الوطن المصرى – ناريمان خالد
تحل غدًا الذكرى الـ36 على تأسيس متحف التاريخ الطبيعي الذي تم افتتاحه في 30 ديسمبر عام 1985م بموجب توجيهات من السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيَّب الله ثراه ـ والذي يقدم ما تزخر به سلطنة عُمان من تنوع أحيائي متفرد ومعالم البيئة العُمانية من خلال عروض التضاريس، والجيولوجيا، والنباتات، وحيوانات محنطة متواجدة بندرة في البراري من أنواع وفصائل تعيش في أرض عُمان، وهياكل عظمية لكائنات بحرية وطيور وزواحف عاشت في البيئة العُمانية وماتت بصورة طبيعية.
ويهدف المتحف إلى حفظ وأرشفة التنوع الأحيائي والتراث الجيولوجي للسلطنة ليكون متاحًا للأجيال القادمة وتوفير صرح علمي تربوي ذو مقياس عالمي بجانب العديد من الصروح العلمية في السلطنة وتشجيع السياحة وخدمة القطاع السياحي، كما يركز على إكمال الجانب النظري لمناهج التربية والتعليم في المدارس والجامعات بالجانب العلمي من خلال ما يعده المتحف من محاضرات وما ينظمه من معارض ودورات وتدريب في مجال العمل وتوفير قاعدة بيانات عن البيئة العُمانية للدراسات الحالية والمستقبلية، إضافة إلى توفير مكتبة مرجعية علمية غنية بالكتب والمراجع والصور لتسهم في تنشيط الحركة العلمية في السلطنة حيث تحوي مكتبة المتحف على ما يقارب (1800) كتاب ومرجع بجانب العديد من المجلات الدورية العلمية.
وقالت زبيدة بنت خميس البلوشية مشرفة خدمات زوار المتحف: إن المتحف يضم أربعة قاعات تحمل الأولى اسم “تضاريس عُمان المتباينة” وتشمل الطبيعة الجغرافية العُمانية وتصور تنوع التضاريس بصور التقطت بالأقمار الصناعية ويشتمل على عرض للتاريخ الطبيعي لستة مناطق هي: مسندم، وجبال عُمان الشمالية، سهل الباطنة، الداخلية، محافظة ظفار، والجزر العُمانية المتنوعة، كما يعرض الثروات الطبيعية في عُمان وبعض المحميات العمانية التي أنشأت لحماية الكائنات البرية والبحرية المهددة بالانقراض وبعض التشريعات والخطط التي وضعتها السلطنة لحماية البيئة.
وأضافت أن القاعة الثانية “عُمان عبر العصور الجيولوجية”، تروي التاريخ الجيولوجي لعُمان منذ بدء الحياة على سطح الارض قبل 800 مليون سنة عام وحتى العصر الحديث، معززة بنماذج حقيقية من الأحافير. وسيندهش الزائر من رؤية أحفورة شجرة الصنوبر التي يصل عمرها إلى 260 مليون سنة، والمكتشفة في وسط عُمان.
وتعرض القاعة الثالثة: “تنوع حيوانات عُمان البرية”، أشكالا من الحياة البرية في السلطنة، حيث توجد عدة خزانات تعرض بعض من الحيوانات المحنطة مثل: الوشق (عناق الأرض) والذي أُتخذ كشعار للمتحف، والمها العربي، والنمر العربي والطهر العربي وغيرها من الثدييات، والزواحف والبرمائيات، والحشرات، ويوجد ركن خصص للأصداف البحرية التي تزخر بها سواحل عُمان.
وتختتم حديثها عن القاعة الرابعة وهي: “قاعة الحوت” التي يستطيع الزائر من خلالها التعرف على أنواع الحيتان والدلافين وخنازير البحر التي تعيش في السلطنة مع شرح مشوق لحياة هذه المخلوقات العجيبة وسلوكها وطريقة توالدها وبحثها عن الغذاء.وكذلك بإمكانه التعرف على أصوات بعضا منها.
وبجانب قاعات العرض يضم متحف التاريخ الطبيعي خمسة مجموعات للحفظ والأرشفة تحتوي على نماذج حقيقية من النباتات، الأصداف، والحشرات، وهياكل الحيوانات البرية والبحرية وكذلك المتحجرات حيث تم تصنيفها بطريقة علمية حتى أصبحت تضم أفضل النماذج عن الحياة الفطرية في السلطنة، والنواة المرجعية المخصصة للدراسات عن التنوعات البيئية، ومقصدًا للعلماء والباحثين وطلبة الدراسات العليا في شتى المجالات الحيوية.
وتقول حنان بنت منصور النبهانية رئيسة قسم إدارة المقتنيات بالمتحف: “لقد بدأ متحف التاريخ الطبيعي منذ سنوات بتوثيق وحفظ بيانات النماذج وانشاء قواعد بيانات خاصة بها تضم سيلا هائلا من المعلومات عن كل عينة كرقم التسجيل، والمصدر، وتاريخ وطريقة الاقتناء، والوصف، واسم الجامع والمجموعات الوطنية”.
وأضافت: إن المستحفظ الوطني للأعشاب والنباتات بمتحف التاريخ الطبيعي أسس في عام 1982م بمنحة تضمنت 800 نوعًا من النباتات محددة الأسماء ويضم الآن أكثر من 14000 عينة يتم حفظها لأغراض الدراسة والأرشفة، مثل النباتات الوعائية (أحادية وثنائية الفلقة) بجانب فصائل أخرى كالطفيليات الطحلبية وطحالب الماء والطحالب الكبدية والطحالب البحرية والفطريات، حيث يوجد في المستحفظ أكثر من 115 من الفصائل النباتية و615 نوع و1300 صنف، ويستمر هذا المستحفظ في الازدياد من حيث عدد العينات والفائدة، حيث حظي المستحفظ الوطني للأعشاب والنباتات بالاعتراف الدولي وحاز على اللفظة الأولية “ON”. وأوضحت: أن المجموعة الوطنية للأصداف تعد سجلا قيما عن الرخويات في السلطنة وهي تستخدم للدراسات التي تعد حول القواقع العمانية، وتضم أكثر 7816 آلاف عينة من الرخويات الحلزونية والرخويات ذات الأصداف، مصنفة إلى طوائف منها بطنيات الأرجل، وثنائيات المصارع، ورأسيات القدم وغيرها. وأشارت إلى أن المستحفظ يستقبل العديد من الباحثين من داخل وخارج السلطنة.
حيث يبلغ عدد العينات من أنواع الحشرات أكثر من 13300 عينة، يتم حفظها بطريقة التجفيف أو بمادة الكحول وهي مصدرًا للمعلومات عن أماكن انتشار هذه الحشرات والآفات التي تسببها. وبينت أن المجموعة الوطنية للهياكل العظمية “تضم أكثر من 3156 عينة من عظام الثدييات البرية، والطيور، والثدييات البحرية (الحيتان والدلافين)، والبرمائيات (السلاحف) ومجموعة من مفصليات الأرجل (العقارب والعناكب)” وتضم المجموعة الوطنية للأحافير أكثر من 1188 عينة من المتحجرات والأحافير مصنفة حسب العصور الجيولوجية.
ويقدم المتحف تسهيلات لتمكين العلماء والباحثين من دراسة العينات المحفوظة في المجموعات المتحفية، حيث بلغ عدد الباحثين الذين استفادوا منها خلال 3 سنوات الماضية (38) دارسًا وباحثًا من مختلف القطاعات العلمية وتدريب الطلبة والخريجين الجدد من التخصصات العلمية والبيئية في مجال إدارة وحفظ وأرشفة المقتنيات بالمتحف.
ويستقبل المتحف ما يزيد على 15 ألف زائر سنويا، ليستمتع زواره بمعروضاته المميزة عن التنوع الأحيائي في السلطنة من شمالها إلى جنوبها، من سهل وجبل وصحراء، ويأتي الزوار من مختلف الأعمار والجنسيات مع عائلاتهم أو مع الافواج السياحية أو من طلبة المدارس والجامعات والكليات ومراكز المجتمع المختلفة مثل مراكز رعاية الأيتام ومراكز محو الأمية والمراكز التدريبية وغيرها.
ويقدم المتحف خدمات تعليمية وتثقيفية من خلال تجديد المعلومات في النشرات والأدلة التعريفية التي يتم توزيعها للزوار، حيث تم إعدادها بعدة لغات هي العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية،أما بالنسبة لطلبة المدارس فهناك تعاون دائم مع عدة جهات حكومية وخاصة في إصدار كتب علمية وإرشادية بهدف توعية هؤلاء الطلبة بضرورة المحافظة على موارد بيئتنا الطبيعية.
ويقيم المتحف معارض مؤقتة في أحد أركان المتحف، بهدف تعريف الزوار بأخر المستجدات والنشاطات التي جرت في المتحف.أو لعرض مجموعة من العينات الجديدة التي تم الحصول عليها. كما يقيم معارض متنقلة في جميع محافظات السلطنة وذلك للوصول الى المدارس البعيدة عن موقع المتحف، بهدف تعريف الطلبة بالمتحف وما يحتويه من عروض علمية. إضافة إلى نشر كل ما هو جديد عن المتحف وأنشطته اليومية بحسابات المتحف في سائل التواصل الاجتماعي.