بقلم د. عبدالوهاب غنيم
نائب رئيس الإتحاد العربي للإقتصاد الرقمي
مستشار كلية كامبردج الدولية البريطانية
يعيش العالم الأن عصرالثورة الصناعية الرابعة وبداية الثورة الصناعية الخامسة التي تعتمد علي الذكاء الإصطناعي وتكنولوجيا النانو, والبيوتكنولوجي وعلوم الروبوت وتحليل البيانات الضخمة و إنترنت الأشياء وأنترنت الأشياء الصناعية و العالم الإفتراضي الميتافيرس الذي سيعتمد علي علوم الواقع الإفتراضي والواقع المعزز, والحوسبة السحابية والدرون وهي الطائرة المسيرة بدون طيار, والثورة الصناعية الرابعة ستؤدي إلي إختفاء حوالي 50% من الوظائف التقليدية في العالم بحلول عام 2030 وستظهر وظائف وفرص عمل جديدة للشباب تعتمد علي المعلوماتية والإبداع والإبتكار وريادة الأعمال ومشروعات التحول الرقمي للحكومات والمؤسسات والإقتصاد الرقمي والإقتصاد الأخضر, وبناء منصات التجارة الإلكترونية وبناء منصات التعليم الإلكتروني التفاعلي وبوابات الدفع الإلكتروني وتطبيقات التكنولوجيا المالية , وسوف يتعاظم دور الروبوت في جميع مناحي الحياة .
ويقول الدكتور كلاوس شواب مؤسس المنتدي الإقتصادي العالمي في دافوس ” أن الثورة الصناعية الرابعة والإقتصاد الرقمي سيغيران من شكل العالم وشكل المنتجات وأساليب الإنتاج ” , حيث ستصبح معظم المنتجات ذكية وستظهر نظم النقل الذكية والسيارات ذاتية القيادة وغيرها.
وفي ظل بناء الجمهورية الجديدة التي أطلقها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي والتي تعتمد علي توفير حياة كريمة للإنسان المصري من خلال إستخدام علوم وأساليب التكنولوجيا الرقمية الذكية في بناء وتطويرقدرات الشباب المصري علميا وعمليا ليواكب متطلبات رؤية مصر 2030 للتنمية الشاملة المستدامة , وليساهم الشباب بالعمل في مشروعات التنمية القومية وبناء المدن الذكية وتشغيلها والتي تعتمد علي نظم النقل الذكي والإقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية وتطوير نظم التعليم الإلكتروني التفاعلي وبناء ةتشغيل محطات توليد الطاقة الجديدة والمتجددة للحفاظ علي المناخ وتطوير الصناعات والمنتجات المختلفة لتواكب العالم المتقدم من خلال العمل علي زيادة الإنتاج وزيادة العائد علي الإستثمار وزيادة الصادرات إلي 100 مليار دولار امريكي سنويا , حيث تحتل مصر المرتبة الثانية إقتصاديا في أفريقيا والوطن العربي في حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي يقدر بأكثر من 400 مليار دولار امريكي وشهادات الثقة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بقوة ومتانة الإقتصاد المصري المتنوع المصادر الذي وفر بيئة جاذبة للإستثمار وأصبح الدولة الأولي في أفريقيا, وكذلك تقارير مؤسسات الإئتمان الدولية موديز وفيتش وستاندرد أند بوزر التي تثبت تصنيف مصر الإئتماني عند B+)) مع نظرة مستقبيلة مستقرة وواعدة , وخاصة خلال جائحة كورونا التي أثرت علي تباطؤ حركة سلاسل الإمداد الدولية وإنكماش الإقتصاد العالمي .
ولهذا عملت الحكومة المصرية علي سرعة تنفيذ مبادرة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي للتحول الرقمي للحكومة المصرية ومؤسساتها المختلفة التي أعلنها في المؤتمر الوطني للشباب مبادرة حضارية تكنولوجية ستنقل مصر لركب ومصاف دول العالم التكنولوجية المتقدمة, حيث تم تطوير وتوفير بيئة الأعمال الرقمية وتحويل وتطوير جميع الأعمال للوزارات والمؤسسات الحكومة للعمل طبقا لنماذج أعمال معلوماتية رقمية تعتمد علي الإبداع والإبتكار لتقديم الخدمات المختلفة للمواطنين بكفاءة وفاعلية وعلي مدار 24 ساعة يوميا طوال أيام الأسبوع بحيث يتلقي المواطن الخدمات الحكومية عن طريق مجموعة متنوعة من الوسائل الإلكترونية المختلفة منها الهاتف المحمول أوالكمبيوتر الشخصي أو الكمبيوتر المحمول أو من خلال نقاط البيع والخدمات الإلكترونية الموجودة في الأسواق التجارية أو عن طريق الأكشاك الإلكترونية , و يدفع المواطن مصاريف الخدمات عن طريق وسائل الدفع الإلكترونية المختلفة عبر البطاقات البنكية أو محفظة إلكترونية علي الهاتف المحمول أو من خلال بوابات الدفع الإلكترونية الحكومية والخاصة المرتبطة بالبنوك , وتقدم الخدمات الحكومية والخاصة للتحول الرقمي وفق قواعد الحوكمة وهي المسئولية والمسائلة للمسئولين والشفافية والقضاء علي الفساد من خلال الفصل في تقديم الخدمات بين مقدم الخدمة ومتلقي الخدمة , وكذلك تقليل التعامل مع النقود الكاش للوصول إلي مجتمع أقل إعتمادا علي الكاش لتحقيق الشمول المالي.
وقد صرفت الحكومة المصرية لكي تعمل حكومة تشاركية أكثر من 100 مليار جنية علي تطوير البنية التحتية التكنولوجية وربط جميع الجهات الحكومية بشبكة بيانات قومية موحدة وربط قواعد البيانات المختلفة وتنفيذ مشروعات التحول الرقمي التي تقدم حتي الأن أكثر من 100 خدمة رقمية مختلفة للمواطن وستصل إلي حوالي 550 خدمة رقمية خلال عامين ومنها خدمات المرور والتراخيص والمحاكم والشهر العقاري والسجل المدني والتموين والخدمات الطبية والتأمين الصحي والتعليم وغيرها وزيادة سرعة الإنترنت فائق السرعة عريض النطاق حتي وصل إلي حوالي 45 ميجابت في الثانية في القاهرة , أما المدن الذكية الحديدة تصل السرعة حتي 200 ميجابت في الثانية , وكذلك أطلقت الحكومة القمر الصناعي ” طيبة-1″ للإتصالات والأنترنت لتغطية المناطق والمحافظات الحدودية بالخدمات الرقمية المختلفة.
وقد قامت وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب والجهات الحكومية المختلفة بتدريب وتطويرالمهارات وبناء القدرات الوظيفية والتكنولوجية لحوالي 200 الف من الشباب والموظفين علي الإستخدامات المختلفة لتطبيقات تكنولوجيا الإتصالات و المعلومات الذكية ومجالات أمن وسرية المعلومات وبناء وتطوير المنصات الرقمية وكذلك تطوير تطبيقات التكنولوجيا المالية ” الفينتيك” وتكنولوجيات الطاقة الجديدة والمتجددة وإدارة وتشغيل محطات تحلية المياة, وذلك لتوفير فرص عمل عالمية غير تقليدية لهولاء الشباب وللمنافسة في سوق العمل العالمي الأعلي أجرا والذي يعتمد علي المهارات التكنولوجية الجديدة.
وفي ظل بناء مصر الرقمية أنشات الحكومة المصرية جامعة مصر الرقمية ومدينة المعرفة في العاصمة الإدارية الجديدة لتخريج الشباب القادر علي قيادة النهضة التكنولوجية والعمل في مشروعات وإدارة المدن الذكية الجديدة , وكذلك أنشات حاضنات الأعمال التكنولوجية في جميع المحافطات لتبني مشروعات الشباب من المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر وريادة الأعمال ومساعدتهم علي تنفيذ هذة المشروعات وتوفير التمويل اللازم لها من خلال دعم وتمويل مبادرات البنك المركزي المصري والبنوك المصرية , وكذلك إنشاء المناطق الصناعية المختلفة في جميع المحافظات لتلبي متطلبات هذه المشروعات الشبابية التي تختلف حسب البيئة الجغرافية وطبيعة الأنشطة المختلفة في المحافظات.
وهناك مجموعة من التحديات التي تواجه العالم والحكومة المصرية وأهمها إنتشار جائحة كورونا ,و تباطؤ حركة الإقتصاد العالمي , والحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وخاصة علي إمتلاك تكنولوجيا الجيل الخامس للإتصالات, والميزانيات الضخمة التي تقدر بمئات المليارات التي تحتاجها الدول تطوير وإنشاء البنية التحتية المعلوماتية ومراكز المعلومات الضخمة الأمنة المتكاملة التي تستوعب حجم بيانات ضخم يقدر بعشرات اليوتا بايت وكذلك إنشاء مراكز المعلومات الإحتياطية ونظم إدارة الأزمات والكوارث , والتغلب علي الفجوة الرقمية بين المواطن المصري والمواطن العالمي, وتواجه الحكومة تحدي كبير هو أن أكثر من 65% من الشعب المصري ليس لديه حسابات بنكية , وعدم الثقة المواطنين في المعاملات والمدفوعات الإلكترونية بسبب أعمال القرصنة الإلكترونية , وعدم كفاية بوابات الدفع الإلكتروني التي تغطي مساحة مصر الجغرافية الكبيرة لتسهيل عمليات الدفع نظير الخدمات والفواتير الحكومية المختلفة , وكذلك ضعف القوانين والتشريعات التي تخدم التحول الرقمي ومنها عدم وجود قانون التجارة الإلكترونية, أما التحدي الأكبر الذي يواجه العالم كله هو أمن وسرية وخصوصية البيانات والمعلومات وكذلك من أهم التحديات العملات الإفتراضية الرقمية, وتعمل الحكومة المصرية بدعم القيادة السياسية علي التغلب علي هذه التحديات.