بقلم / وليد عادل
الخبير المصرفي – رئيس إدارة تحصيل وتسويات التجزئة بالمصرف المتحد
تعرض القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى هزة كبيرة خلال الأيام الماضية بالتحديد فى 10 مارس 2023 بعد الإعلان عن إفلاس بنك سيليكون فالي الأمريكى حيث تأثرت بعض البنوك الأمريكية سلبا وبشكل كبير بسبب سياسة البنك الفيدرالى خلال الفترة الأخيرة نحو رفع سعر الفائدة المستمر والذى أدى الى انخفاض قيمة السندات الحكومية من استثمارات هذه البنوك وما استتبعه من خسائر محققة جراء التخلص من هذه السندات بالبيع حاليا نظرا لانخفاض قيمتها السوقية.
استطاع بنك سيليكون فالى خلال الأربعة عقود الماضية أن يحفظ مكانه بين كبرى البنوك الأمريكية حيث احتل المرتبة 16 خلال الخمس سنوات الأخيرة ويتضح ذلك من ارتفاع معدل ودائع العملاء خلال الـ 5 سنوات الأخيرة من 42 مليار دولار عام 2017 ليصل الى 189.2 مليار دولار عام 2021 ليعزز ذلك ثقة المستثمرين والعملاء بالبنك وكان ذلك انعكاس لحالة السوق خلال هذة الفترة حيث شهد السوق الأمريكى قفزات هائلة فى سوق الأسهم وتحقيق أرباح غير عادية بلغت 15% سنويا مما دفع المستثمرين فى الاستثمار فى سوق الأسهم وخاصة فى شركات التكنولوجيا الناشئة والتى كانت تقوم بدورها بتلقى هذه الأموال وإيداعها فى بنك سيليكون فالى .
بدأت قصة انهيار أحد البنوك الأمريكية – بنك سيلكون فالي – عندما بلغ إجمالى أصول بنك سيليكون فالى 212 مليار دولار بنهاية عام 2022 تم تصنيفها كالاتى 108 مليار دولار سندات حكومية – 74 مليار دولار قروض – 15 مليار دولار نقدية – 15 مليار دولار أصول اخرى حيث يتضح وجود أكثر من 50% من إجمالى الأصول استثمارات فى السندات الحكومية والتى تعد واحدة من أكثر الاستثمارات أمانا وضمان لودائع العملاء إلا أنه شكل أكبر خطر على هذه الاستثمارات عندما قرر مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى مارس 2022 رفع سعر الفائدة لتصل الى 4.75 % مما أدى الى انخفاض قيمة السندات جراء التخلص منها وبيعها فى الوقت الحالى نظرا للعلاقة العكسية بين ارتفاع سعر الفائدة وانخفاض قيمة السند وهذا ماتم بالفعل عندما أعلنت وكالة موديز الأمريكية نيتها تخفيض التصنيف الائتمانى لبنك سيليكون فالى نظرا لاستثمارها نسبة تخطت 55% فى السندات الحكومية مما دفع الى قيام الشركات الناشئة بعمليات سحب مستمر من أموالها المودعة لدى البنك حتى أصبح البنك غير قادر على الاستجابة لعمليات سحب بلغت 173 مليار دولار تمثل ودائع تحت الطلب .
اضطرت السلطات الأمريكية إلى إغلاق مصرف سيليكون فالي حيث قام مسئولى مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية بالسيطرة على جميع فروع البنك وأخيرا إفادة الحكومة الأمريكية والفيدرالى الأمريكى ضمان كافة ودائع العملاء.
وتجدر الإشارة إلى أن أزمة تعثر بنك سيليكون فالي وعدم القدرة على الوفاء بالتزماته تجاه عملائه كان لها بالغ الأثر على حدوث حالة من عدم الاستقرار لدى المودعين بالبنوك الأخرى حيث قاموا بسحب أموالهم بالبنوك الخاصة بهم مما أدى الى تدخل الحكومة الأمريكية لعدم حدوث انهيار بالجهاز المصرف الأمريكى ككل.
في الواقع تأثرت العديد من البنوك حول العالم بالأزمة حيث خسرت أكبر أربعة مصارف أمريكية 52 مليار دولار في البورصات، وأعقبتها المصارف الآسيوية ثم الأوروبية وفي باريس، كما خسر بنك سوسييتيه جنرال 4،49 % وبي إن بي باريبا 3،82 % وكريدي أجريكول 2،48 %. في أماكن أخرى من أوروبا، كما خسر دويتشه بنك الألماني 7،35 % وباركليز البريطاني 4،09 % ويو بي إس السويسري 4،53 %.
ويعد بنك سيجنتشر أحد البنوك الرئيسية في صناعة العملات المشفرة، وهو الأكبر بجانب بنك سيلفرجينت كابيتال الذي أعلن عن التصفية وبلغت قيمتها السوقية 4.4 مليار دولار بعد بيع 40٪
مؤخرا انتبه مجلس الفيدرالى الأمريكى فى اجتماعه الأخير عن مدى تأثر القطاع المصرفى الأمريكى من دواعى رفع أسعار الفائدة حيث قام برفع سعر الفائدة بمعدل 25 نقطة فقط للحفاظ على استقرار القطاع المصرفى وكذلك لكبح جماع التضخم من جهة اخرى.