الوطن المصرى – ناريمان خالد
رعى ” ذي يزن بن هيثم آل سعيد ” وزير الثقافة والرياضة والشباب أمس حفل ختام وتتويج الفائزين بجوائز الآغا للعمارة في دورتها الخامسة عشرة بدار الفنون الموسيقية في دار الأوبرا السُّلطانية مسقط.
وقال فروخ درخشاني مدير جائزة الآغا خان للعمارة في كلمة له خلال الحفل: منذ أول احتفالية بالجائزة في عام 1980 تم الاحتفال بالفائزين كل ثلاث سنوات في مختلف المناطق حول العالم، تلك الأماكن التي يوجد فيها المسلمون حيث إسهاماتهم في إثراء التراث؛ وشملت قصر طوب قابي في تركيا، وقصر الحمراء في غرناطة، وساحة ريجستان في سمرقند، بالإضافة إلى أماكن مهمة جدًّا في كل من باكستان والمغرب وسوريا ومصر والهند وإندونيسيا وماليزيا وقطر والبرتغال والإمارات العربية المتحدة وروسيا، والآن في سلطنة عمان.
وأضاف: إنه لشرف كبير أن يتم توزيع الجائزة في دورتها الحالية في سلطنة عمان، البلد ذي التاريخ الممتد والثقافة الغنية، إذ التراث هو أساس المستقبل. وقال: نود جذب انتباه العالم لستة مشاريع نموذجية توضح التأثير الكبير للعمارة في تقريب الناس وتحفيز المجتمعات وتجسيد تطلعات المجتمعات وتحسين جودة الحياة، والعمارةُ عبارةٌ عن عمل مشترك يتضمن الإبداع والابتكار والرؤية ومساهمة الكثير من الأطراف، منهم المعماريون والعملاء والصانعون والبناؤون والحرفيون.
كما ألقى ” سعيد بن سلطان البوسعيدي” وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة كلمة أوضح فيها أن استضافة سلطنة عمان لحفل توزيع جوائز الآغا خان للعمارة والموسيقى والفعاليات المصاحبة لها تأتي دعمًا لأهداف الاستراتيجية الثقافية التي تدعو لهوية متفتحة على ثقافات الشعوب، وتأكيدًا على دعمها المستمر للثقافة والآداب والفنون، وتحقيقًا لأحد أهم محاورها وهو تعزيز التواصل الثقافي وإبراز دور سلطنة عمان في بناء المشهد الثقافي العالمي، إلى جانب تأكيد الشراكة والتكامل مع المؤسسات المحلية والدولية في المجالات الثقافية، كما أن هذه الاستضافة تؤكد مدى قدرة سلطنة عمان وما تمتلك من مقوِّمات تمكنها من استضافة مثل هذه الفعاليات العالمية، وتحقيقًا للرؤية الثقافية بأنْ تكون سلطنة عمان وجهة ثقافية بهوية راسخة.
وأشار إلى أن سلطنة عمان حظيت باستضافة مميزة تحدث لأول مرة؛ وذلك بالتقاء حفلَي الآغا خان للعمارة والموسيقى في دولةٍ واحدة، كما أن ذلك يأتي تزامنًا مع احتفال الآغا خان بعامها الخامس والأربعين في تاريخ جائزة العمارة منذ تأسيسها في عام 1977م، والتي تعمل على تشجيع مفاهيم البنى المعمارية التي تلبِّي بنجاح احتياجات وطموحات المجتمعات في مجالات التصميم المعاصر والإسكان وتنمية المجتمع، “وهو ما يعزز في كل تفاصيله القيم الإنسانية”.
أعقب ذلك كلمة الأميرة الزهراء آغا خان التي أشارت من خلالها إلى أن سلطنة عُمان تفتخر بتقاليدها الغنية في البناء والمعيشة، مع احتضانها أيضًا للتقنيات والتكنولوجيا الحديثة.
وقالت: إن الاحتفال بالجائزة هنا في عُمان يعكس اقتناعًا راسخًا ومشتركًا بأن المباني يمكن أن تقوم بدور أكبر من مجرد استضافة الأشخاص والبرامج، بل يمكنها أيضًا أن تعكس قيمنا الأكثر عمقًا. موضحة أن العمارة تتمتع بإمكانيات هائلة لتحسين نوعية الحياة عندما يتم تشييدها بمراعاة التفاصيل وبشكل جيد.
وأضافت أن هذا السعي الحثيث من أجل مستقبل أفضل هو ما ميَّز جائزة الآغا خان للعمارة منذ نشأتها؛ فجائزة الآغا خان للعمارة ليست مجرد جائزة، بل إنها تمثل بحثًا فكريًّا وعملية شاملة تتسم بالتفكير العميق والعمل، مؤكدة أن الجائزة ـ وعلى مر السنين ـ عملت كمنارة لأولئك الذين يشعرون بأنهم يمكنهم التصميم والبناء على نحو مختلف، ولأولئك الذين يعتقدون بأنهم يحملون على عاتقهم مسؤولية البناء بشكل مناسب مع الأخذ في الاعتبار أن العمارة في أفضل حالاتها هي مشروع تعددي بطبيعته، حيث تعد المشاريع الستة التي فازت بمثابة منارات في بحثنا الجماعي عن الحلول، وستساعد في تحديد الطريق وتوجيه الآخرين قدمًا نحو الأمام، مشيرة إلى أن الدورات المستقبلية للجائزة ستواصل استكشاف آفاق جديدة، والبحث عن حلول واعدة أخرى، وتحديد الطريق للأمام نحو السلام والتقدم. وتضمن حفل التكريم تقديم فواصل موسيقية لكبار موسيقيي برنامج الآغا خان للموسيقى، كما تم عرض فيلم يتضمن رؤية حول الأعمال الفائزة بجائزة الآغا خان للعمارة للدورة الحالية.
وفي نهاية الحفل قام ” ذي يزن بن هيثم آل سعيد” وزير الثقافة والرياضة والشباب بتكريم الفائزين الستة، وهم: مشروع “مدرسة كمنار الابتدائية” في قرية سيد بار بالسنغال، والمساحات المجتمعية استجابة لأزمة اللاجئين الروهينجا من بنجلاديش، ومن لبنان مشروع “تجديد دار نيماير للضيافة” في طرابلس، ومشروع “المساحات النهرية الحضرية” ببنجلاديش، ومشروع “متحف أرغو للفن المعاصر والمركز الثقافي” في طهران، وأخيرًا مشروع “مطار بليمبينجساري” في مدينة بانيووانجي الإندونيسية.
وفي مقابلة لوكالة الأنباء العمانية مع المشاركين في مشروع “المساحات المجتمعية استجابة لأزمة اللاجئين الروهينجا” ذكر أصحاب المشروع ـ سعد بن مصطفى ورضوي حسن وخواجة فاطمي ـ أنهم قاموا بالتركيز على العمل بطرق غير تقليدية في مجال العمارة لفترة طويلة، مؤكدين أن حصولهم على جائزة الآغا خان للعمارة تأتي كثمرة لجهودهم في هذا المجال، وهو ما يعني لهم الكثير. وأضافوا أنهم يمثلون العديد من الأشخاص الذين أسهموا في إنجاح مشروعهم الفائز بالجائزة. كما أكدوا أن الجائزة تسهم في زيادة الوعي لدى الناس حول دور العمارة والمعماريين في مختلف الجوانب الاجتماعية، وعبَّروا عن سعادتهم لزيارة سلطنة عُمان والتعرف على التنوع الثقافي الذي تزخر به السلطنة، مشيدين باهتمام العُمانيين بالبيئة، وهو أمر يدعو للإلهام في رأيهم.
من جانبه قال أحمد رضا شريكر ـ وهو معماري ضمن فريق مشروع متحف أرغو للفن المعاصر والمركز الثقافي ـ لوكالة الأنباء العمانية: إن سلطنة عُمان بلد يتمتع بالكثير من المقوِّمات، خصوصًا بما تزخر به من شواطئ ممتدة وجبال شاهقة. وبيَّن أنه في هذا الوقت الذي يمر فيه الكثير من الناس بمختلف التحديات أصبح من الصعب على المرء أن يحتفل، ولكن هذه المناسبة الكبيرة المتمثلة في جوائز الآغا خان تعطي أملًا ومساحة خاصة للاحتفال لما لها من أهمية كبيرة.
الجدير بالذكر أن جائزة الآغا خان للعمارة تخضع لإدارة لجنة توجيهية يترأسها الآغا خان، فيما تضم قائمة الأعضاء الآخرين في اللجنة التوجيهية كلًّا من: الشيخة مي بنت محمد آل خليفة (رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في المنامة سابقًا)، وإمري أرولات (مؤسس مكتب إمري أرولات لهندسة العمارة في إسطنبول)، وميساء البطاينة (مهندسة معمارية وصاحبة مكتب ميسم معماريون ومهندسون في عمَّان)، والسير ديفيد تشيبرفيلد (مدير مكتب ديفيد تشيبرفيلد لمهندسي العمارة في لندن)، وسليمان بشير ديان (مدير معهد الدراسات الإفريقية بجامعة كولومبيا في نيويورك)، وناصر الرباط (أستاذ الآغا خان للعمارة الإسلامية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج)، ومارينا تبسُّم (مديرة شركة مارينا تبسُّم لهندسة العمارة في دكا)، وسارة م. وايتينج (عميد كلية الدراسات العليا للتصميم بجامعة هارفارد في كامبريدج)، وفروخ دراخشاني الذي يشغل منصب مدير الجائزة.