الوطن المصري – جيهان جابر
أبرز رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية أحمد سعيد خليل الجهود المبذولة من قبل مصر فى مواجهة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
جاء ذلك خلال مشاركة الوحدة اليوم الإثنين فى فعاليات افتتاح ورشة العمل الإقليمية السنوية للتطبيقات وبناء القدرات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتى يتم عقدها هذا العام فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وتنظمها مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالتعاون مع المكتب التنفيذى لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الإماراتى حيث ألقى خليل، كلمة أثناء افتتاح ورشة العمل سلط فيها الضوء على أهم التحديات العالمية التى يتم مواجهتها، ودورها فى انتشار الجرائم المختلفة بما يشمل الجرائم المالية.
وأوضح خليل: “أن المستجدات المتسارعة التى تشهدها الساحة العالمية فى وقتنا هذا تشهد العديد من التحديات أمام العاملين فى مجال مكافحة الجريمة، لاسيما التداعيات التى فرضتها جائحة كوفيد – 19، وفرضت تلك الجائحة تداعيات اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة على دول العالم أجمع، إلى جانب التوترات الجيوسياسية، والتى تفرض تداعيات جسيمة على اقتصادات العديد من الدول، ما يؤدى إلى زيادة الضغوط المفروضة عليها عند التصدى للتداعيات التى تنتج عن تلك الأزمة”.
وأشار إلى أن الأزمات العالمية وتداعياتها تمثل بيئة خصبة لانتشار الجرائم، خاصة تلك العابرة للحدود، مثل جرائم الفساد، والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وجرائم الحياة البرية؛ إذ يحاول المجرمون استغلال الأزمات لارتكاب الجرائم التى تمكنهم من تحقيق مكاسب طائلة، مما يحرم اقتصاديات الدول، وخاصة الدول النامية، من مليارات الدولارات من العوائد المفقودة وفرص التنمية الضائعة، فى حين تستفيد منها تلك الجماعات الإجرامية.
وقال إنه نظرا لحجم المتحصلات غير المشروعة لتلك الجرائم، فإنه دائما ما يلجأ المجرمون إلى إخفاء تلك المتحصلات وغسلها، من خلال وسائل عدة، منها استغلال الحسابات البنكية وإنشاء الشركات الوهمية، وشراء العقارات والأعمال الفنية والمعادن النفيسة والسيارات الفارهة؛ الأمر الذى من شأنه تهديد سلامة واستقرار النظام المالى للدول.
وأضاف أن مصر اتخذت خطوات عدة للتصدى لتلك الجرائم، فعلى صعيد مكافحة الفساد، قامت مصر بالانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتى تعد الصك الدولى الملزم لعملية المكافحة، وتضم فى عضويتها أغلب الدول الأعضاء فى منظمة الأمم المتحدة، إذ انضم إلى تلك الاتفاقية 189 دولة، كما انضمت مصر إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد واتفاقية الاتحاد الإفريقى لمنع الفساد ومكافحته، إلى جانب تشكيل لجنة متخصصة تعمل على التنسيق على المستوى الوطنى، وتضع استراتيجية شاملة لمنع الفساد ومكافحته، وتم مؤخرا إطلاق المرحلة الثالثة من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتى تغطى الفترة من 2023 وحتى 2030.
وفيما يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، انضمت مصر للاتفاقيات الدولية والإقليمية لمكافحة الجريمة المنظمة، ومنها اتفاقية الأمم لمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، كما انضمت إلى الاتفاقيات الإقليمية مثل الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، وبروتوكولات الاتحاد الإفريقى ذات الصلة.
وبغرض التنسيق على المستوى الوطنى بشأن صنع السياسات وتفعيل التعاون مع الجهات الدولية ورفع مستوى الوعى الجماهيرى تجاه تلك الجرائم وتوفير الحماية والمساعدة للفئات الأكثر عرضة للاستغلال، أنشئت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والتى تضم فى عضويتها كافة الجهات المعنية فى هذا الشأن، وتقوم تلك اللجنة بوضع مجموعتين من الاستراتيجيات والخطط التنفيذية: الأولى تركز على مكافحة الاتجار بالبشر، والأخرى تتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، إلى جانب ذلك لدى مصر الإطار التشريعى لمكافحة تلك الجرائم والذى يتضمن عقوبات متناسبة ورادعة لمرتكبيها.
أما عن الجرائم البيئية وجرائم الحياة البرية، خصصت مصر ضمن الأبعاد الثلاثة لاستراتيجيتها للتنمية (رؤية مصر 2030) بعدا خاصا بالحفاظ على البيئة، كما تم سن التشريعات الخاصة بحماية البيئة والحياة البرية، وحدد القانون العقوبة لمرتكبى تلك الجرائم بالحبس أو الغرامة (وفقا لنوع الجريمة التى يتم ارتكابها).
وفيما يتعلق باستغلال متحصلات الجرائم، وفيما يخص جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تحرص جمهورية مصر العربية على تطبيق ما تنص المعايير الدولية فى مجال المكافحة، خاصة المعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالى FATF بما يشمل التنسيق والتعاون على المستوى الوطنى، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدنى، وتحديد وفهم مخاطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واتخاذ الجهات المعنية التدابير الوقائية، والتى تشتمل على إجراء التقييم الذاتى للمخاطر، ووضع السياسات الداخلية للمكافحة، وتطبيق العقوبات المالية المستهدفة، واتخاذ إجراءات العناية الواجبة بما يشمل الإجراءات الكافية للتعرف على المستفيد الحقيقى.
وكان لكافة الجهود التى تم بذلها فى مجال المكافحة أثر بالغ فى حصول مصر على درجات تقييم مرتفعة، حيث أشاد التقرير التفصيلى لتدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى جمهورية مصر العربية، الذى تم اعتماده فى يونيو 2021، بالجهود المبذولة من جانب الجهات الوطنية المصرية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، سواء من حيث الالتزام الفنى بتوصيات مجموعة العمل المالى، أو فعالية النظم المطبقة لمكافحة تلك الجرائم.
ومن ناحية أخرى، أشار خليل إلى أن جمهورية مصر العربية تعى أهمية إصدار الأدلة الإرشادية وإجراء البحوث وتبادل الخبرات فى مجال مكافحة الجرائم بشتى أنواعها وخاصة غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها وتمويل الإرهاب، كما تؤمن بأهمية الارتقاء بقدرات الجهات العاملة على مجابهتها.
وأوضح أن مصر تقوم من خلال وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بإجراء تحليل تشغيلى يستخدم المعلومات المتاحة، بهدف الوصول إلى النشاط الإجرامى واكتشاف الشبكات الإجرامية، كما تقوم بإجراء البحوث والتحليل الاستراتيجى لرصد الصور التى يتبعها المجرمون فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب والأنماط الأكثر انتشارا، إلى جانب ذلك تساهم فى إعداد تقارير التطبيقات التى تصدرها الجهات الدولية والإقليمية، وعلى وجه الخصوص مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ كذلك شاركت مصر فى تنظيم واستضافة ورش العمل والمؤتمرات الإقليمية التى تساعد على بناء القدرات.