أن تنتفض للدفاع عن الوطن الذي يأويك ، والدولة التي تحتويك فهي قمة الوطنية إلا إذا كانت للوطنية معان أخري لا نعرفها .
الآن مصر تتعرض لهجمة جديدة ربما لا تقل في ضراوتها عن هجمة 2011 ، والهجمة هذه المرة شاملة ومتعددة الاتجاهات والجوانب ،وهو ما يثير مخاوفنا .
فعلي الجانب السياسي ولإخضاع مصر لرغبات ( من يعتقد أنه لا يزال زعيم العالم ) تم إشعال الحدود الجنوبية لمصر من بوابة السودان والتحفظ علي بعض من رجالنا الذين كانوا في مهمة تدريبية ، والهدف هو الوقيعة بين الشعببين الشقيقين وإبعاد السودان عن مصر لتنفيذ مخطط تركيع مصر والاستيلاء علي خيرات السودان ، واقتلاع دارفور من حضن الوطن السوداني .
صاحب ذلك فرض حصارا اقتصاديا غير رسمي أو معلن علي مصر لضرب عملية التنمية التي تشهدها أرض الكنانة منذ سنوات ورفع أسعار مختلف السلع إلي حدود غير مسبوقة لإشعال الجبهة الداخلية بهدف إثارة المواطنين ضد ( الحُكم ) حتي تصبح الأجواء مهيأة تماما لنشر فوضي عارمة في البلاد تأتي علي الأخضر واليابس ، ناهيك عن الغزو الثقافي ومخطط ضرب الهوية المصرية الذي ينفذ منذ سنوات بأدوات مصرية ( مية في المية ) بدأت بأعمال فنية تجارية أثرت سلبا علي ثقافة الشباب المصري حتي أصبح البلطجية والشمامين والهباشين والفاسدين قدوة لشباب مصر الذي غيبته المخدرات المنتشرة في الطرقات ، ومرورا بإنهيار العملية التعليمية إلي أدني مستوي لها رغم تصريحات المسئولين العارية من الصحة
والطامة الكبري التي ربما تكون قد ساهمت في تنفيذ مشروع المخطط الأجنبي لتركيع الدولة المصرية هو غياب ضمير بعض المسئولين الذين استحلوا الحرام ودعموا الفساد في البلاد في عدد كبير من قطاعات الدولة .
حتي أصبحنا أمام مشهد لا يخفي علي أحد .. هذا المشهد يضم فريقين : الأول فريق بناة مصر والدفاع عن مقدراتها وهذا الفريق يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ومعه شرفاء هذا الوطن من مسئولين ومجتمع مدني الذين يواجهون التحديات الخارجية والداخلية بشرف ووطنية .
والفريق الآخر يضم ( شلة الفاسدين ) من بقايا المسئولين والمجتمع المدني .. هؤلاء هم تجار الأزمات الذين يتاجرون بقوت الشعب ليس فقط بهدف تحقيق ثروات طائلة ، ولكن ربما وهو الهدف الخفي تنفيذ مخطط إشعال الجبهة الداخلية وتأليب الشعب علي القيادة السياسية كما سبق وأوضحنا اتساقا مع المخطط الأجنبي للنيل من مصر .. لماذا لأنها رفضت تنفيذ رغبات وتعليمات وإملاءات خارجية تصطدم بسيادة الدولة وهو ما كان يتم في عهود سابقة ، ومن يفتش في الملف الروسي الأوكراني وموقف مصر منه سيتأكد من صحة ما نقوله .
وإزاء هذه المعطيات والمشهد الذي يفرض نفسه الآن علي الأرض مطلوب منا جميعا أن نستيقظ لما يحاك بمصر ، وأن نتابع خط سير المؤامرة الغربية علي بلادنا .. علينا الا نسمح لأهل الشر من كارهي مصر تنفيذ مخطط ضرب الجبهة الداخلية كما حدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا ويحدث الآن في السودان .
وعلي القيادة السياسية دور أيضا في مواجهة هذه الأزمة وهي الضرب بيد من حديد علي أيدي الفاسدين الذي يحاربون مصر من الداخل – إن صح التعبير- هؤلاء هم الخطر الحقيقي علي الدولة المصرية لأنهم السوس الذي ينخر في عضد وأركان الدولة .
حاسبوا المسئول الذي ساهم بفساده في حرمان المواطنين من حقهم الشرعي في الحصول علي وحدة سكنية بعد أن سمح لمن يعملون معه بالاستحواذ علي أكبر عدد من الوحدات بالمخالفة للقانون ، ثم بيعها بايصالات بأضعاف ثمنها وتحقيق أرباح طائلة بطرق غير مشروعة.
حاسبوا عصابة الذهب التي أشعلت أسعاره بدون مبرر أو مقتضي مقبول حتي أن مسئول كبير بشعبة الذهب طالب أكثر من مرة التجار بوقف البيع والشراء لمواجهة هذه ( الحُمة ) – بضم الحاء – السعرية غير المسبوقة .
حاسبوا تجار العُملة الذين يعملون خارج الأطر الشرعية وساهموا وبقوة في تدمير العملة الوطنية ، مع ضرورة ضبط السياسات النقدية حفاظا علي البقية الباقية من الجنيه الذي يتهاوي أمام الدولار رغم ضعف ومعاناة الأخير .
حاسبوا مافيا المستوردين الذين يجهضون كل تحرك حكومي لضبط الأسعار ، حتي أصبح الاستيراد هو الأساس والانتاج المحلي هو الاستثناء ، وعلينا أن نتابع الارتفاع الجنوني اليومي لأسعار السلع الأساسية .. حتي ( الفراخ البرازيلي ) استولي عليها تجار الأزمات وأعادوا تدويرها لـ (فراخ بانية ) وبيعها بأضعاف أضعاف ثمنها لتستمر أزمة الدجاج في البلاد .
أوقفوا أنصاف الإعلاميين والصحفيين عن تصدر المشهد الإعلامي في مصر .. هؤلاء لا يبنون وطنا ولا يدعمون قيادة ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكونوا همزة وصل بين الدولة والمواطن ، وهو ما يفسر ما يدلي ويصرح به دائما الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن الإعلام لا يساعد أو يساهم في تبصير المواطن بما يتم من إنجازات رغم أنها فاقت كل التوقعات في أقل السنوات ، وأنا أقول أن فاقد الثقة لا يمكن أن يحمل لواءها .
دعونا نقولها يمنتهي الصراحة والشفافية : مصر تحتاج لحكومة حرب وإعلام حرب .. وقادة فكر يستطيعون أن يكونوا سندا حقيقيا للقيادة السياسية وقت الأزمات والمعارك وما أشدها الآن علي مصر .
نعم لدينا سلبيات علينا علاجها وفورا حتي لا تساهم في شق الاصطفاف الوطني ، ومع اعترافنا بتلك السلبيات ، فإن هناك إيجابيات وجنود مجهولة تعمل في صمت دون ضجة أو صخب .. هؤلاء هم حماة الوطن وحراسه .. أجهزة مصر السيادية والأمنية التي ضحت بفلذات أكبادها دفاعا عن الوطن والمواطن .. استشهد الرجال وتركوا خلفهم مئات من الأيتام والأرامل يواجهون قسوة الحياة بدون عائلهم.
وفي نهاية حديثنا الذي لا نبغي من وراءه سوي رفعة هذا الوطن ودعم قيادتنا الوطنية، نؤكد علي دورنا التنويري لتبصير المواطن بما يدور حوله والتحديات الجثام التي تواجه مصر.. علينا استمرار الاصطفاف الوطني ولا يجب أن تؤثر السلبيات في التلاحم ووحدة الصف المصري، وعلينا أيضا دعم قواتنا المسلحة وقائدها الأعلي في الحفاظ علي الدولة المصرية وحدودها ، وعلينا كذلك دعم شرطتنا للحفاظ علي أمن وسلامة المواطن ، مع عدم إغفال علاج ما ذكرناه من سلبيات .
اللهم احفظ بلادنا من كل مكروه .. وأدم علينا نعمة الأمن والأمان يا رب العالمين