الوطن المصري – ناريمان خالد
كان للتوسعات السعودية المتعاقبة في المسجد الحرام منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – دورها وأثرها البالغ في استيعاب الأعداد المليونية من ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والمصلين والمتزايدة بشكل مطرد عامًا بعد عام حيث واكبت حكومة المملكة تلكم الأعداد من خلال قيامها بالتوسع في إنشاء المرافق المساندة داخل وخارج المسجد الحرام وتوفير جميع الإمكانات الآلية والتقنيات المتطورة وإدارة تلك المنظومة من خلال كوادر بشرية مؤهلة تأهيلًا عاليًا واحترافيًا حيث أسهمت بشكل كبير ومباشر في استيعاب تلك الأعداد وتوفير جميع الخدمات المتقدمة والراقية لها ، مما أسهم في التيسير والتسهيل عليهم أداء مناسكهم وهم ينعمون بكامل الطمأنينة والراحة.
فمنذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -، حظي الحرم المكي بالعناية الخاصة والاهتمام على تهيئته بما يتناسب مع مقامه المقدس، حيث قام – رحمه الله -، ومن بعده أبناؤه الملوك البررة، بإجراء العديد من التوسعات للمسجد الحرام حيث تعد تلك التوسعات التي أجريت من أكبر التوسعات في تاريخ المسجد الحرام.
وبحسب مساعد الرئيس العام لشؤون مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة والمعارض والشؤون الهندسية والتشغيلية المهندس سلطان بن عاطي القرشي فقد بلغت المساحة الإجمالية لجميع التوسعات (750) ألف متر مربع، وذلك لاستيعاب ما لا يقل عن مئة وخمسة آلاف طائف بالساعة، بالإضافة إلى ما يزيد عن ثلاثة ملايين مصلٍ مما يدل على حرص ملوك المملكة، بداية من مؤسسها على تقديم كل ما فيه خدمة للدين الإسلامي الحنيف، وبيت الله الحرام.
ولفت المهندس القرشي النظر إلى أن العمل بدأ في الرواق السعودي منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وأكمل أبناؤه البررة من بعده هذا الاهتمام إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – ليكون مفخرة للمملكة العربية السعودية على مر الأزمان.
وقال : أمر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – سنة ١٣٤٤هـ بترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملًا وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وكذلك ترخيم عموم المسجد، وفي سنة ١٣٤٥هـ أمر بوضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حر الشمس. كما أنه أمر – رحمه الله – في سنة ١٣٤٦هـ بإصلاح آخر للمسجد الحرام، شمل الترميم والطلاء، كما أصلح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم وشاذروان الكعبة المشرفة.
وأضاف يقول : في مستهل العام ١٣٧٣هـ أمر الملك عبدالعزيز بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم وبعدها بعام في ١٣٧٤هـ أمر بإنشاء بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم، وفي سنة ١٣٧٥هـ أمر باستبدال الشمعدانات الستة بحجر إسماعيل عليه السلام بأضواء الكهرباء، كما أمر رحمه الله بتبليط أرض المسعى.
وأشار المهندس القرشي إلى أنه في العام ١٣٧٥هـ ألقى الملك سعود خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها المؤسس – رحمه الله – وبدأ العمل في ٤ ربيع الآخر عام ١٣٧٥هـ، وتضمنت هذه التوسعة ثلاثة طوابق، وهي الأقبية ، والطابق الأرضي، والطابق الأول، مع بناء المسعى بطابقيه وتوسعة المطاف، وأصبح بئر زمزم في القبو، وفي سنة ۱۳۸۷هـ تم إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم لزيادة مساحة صحن المطاف للطائفين، كما وضع المقام في غطاء بلوري، وفي العام ١٣٩١هـ أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف، وفي سنة ١٣٩٢هـ بدئ في بناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله.
وأفاد مساعد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أنه في العام ١٣٩٦هـ أتم الملك خالد – رحمه الله – ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام الأولى، كما تم في عهده – رحمه الله – افتتاح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، عام ١٣٩٧هـ، وفي سنة ۱۳۹۸هـ تم توسيع المطاف في شكله الحالي، كما فُرشت أرضيته برخام مقاوم للحرارة جُلب من اليونان مما زاد من راحة المصلين والطائفين، وشملت توسعة المطاف نقل المنبر والمكبرية وتوسيع قبو زمزم، وجعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى، وركبت صنابير لشرب الماء وجعل للبئر حاجز زجاجي.
وبين المهندس القرشي أنه في مستهل العام ١٤٠٦هـ أمر الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، كما أنه في العام ١٤٠٩هـ وضع الملك فهد – رحمه الله – حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وفي سنة ١٤١١هـ أُحدثت ساحات كبيرة محيطة بالمسجد الحرام، وهُيئت للصلاة، لا سيما في أوقات الزحام، حيث بُلطت برخام بارد ومقاوم للحرارة وأُنيرت وفُرشت، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الساحات (٢٥٨٨٠٠٠) متر مربع، وفي سنة ١٤١٥هـ وُسعت منطقة الصفا في الطابق الأول تسهيلًا للساعين وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا، وفي سنة ١٤١٨هـ أُنشئ جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام، وفي سنة ١٤٣٨هـ أمر بتوسعة وتطوير المسعى بكامل أدواره.
وأشار المهندس القرشي إلى أنه في مستهل العام ١٤٣٢هـ دشن الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام بتكلفة ٢٠٠ مليار ريال، حيث رُفعت الطاقة الاستيعابية للحرم إلى مليون في أوقات الذروة، و ٦٠٠ ألف مصل خارج أوقات الذروة وتوسعة المطاف، وبدأت مراحل العمل على مضاعفة الطاقة الاستيعابية بصحن الطواف إلى ٣ أضعاف طاقته السابقة ليتمكن ١٥٠ ألف شخص من الطواف كل ساعة، بالإضافة إلى أنظمة الصوت والإضاءة والتكييف ومنظومة طواف المشاة.
وأبان المهندس سلطان القرشي أنه مع بداية العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود دشن – أيده الله – في العام ١٤٣٦هـ خمسة مشاريع رئيسة ضمن المشروع الشامل للتوسعة السعودية الثالثة، وهي مشروع مبنى التوسعة الرئيس، ومشروع الساحات ومشروع أنفاق المشاة ومشروع محطة الخدمات المركزية للمسجد الحرام، وتشمل التوسعة السعودية الثالثة على (٤) منارات بارتفاع (١٣٥م)، ويبلغ عدد القباب السماوية بمبنى التوسعة (۱۲) قبة سماوية متحركة و(٦) قباب سماوية ثابتة ويبلغ عدد السلالم الكهربائية بكامل المشروع (٦٨٠) سلمًا لتسهيل عملية تنقل الزوار, كما تقدرمساحة مسطحات كامل المشروع بـ (١٣٧١٠٠٠م٢).
وشرح المهندس سلطان بن عاطي القرشي عن الرواق السعودي والذي يتضمن مشروع توسعة المطاف خلف الرواق العباسي، ويحيط به وبصحن الكعبة المشرفة، والذي أتى حين أمر الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ببناء توسعة للمسجد الحرام لاستيعاب أعداد الحجاج المتزايدة، وبدأ العمل عليه في عهد الملك سعود عام 1375هـ/1955م، واستمر بناء الرواق في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله-، ليستكمل تطويره في عهد الملوك فهد وعبدالله – رحمهم الله -، وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
يذكر أن الرواق السعودي يحيط بالرواق العباسي ليكون مكملًا له، مع تميزه بمساحة أوسع لم يشهدها المسجد الحرام من قبل، حيث يتكون من (٤) أدوار وهي الدور الأرضي، الدور الأول، الدور الثاني “الميزانين”، والسطح وأصبحت الطاقة الاستيعابية للرواق السعودي (٢٨٧٠٠٠) مصل، و(١٠٧٠٠٠) طائف في الساعة بالرواق وصحن المطاف.
ويوفر الرواق السعودي مساحات أوسع للطائفين والمصلين، وفق معايير هندسية عالية الجودة والدقة، كما يمتاز بتوافر جميع الخدمات التقنية والخدمية وأنظمة الصوت والإنارة، التي تسهم في تهيئة البيئة الإيمانية الخاشعة لضيوف الرحمن.