بقلم – علاء سليم
لم أكن في يوم من الأيام طرفاً في نزاع يخص المصريين في الخارج ، ودائماً اتعامل مع الموضوع من مبدأ حبي للوطن ، لم أتعرض في يوم من الأيام لزملائي ممن يجتهدون في هذا المجال ولم أتعرض لوزارة الهجرة التي طالبنا القيادة السياسية بعودتها إلى أحضاننا لتقود هذا العمل الرائع ، ولم أتعرض في يوم من الأيام لوزيرة الهجرة التي أحترمها وأقدرها .. ولم أكن أظن أنني سأكتب عن المشهد الذي رأيناه منذ أيام فيما تم تسميته مؤتمر الكيانات ، لكن الحالة التي وصل إليها الأمر ربما كانت هي الدافع للتعبير عما يجيش به الخاطر .
مقدمة لابد منها قد توقف النقد الموجه لي من أصدقائي جراء سكوتي عما يحدث وعدم التعاطى معه ، ومع حبي للعمل في هذا المجال وحبي لوطني رأيت أن يعلو صوتي قليلاً هذه المرة ، ربما يعلم من يهمه الأمر وجهة نظر جديدة بعيداً عن المديح والتصفيق والمجاملة والتهويل ، وبعيداً عن فلاشات التصوير التي أوجعت عيون المتابعين وكارهي الظهور المستفز على الفيس بوك .
أكتب الآن بعد انتهاء المولد وانقضاء الزفه وانتهاء موسم الأجازات وسفر أبناء الخارج من القاهرة إلى الدول التي يقيمون فيها .. حتى يكون كلامي خفيفاً على من يهمه الأمر ، ما شاهدناه في مؤتمر المصريين في الخارج منذ أيام أمر عجيب لم يتراوح عدد الحاضرين فيه عن أصابع اليد الواحدة ممن يقضون أجازة الصيف في مصر بالصدفة ، ومن أصحاب كيانات لم نعرف الكثير منهم ، ولا عن الجاليات التي يمثلونها ولا عن الحشود التي تقف ورائهم ، ولا عن ماهية الأعمال التي يقومون بها ، ولا عن المجالات التي يبدعون فيها ، كيانات لا نعرف معلومات عنها إلا من خلال الوزارة التي نوهت عن عددها الـ 33 فقط .. ما حدث يجعل هناك ايضاً بعض علامات الاستفهام حول سرعة التحضير للمؤتمر وجدول أعماله وضيوفه ومتحدثيه والغرض من اقامته ، صحيح أن حياة كريمة مبادرة مهمة تنقل مصر إلى عالم آخر نحو الإرتقاء بحياة الشعب المصري وهي مبادرة فريدة يقف الشعب كله خلف القيادة السياسية لتحقيقها وضمان نجاحها.. إلا أن المصريين في الخارج لهم اولوياتهم الخاصة وأجندتهم المختلفة في مؤتمرهم ، وكان من الأولى أن يعرض مشاكلهم وهمومهم واطروحاتهم وتصوراتهم .
لقد تبني المؤتمر لفكرة تقودها الدولة في الأساس وترعاها بقوة تحت قيادة الرئيس ولها سفراء من الشخصيات العامة ورجال الأعمال ، مبادرة الكل يعرف تفاصيلها من خلال وسائل الإعلام ونلمسها في ربوع القرى والمدن ، وإن كان لابد من إعلام المصريين في الخارج بها فلا بأس من ذلك ولكن في جانب من جوانب المؤتمر أو في إحدى فقراته ، كنا نرجو أن يكون مؤتمراً للمصريين في الخارج يناقش قضاياهم ومشاكلهم و أحوالهم بعد جائحة كورونا وما هي خطط استيعاب العائدين منهم ، كنا نرجو الحديث عن مساهماتهم الحقيقية في دعم الاقتصاد و التنمية من خلال العمل على جذب مدخراتهم وزيادة تحويلاتهم ، والتأمين عليهم ونقل جثامينهم وخضوعهم تحت مظلة التأمين الصحي ومظلة التأمينات الاجتماعية التي يجب أن تكون بشكل إجباري ومختلف عن النظام الحالي المعمول به ، كنا ننتظر تفسير لقرار يضحكنا إذا قرأناه ويبكينا كلما فكرنا فيه وهو قيمة التأمين الصحي الجديد ضمن قيمة اصدار جواز السفر ، مدته ثلاثة شهور ولا ينطبق على العاملين في الخارج ولم تشر إليه الوزارة من قريب أو من بعيد بل جاءت به الهيئة العامة للرقابة المالية وأعلنت أن المستفيدين منه ليسوا أبناء مصر العاملين في الخارج ولا الدارسين في الخارج أيضاً وما زالت وزارة المصريين في الخارج بعيدة عن مناقشة الموضوع ليس تظلماً من زيادة قيمة جواز السفر ثلاثمائة جنيها مصرياً إنما لعدم استفادة المصريين في الخارج من هذه الخدمة .
لقد أظهر المؤتمر كل أبناء الخارج بشكل لا يليق بهم ليس فقط في نسبة الحضور بل في عدم حضور الرموز منهم وفي مبلغ التبرع الذي لم يتجاوز مقدم شقه من شقق حياه كريمة .
لقد كان واضحاً للجميع وجود عدد كبير من ضيوف المؤتمر من أعضاء مجلسي النواب و الشيوخ في مشاركة واسعة ومجاملة غير مفهوم معناها ، مع استمرار غياب نواب الشعب عن المصريين في الخارج وغياب ملحوظ للتواجد الرسمي الحكومي ، كما غابت القضايا الحقيقية التي يجب إلقاء الضوء عليها ، وجدول الأعمال والهدف الذي اقيم من أجله ، بل خرج علينا المؤتمر دون توصيات أو حتى نصائح شفوية .. مما أظهر المؤتمر بشكل لا يليق يوضع ضمن قوائم الإنجازات ، وكل ما جاء به من نتائج ربما تؤدي إلى إنشاء مزيد من الكيانات الورقية في اوروبا وامريكا حيث تجد ضالتها في مؤتمرات الوزارة وتزيد المشهد انقساماً وخلافاً وصراعاً يرتاح معه الكثيرين ، فضلاً عن أهم النتائج وهي بوكيهات الصور الجميلة التي إزدانت بها صفحات الفيس بوك وطمأنت المتابعين على روعة القاعة وحلاوتها وجمال الحضور وأناقتهم فبدى المشهد ناصعاً للجميع وكأن الدنيا بألف خير لكن الحقيقة ليست هكذا .. والله ليست هكذا .. والله على ما اقول شهيد .