الوطن المصري – علاء سعد
نعم.. لا يزال مجتمعنا بخير، محاط بسياج من القيم والأخلاق، ولا يمكن اعتبار جرائم التحرش بالأطفال خاصة داخل بعض المدارس ظاهرة وإنما هي حوادث فردية مرتكبيها يتم القبض عليهم باستمرار والفرار منها صار دربًا من المستحيل، ولكن برغم فرديتها تظل من أفظع الجرائم التي جرمها قانون العقوبات في التعديلات الأخيرة، وتظل دائمًا وأبدًا تفزع المجتمع، واعتبرها من الظروف المشددة التي لا يأخذ القاضي الجنائي بمرتكبها رأفة؛ فكيف لطفل الذي هو رمز للبراءة تسكن جسدًا غضًا صغيرًا، يثير شهوة في نفس ذئب بشري، فما الذي رآه مجرم في هذا الجسد الصغير ليشبع به غريزته؟!، ولكن للأسف فجأة استهدف بعض المجرمين الذين لا أخلاق لهم ولا قيم ولا دين يردعهم أجساد هؤلاء الصغار داخل مدرسة أو مدرستين أو حتى ثلاثا، فقاموا بهتك أعراضهم دون وازع من ضمير، ليظل الخوف يسكن جسد الصغير فيخشى إبلاغ أسرته عما تعرض له من انتهاك خلف أسوار المدرسة أو الأماكن العامة بصفة عامة، متذكرًا كلمات الذئب الشريرة؛ “هموتك لو قلت لحد”، وأمام هذه الخسة لم يدرِ ماذا يفعل الصغير قليل الحيلة، ولا كيف يعبر عن مأساته إلا بالدموع ومعها تنكشف جريمة هذا المجرم.
فنحن أمام سلوك منحرف تأباه النفوس السوية؟!، السؤال كيف نحمي أبناءنا الصغار من التحرش؟!، ماذا يفعلون عندما يصادفون ذئبًا في طريقهم؟!، طرحنا تلك الأسئلة على المختصين من رجال القانون والقضاء وخبراء النفس والاجتماع ونواب البرلمان الذين أجابوا ووضوعوا استشارتهم لكل أسرة مصرية تجعلهم يعرفون كيف نحمي ونحافظ على أطفالنا من التحرش؟، ولكن قبل أن نمضي في تحليل هذه الجريمة كان لابد أن نلقي نظرة على آخر.
منذ أيام قليلة خرج علينا بيان من النيابة العامة، يتحدث عن واقعة التحرش بخمس صغيرات في السن لم يكملن عامهم الخامس داخل مدرسة شهيرة بالمعادى، واكتشف الأمر أسرة إحدى الطالبات والتي تقدمت بالبلاغ ليتم اكتشاف صغيرات آخريات تم تدمير طفولتهن والمجرم شخص واحد عديم الضمير انتزعت الرحمة من قلبه بسبب غرائزه ورغباته الشهوانية، وقد جاء في بيان النائب العام تفاصيل الواقعة كما حوتها التحقيقات، والتى بدأت بعد ورود بلاغ من والد طفلة ضد عامل بمدرسةٍ بالمعادي هتك عرضها أثناء تواجدها بها، فتولت النيابة العامة التحقيقات.
حيث سألت والدي الطفلة المجني عليها فقرّرا علمهما منها بوقوع التعدي بدورة المياه بالمدرسة، فتوجها بها لمستشفى حيث تبين بها التهابات بمناطق عفتها، وأبلغت النيابة العامة خط نجدة الطفل فورد إليها تقرير المجلس القومي للأمومة والطفولة بعد فحص المجني عليها نفسيًّا موصى فيه بتسليم الطفلة لأهليتها، وتحويلها إلى غرفة المشورة النفسية مع متابعة حالتها، كما سألت النيابة العامة مديرة المدرسة، ورئيسة قسم الحضانة فيها والعاملة المسئولة عن دورة المياه طالبات من سنّ المجني عليها بها.
ثم ورد إلى النيابة العامة بلاغات متلاحقة بارتكاب المتهم ذات الواقعة مع أربع طِفْلات أخريات فسألت ولاة أمورهن، فقرروا اكتشافهم الواقعة من طفلاتهم وعرضهن على المستشفى ليتبينوا أنهن يعانين من التهابات بمناطق عفتهن، وبمناقشة النيابة العامة للطفلات حول الواقعة وصفن المتهم بألفاظ تناسب عمرهن دلت على سوء سلوكه معهن.
وقد أبلغت النيابة العامة خط نجدة الطفل، وأفاد تقرير المجلس القومي للأمومة والطفولة بتعرض الطفلات الأربع للاعتداء وأنهن يُعانين من اضطرابات نفسية، وأشارت لحاجتهن للمتابعة الدورية وجلسات دعم نفسي وتعديل السلوك.
واستجوبت النيابة العامة المتهم فأنكر الاتهامات المنسوبة إليه، وعرضته على الطفلات فتعرف بعضهن عليه مؤكدات أنه القائم بالتعدي على مواطن عفتهن بدورة المياه بالمدرسة، وعلى هذا أمرت النيابة العامة بحبسه 15 يومًا احتياطيًّا على ذمة التحقيقات.
تلك الواقعة لم تكن الأولى خلال شهر نوفمبر حيث سبقتها واقعة أخرى في إحدى المدارس بمنطقة باب الشعرية؛ حيث استغل براءة صغيرة بها لم تكمل عامها الثامن وحبها للعب واللهو داخل المنطقة الخاصة بألعاب المدرسة، ليعتدى على براءتها وطفولتها بالتحرش بها وهتك عرضها، وتهديدها مستغلا صغر سنها وخوفها منه، وهو يؤكد لنفسه أنه سيستمر في جريمته طالما نجح في إثارة الذعر في قلب الفتاة وكتمانها لما يفعله معها لخوفها منه.
لكن الصغيرة لم تحتمل ما حدث معها من ألم نفسي وجسدى، وروت لوالدتها وشقيقتها ما تشعر به من ألم جسدى، ليستشعران الخوف على ابنتهما ويعرفان ما حدث لها، وكانت المفاجأة الصادمة لهما عندما روّت لهما الصغيرة ما يفعله معها عمو في المدرسة من ملامسة مناطق حساسة في جسدها وتهديدها بالقتل إذ أخبرت أحد؛ على الفور اصطحبت الأسرة ابنتها للمستشفى وهناك كانت المفاجأة؛ أن الصغيرة تعرضت لهتك عرضها، لتسرع الأسرة بتحرير محضر في عامل المدرسة ليتم إحالته للنيابة العامة وعرض الصغيرة على الطب الشرعي، والقبض على المتهم، حيث تعرفت عليه الصغيرة أمام جهات التحقيق، وأكدت أنه كان يصطحبها إلى إحدى الغرف بحجة أنه سيجعلها تلعب بـ «المرجيحة» وأنه قام بتهديدها بالقتل إذا أخبرت أسرتها بما حدث، وأكدت أن الفراش اعتدى عليها أكثر من مرة، وعندما كانت ترفض الطفلة وتبكي، كان يخيفها بالإبرة، ويهددها بأنه سيقتلها لو أصدرت أي صوت.
انتهت التحقيقات مع ذلك الذئب بإحالته لمحكمة الجنايات ليمثل أمام القضاء خلال الأيام القادمة لينال جزاءه على ما اقترفه في حق الصغيرة.