يزور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لمصر الأحد المقبل بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك للمرة الثانية في أقل من عام، لبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات.
وتأتي الزيارة الرسمية للرئيس الفرنسي إلى القاهرة على رأس وفد اقتصادي كبير في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية انطلاقة قوية على كافة المستويات بعد الزيارتين الهامتين التى قام بهما الرئيس السيسى إلى باريس فى نوفمبر 2014 ونوفمبر 2015 وكذلك زيارة الرئيس أولاند إلى مصر في السادس من أغسطس الماضى لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة والتي حل عليها ضيف شرف.
وتكتسب هذه الزيارة أهميّة خاصة في دفع العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة على المستوى التجارى والإقتصادى إذ يضم الوفد الفرنسي المرافق للرئيس اولاند نحو 60 شركة (من بينها العديد من الشركات الصغيرة و المتوسطة)؛ حيث تسعى فرنسا لدعم الاقتصاد المصري من خلال مشروعات تساهم في الحد من البطالة و في زيادة معدلات النمو.
ويعقد الرئيسان السيسى وأولاند مباحثات سياسية هامة خلال هذه الزيارة حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن بحث العلاقات الثنائية التى تطورت بصورة ملحوظة خلال العامين الماضيين.
كما من المقرر أن تشهد زيارة أولاند لمصر التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين فى عدد من القطاعات بينها التدريب والكهرباء وتوليد الطاقة المتجددة ومشروعات مترو الأنفاق والصرف الصحي.
وصرح مصدر دبلوماسي فرنسي مطلع بان بلاده ترى أن مصر تعد طرفا محوريا في قضايا غاية الأهمية بالنسبة لها و للمنطقة و للمجتمع الدولي، لاسيما مكافحة تنظيم داعش الإرهابي والملف السوري و أزمة اللاجئين وكذلك الصراع العربي الاسرائيلي، موضحا أن كل واحدة من تلك الأزمات تؤثر بشكل مباشر على مصالح فرنسا.
وأضاف المصدر أن مصر باتت أكثر من أي وقت مضى لاعبا إقليميا رئيسيا و تواجه تحديات عديدة إلا أن ذلك لم يمنعها من تأدية دور إيجابي للغاية في قضايا دولية مثل قمة المناخ التي انعقدت بباريس في ديسمبر الماضي في باريس وأسفرت عن اتفاق عالمي لمكافحة الاحتباس الحراري.
ولفت إلى الحوار الثنائي المكثف القائم بين الجانبين المصري والفرنسي بشأن الأزمات الإقليمية والتي اعتبر أنها شهدت تطورا ملحوظا خلال زيارة الرئيس اولاند العام الماضي لمصر لحضور افتتاح قناة السويس بالرغم من كونها متعددة الأطراف.
وقال المصدر إن فرنسا ترى أن مصر يمكنها المساهمة في تحقيق الاستقرار في هذا البلد، ولكنها تشدد، في الوقت ذاته، على ضرورة العمل في أسرع وقت ممكن وبشكل فعال على استعادة السيادة الليبية؛ حيث تدرك فرنسا أن أي تدخل أجنبي في ليبيا لاستعادة الاستقرار لن يكون موضع ترحيب، وتعتبر في الوقت ذاته أنه من مصلحة المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي بشكل خاص العمل على أن تتولى سريعا سلطة تنفيذية في ليبيا إدارة البلاد حتى يكون هناك طرف تتحاور معه وتقدم له، إذا أراد دعما متنوعا بغية استعادة الأمن والاستقرار على كامل الاراضي الليبية.
من ناحية أخرى، تعد عملية السلام في الشرق الأوسط من أبرز الملفات التي سيتناولها الرئيس أولاند في القاهرة، حيث ترى فرنسا أن الوضع الراهن يقود إلى طريق مسدود وأن التقاعس عن التحرك أصبح خيارا غير مطروح؛ وتكثف باريس اتصالاتها في هذا الشأن مع شركائها الدوليين لاسيما مصر التي تعد من أكبر الداعمين للقضية الفلسطينية.
وفيما يتعلق بمكافحة الاٍرهاب، تحرص فرنسا على التشاور مع مصر باستمرار بشأن جهود القضاء على تلك الافة لا سيما تنظيم داعش ولكنها تؤكد ضرورة المضي قدما بالتوازي على المسارين العسكري و السياسي لا سيما في سوريا و ليبيا.
و من المقرر ان يستهل الرئيس الفرنسي زيارته الى القاهرة الاحد وسيكون في استقباله الرئيس عبد الفتاح السيسي على ان تجرى مراسم الاستقبال الرسمية و العسكرية في قصر القبة يليها عقد جلسة مباحثات ثنائية ثم لقاء موسع يشمل وفدي البلدين.
ويعقد الرئيسان عبد الفتاح السيسي و فرانسوا اولاند مؤتمرا صحفيا مشتركا لاستعراض نتائج محادثاتهما و ذلك قبل حضور مراسم توقيع سلسلة من الاتفاقات و مذكرات التفاهم.
كما سيفتتح الرئيسان السيسي و اولاند منتدى أعمال مصري فرنسي بمشاركة العديد من الشركات الفرنسية و المصرية، وفقا لبرنامج زيارة الرئيس أولاند الذي يتضمن أيضا لقاءات مع رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل و رئيس البرلمان علي عبد العال و كذلك مع شخصيات ثقافية و بالجالية الفرنسية .
وعلى صعيد أخر، من المقرر أن يقوم الرئيس اولاند بجولة ثقافية تشمل مزارات مثل القلعة والمتحف القبطي الذي تلقى دعما من جمعية متاحف المتوسط، فضلا عن لقاء مع الجالية الفرنسية بمصر.
ويرافق الرئيس الفرنسي في زيارته لمصر التي تعد المحطة الثانية من جولة في المنطقة تشمل أيضا لبنان والاْردن وفدا كبيرا يضم وزيري الدفاع جون ايف لودريان و الثقافة والاعلام اودري أزولاي ورئيس معهد العالم العربي جاك لانج بالاضافة الى عدد من البرلمانيين و الشخصيات الثقافية و رجال الاعمال و اصحاب الشركات الفرنسيين.
أ ش أ