجب على البنوك أيضًا أن تكون مرنة ومبتكرة في تطبيق الاستراتيجيات المناسبة لأوضاعها الخاصة والتحديات التي تواجهها في السوق.
في الحلقة القادمة نتعرف علي رأي بعض رؤوساء شركات التطوير العقاري ومدي إمكانية المشاركة في مثل هذه المبادرات