الجمعة, 22 نوفمبر, 2024 , 1:38 م
اللواء محسن حمدي رئيس لجنة مفاوضات طابا

اللواء محسن حمدي:إسرائيل حاولت طمس العلامة الحدودية لحرمان مصر من طابا

السادات قال  لـ شارون : «دي مش أرض أبونا علشان نجامل فيها»

الخبث والتضليل كانت سمات المفاوض الإسرائيلي .. وقابلها إصرار لا يلين من المفاوض المصري

كتب – خالد عبد الحميد

في ذكري 25 إبريل عيد تحرير سيناء وذكري استرداد « طابا » يطيب لنا أن نتعرف علي تفاصيل أصعب مفاوضات تمت في العصر الحديث بين مصر واسرائيل حتي نذكر الأجيال الشابة التي لم تعاصر هذه المفاوضات بمدي الجهد والوقت المبذول لاستعادة السيادة المصرية علي كامل أراضينا ولن يكون هناك أفضل من اللواء محسن حمدي رئيس لجنة مفاوضات طابا ورئيس اللجنة المشرفة علي انسحاب اسرائيل من سيناء ليحدثنا عن تفاصيل هذه المفاوضات الشاقة التي كللها الله بالنجاح في النهاية .

قال اللواء محسن حمدي رئيس لجنة مفاوضات طابا أن اسرائيل كانت متمسكة بالاحتفاظ بمنطقة طابا لأنها كانت منطقة حاكمة بالمصطلح العسكري، حيث يعد وادي طابا منطقة هامة في صورة مثلث، كيلومتر و٩٠ مترًا، بها هضبة مثل جبل تسمي نقطة “ركوب الجبل”، حيث تشرف علي إيلات المحتلة كما تشرف علي الجانب المصري فمن يمتلكها يستطيع الاطلاع علي الجانب الآخر، ووجودها في مدخل خليج العقبة يعزز من  التواجد بالممر المائي الهام .

وأضاف أن إسرائيل حاولت طمس العلامة الحدودية لحرمان مصر من طابا ولكننا كشفنا زيفها حيث كنا نمتلك خرائط موثقة وصورًا، فوجدناهم  كسروا العلامة للتضليل، وتكمن أهمية العلامة 91 تحديداً بالنسبة لهم فى 3 نقاط أساسية، فهذه النقطة ستمكنهم من الحصول على «وادى طابا»، إسرائيل لم تكن تقبل أصلاً الانسحاب من سيناء، وهذه النقطة تحديداً  كما ذكرت كانت ستمكنها من السيطرة على الوادى من خلال أعلى نقطة،  حيث يكون كاشفاً تماماً لكل المنطقة المحيطة وأى تحركات مصرية ويراقبها، وكان هناك هدف اقتصادى، لأن إيلات ليس بها شاطئ على البحر، إذن فهم كانوا يريدون سياحة وطابا كانت نقطة جذب سياحية كبرى لهم، أما الأهمية الإستراتيجية والسياسية فكانت ترتكز على قرار الأمم المتحدة رقم 242 لسنة 67، الذى يشير إلى أن تنسحب القوات الإسرائيلية من الأراضى المحتلة التى احتلتها بلفظ «lands Occupied» ولم يقل «The landsOccupied» وهنا الفرق كبير، حيث تعنى الأولى أراضى محتلة بينما تعنى الثانية “كل الأراضى المحتلة” وقد صاغ نص هذا القانون رجل إنجليزى، والإنجليز معروفون بخبثهم ودهائهم الشديد، وهذا يعنى لدى الإسرائيليين أن من حقهم عدم الانسحاب من كل الأراضى التى احتلوها وفقاً لذلك القرار، وإذا استطاعت إسرائيل أن تُبقى على جزء من أرض مصر فيمكنها أن تُبقى كذلك على جزء من أراضى سوريا ولبنان والأردن.

قالوا لنا إن العلامة 91 ليست فى قمة الجبل، بل فى الوادى، وحينما طلبنا الصعود إلى العلامة 91 كما هى مثبتة عندنا، قالوا لنا الهليكوبتر لن تستطيع الهبوط فوق الجبل، فطلبنا سيارة جنزير فقيل لنا الساعة الآن 5 وقت الغروب، ولدينا تعليمات بعدم التحرك والرجوع، فصممنا على المعاينة وصعدنا على أرجلنا، وبالفعل وصلنا إلى القمة ووجدنا أثراً للعلامة 91 لكن لم نجد العلامة نفسها العامود  الحديد المميز للنقطة ، وأذكر أنه كان معنا رقيب أول محمد عبدالمجيد، الذى نزل إلى مخر السيل للبحث عن أى دليل، وبعد قليل وجدته يهتف : يا فندم وجدنا العلامة رقم 91،  فمن غبائهم الشديد أنهم خلعوا العلامة وألقوا بها فى مخر السيول، ولم يفكروا حتى فى إخفائها بطريقة ذكية!

ورغم ذلك استمر الوفد الإسرائيلي في عناده رغم الصدمة ، وعنَّف أرييل شارون رئيس وزراء اسرائيل الأسبق “ميلاميد” رئيس المساحة العسكرية فى وزارة الدفاع الإسرائيلية وقتها بشدة، وعرفنا فيما بعد أن شارون هو من أمره بإخفاء العلامة، ورغم أن العلامة كانت فى أيدينا فإنهم أنكروها، وقال له: الطبيعة لا تكذب،  ثم اتجه إلينا قائلاً: “إن العلامة 91 ليست فى هذا المكان من الأساس بل فى مكان آخر”، وكنت أصطحب معى مترجم لغة عبرية لمعرفة ما يقوله أعضاء الوفد الإسرائيلى فيما بينهم، على اعتبار أننا لا نفهم العبرية، وكان هذا المترجم متخفياً فى شخصية سكرتيرى الخاص، كما أنهم أيضاً كان لديهم نفس التكتيك!

جانب من المفاوضات

وأشار إلي أن المفاوضات كانت في غاية الصعوبة ، من بدايتها من الحديث عن النقطة ١ في رفح كانوا يحاولون ” ابتزازي ” كرئيس للجنة وكنت وقت مسيرة المفاوضات  برتبة عميد ثم رقيت لرتبة اللواء ، بينما كان رئيس اللجنة من جانبهم بريجيدير “دوف سيون” وهي رتبة تقابل اللواء ، وله مكانة كبيرة فهو زوج ابنة موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وقتها  ، ومع ذلك لم تنجح إسرائيل في أن تأخذ شبر واحد من أرضنا،  في عام ٧٩ عند النقطة ٢٧ فريق المساحة العسكرية، فوجئنا بوجود شارون ، وكان مصمم علي مساحة بسيطة هي متر و٧٠ سنتيمتر ، فرددت عليه ان شاء الله سم واحد، فحاول أن يهاجمني منفعلا :” أنا وزير الدفاع الإسرائيلي ، فقلت له وانا رئيس اللجنة المصرية”،  حاول شارون ان يثير تلك النقطة مع الرئيس السادات  وقتها وادعي اني سأفسد المفاوضات  فرد عليه : “دي مش أرض أبونا علشان نجامل فيها” .

وأضاف :  المقايضة والمجادلة كانت هي السمة الرئيسية للمفاوض الإسرائيلي ، لكن كان يقابله اصرار لا يلين من المفاوض المصري ، لان الحق معنا فكان لدينا الثقة بأن الله سينصرنا ولن نتنازل عن سنتيمتر  من ارضنا وسننتهي من الاتفاق في الميعاد المتفق عليه قبل 25 ابريل 82 ، وأرجأنا النقاط الخلافية ،  14 نقطة خلافية منها 13 نقطة متنوعة اضافة الي النقطة 91 عند طابا ، كان الخلاف حول  أمتار تتراوح بين 100 متر 200 , متر ،  مبدأنا دوما  التمسك بالحق والانتهاء من كل نقطة ممكنة تباعا، وعندما تم الإتفاق علي ارجاء  النقاط الخلافية للمستشارين ، وطلبني رئيس لجنتهم لانهاء النقاط الخلافية منفردين بعيدا عن باقي أعضاء اللجنة، وعرض علي أن يتنازلوا عن مطالبهم في ال13 نقطة مقابل أن نترك لهم النقطة 91 وهي مثلث وادي طابا ، وعندنا رفضت تم لأول مرة العرض علي القيادة العامة وأظهرت ما عرف اعلاميا بأزمة طابا، وانطلقنا الي تقديم الاثباتات الرسمية التي حسمت موقفنا .

مشيرا إلي أن قرار لجنة التحكيم الدولى صدر يوم 15 مارس 1989 لكن التنفيذ على الأرض بالفعل تأخر 3 أيام، ليعلن رفع العلم يوم 19 مارس، كيف استمرت المماطلة الإسرائيلية لأخر لحظة؟

بالفعل  عند التنفيذ اخترعوا قصة أنهم لا يعرفون نهاية خط الحدود بعد التحكيم الدولى إلى أين ينتهى على الشاطئ، وحاولوا الحصول على 10 أمتار داخل الأراضى المصرية خلال تلك الأيام الثلاثة، وفشلوا، ورُفع العلم يوم 19 مارس 1989.

السادات يكرم اللواء محسن حمدى رئيس اللجنة العسكرية لاسترداد طابا

 

 

 

اترك رد

%d