المناصب الإعلامية ليست هبة أو منّة أو مكافأة .. ولكنها مسئولية
مصر تحتاج لإعلام حرب .. لأنها تخوض معركة على كافة الجبهات
من العبث أن نختار قيادات صحفية وإعلامية تتعامل مع مؤسساتها وكأنها فى إعارة للخليج
بقلم – خالد عبد الحميد
ساعات تفصلنا عن استقبال عام ميلادي جديد هو عام 2023 الذي نستقبله بأمل جديد في أن يكون أفضل من سابقه 2022 الذي عاني فيه الشعب المصري من عدة أزمات أعلاها الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والذي أضحي بلا ضابط أو رابط .
نودع عام .. ونستقبل عام ونحن نرفع شعار « تفائلوا بالخير تجدوه » وكل الأماني ممكنة في أن يكون الغد أفضل من اليوم .
قضية مهمة نطرحها في افتتاحية عام 2023 وهي قضية الصحافة والإعلام الذي انحدر في هوة سحيقة وما عاد يقوى حتي عن التأثير في أفراده وليس الرأي العام الذي أصيب بحالة توهان وانفصام في الشخصية بعد أن افتقد للإعلام الوطني الذي كان يوجهه وينير له الطريق
عذرا أيها القارئ .. فأن ينتقد صحفى أو إعلامى بنى مهنته والقائمين عليها لهو أمر غير مألوف وربما يصوره البعض بأنه يتعارض مع تقاليد المهنة ، ولكن ومع حالة الترهل الإعلامى التى نراها ونتابعها فى ظل التحديات الجسيمة التى تمر بها البلاد ، كان لزاماً علينا أن نخترق جدار الصمت وأن نصرخ بأدب وعقلانية وقبلهما بوطنية .. دفاعا عن كيان الدولة المصرية ، لا سيما إذا ما علمنا أن الإعلام هو رأس الحربة في بقاء الدولة قوية من عدمه .
من هذا المنطلق ومن خندق الدولة المصرية ..عتابنا على القائمين على الإعلام في مصر ، بعد أن فشلنا وعلى مدار أكثر من 7 سنوات فى توصيل رسالة الدولة للمواطن ، حتى أن القيادة السياسية ذاتها لها تحفظات على الأداء الإعلامى ومعها كل الحق .
إذن علينا أن نحدد المشكلة وطرق حلها بعيدا عن المبررات التى لا تثمن ولا تغنى من جوع .
وبتفكيرى المتواضع.. المشكلة في اختيار القيادات الصحفية والإعلامية التى تقود الإعلام في مصر ، والتى تنازلت عن مساحة ليست بالقليلة شغلتها جهات إعلامية خارجية دأبت على بث سمومها لضرب أمن واستقرار الوطن .. وقبل أن نهاجم تلك الجهات الخارجية الممولة ، علينا أولاً أن نصلح البيت الإعلامى المترهل من الداخل .
لقد جمعتنى جلسة حوارية منذ حوالي عامين مع قيادة في جهة سيادية تنتمى لجهاز وطنى محترم وتحدثت معها بشفافية وقلت لها : « مشكلتنا في مصر هو اختيار أهل الثقة دون أهل الخبرة والنتيجة ما نراه اليوم .. وطرحت عليه سؤلاً لم انتظر منه إجابة وهو « هل مصر أُصيبت بالعقم حتى أن المعنيين لم يجدو قيادات إعلامية وصحفية تجمع بين الحسنيين ( أهل الثقة وأهل الخبر ) بالتأكيد لدينا العشرات من هذه النوعية الوطنية التى تحتاج إليها منظومة الإعلام في مصر فى أخطر مرحلة تمر بها البلاد .
للأسف من يطالع الصحف المصرية ( خاصة وقومية ) يصاب بالغثيان – أعتذر عن هذا اللفظ – ولكنها الحقيقة حتى ولو كانت صادمة أو موجعة .. وعلينا أن نسأل أنفسنا عن حجم توزيع الصحف القومية الآن .. وأقول القومية لأنها هى المعنية في المقام الأول بتوصيل رسالة الدولة للمواطنين وأنا أحد أبناء مؤسسة قومية عريقة .
ومع ذلك وإحقاقا للحق هناك قيادات صحفية استثناءا من هذه القاعدة يجمعون بين الحسنيين ولكنهم لا يتجاوزن في عددهم أصابع اليد الواحدة .
للأسف أرقام توزيع الصحف إذا ما تم إعلانها ستكون صادمة للجميع ، ولا مدعاة هنا للقول بأن المواقع الإلكترونية سحبت البساط من الصحف الورقية ، فحتى المواقع الإلكترونية القومية تقبع في ذيل المواقع بعد أن سبقتها المواقع الخاصة .. هل بحث أحد من المسئولين عن الإعلام في مصر عن السبب ؟ .. لم يحدث .. لأننا لم نجد تطويرا حقيقيا على الأرض حتى الآن .
المناصب الإعلامية ليست هبة أو منّة أو مكافأة لشخص ما قام بدور ما .. بل المناصب مسئولية .. والمسئولية تحتاج لمن هو أهل لها يقّدرها ويتحملها .. هكذا تعلمنا من رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تحمل مسئولية دولة كانت على وشك الإنهيار ،تصدي لها بشجاعة ووطنية وخبرة فكان أهلاً لها ، وكان لابد أن يكون كل ما دون الرئيس مسئولاً وأهلاً للمسئولية ولكن أن نطالع الصحف القومية أحد الأيام ونجد كل عناوينها ( كوبى وبيست ) رغم أن لكل منها رئيس وهيئة تحرير مختلفة ، ( حتى ولو كان تغطية لحدث مهم ) فهو فقر مهنى واضح يُسأل عنه كل من يدير المنظومة الإعلامية في مصر ،ولا نعفي أحد ، فتغطية الحدث لمن لديه خبرة يمكن أن يتم تناوله من أكثر من زاوية وبأكثر من عنوان وتحليل وتغطية ، لكن ما نشاهده لا ينطبق عليه سوى وصف « الفقر الإعلامى ».
ومن يطالع التقارير الدولية سوف يتأكد أن الصحافة المصرية تزيّلت واستقرت في المؤخرة بعد أن كانت مدرسة تعلمت في محرابها معظم القيادات الصحفية والإعلامية العربية .
أهل الثقة لا يبنون إعلاماً وطنياً .. ولا يدافعون عن دولة لأنهم بكل بساطة .. يفتقدون للأدوات .
مصر تحتاج لإعلام حرب بكل ما تعنيه الكلمة لأن مصر تخوض معركة على كافة الجبهات والأصعدة ، ومن العبث أن نختار قيادات صحفية وإعلامية يتعاملون في صحفهم ومؤسساتهم وكأنهم فى إعارة لإحدى دول الخليج .
ونُشهد الله أننا ما سطرنا هذه السطور لمهاجمة أحد أو طمعاً في منصب « فقد بريقه » ، بل نؤمن إيماناً راسخاً بأن الإعلام هو رأس الحربة لنهضة وتنمية أى دولة وبدونه ستظل دولة عرجاء مهما شهدت من نهضة أوتنمية لا يشعر بها المواطن لأن حلقة الوصل مقطوعة .
حفظ الله مصر .. شعبا ورئيساً وجيشا وشرطة