الأربعاء, 3 يوليو, 2024 , 1:06 م

محمود هيبة لـ ” بوابة الوطن المصري ” الحقونا .. التوك توك يدمر صناعة الذهب في مصر

 

هيبة

 

” الصنايعية ” هجروا المهن الحرفية .. وقريبا نستورد عمالة من بنجلاديش والهند

90 % من الذهب الموجود بالأسواق الآن مغشوشا .. واسألوا ” المصلحة “

 رصيد مصر من الذهب في خطر بسبب عمليات التهريب والدولار 

البيئة الفاسدة وراء إحجام الكفاءات عن العمل العام .. والتعليم الفني .. عار علي المجتمع

 

حوار – خالدعبدالحميد

 

 

الحديث معه له مذاق خاص ، فهو كوكتيل (اقتصاد وسياسة ووطنية ) مهموم كثبرا بالعمل العام ، يتطلع دائما لخدمة بلاده ويحزنه كثيرا رؤية الفساد ينخر في عظام الوطن بدون محاسبة .

إقتحم العمل العام وتلقي صدمة كبيرة بسبب الطابور الخامس القابع داخل جسد الجهاز التنفيذي ، الذي يعبد الروتين ويقدسه ، ورغم ذلك لم يمنع نفسه من استكمال مسيرته بعيدا عن الأضواء ، ورغم أن كثيرين طالبوه بالترشح لإنتخابات مجلس النواب الا أنه كان له رأي آخر ، حيث يري أن المناخ في مصر ما زال غير مواتيا لإقتحام العمل السياسي بصفة رسمية .

الجواهرجي محمود هيبة أحد كبار خبراء قطاع الذهب في مصر ” وجع قلبنا ” أثناء حواره مع ” بوابة الوطن المصري ” ، فقد قلب كل الأوجاع علينا .. كشف عورات المجتمع المصري اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا .. وكشف المسكوت عنه بجرأة وشجاعة .. اختلفنا معه في بعض الأحيان وأتفقنا معه أحيان كثيرة .

 عن مستقبل أهم صناعة في مصر تحدثنا معه .. عن الذهب الذي قد يتحول الي تراب اذا ما تقاعسنا عن نجدته وتذليل كافة العقبات التي تقف أمام نمو هذا القطاع وتلك الصناعة .. التقينا محمود هيبة خبير سوق الذهب في مصر في حوار لا تنقصه الصراحة وبعيدا عن التقليدية المعهودة :

 

بدأ محمود هيبة حواره قائلا : الصدفة وحدها هي التي جعلتني اقتحم هذا المجال فلم اكتسب هذه المهنة بالوراثة ، وبدأت السلم من أول خطوة  وبروح التحدي تغلبت علي كل الصعاب .

وأضاف : التصنيع حلم راودني كثيرا ولكن المناخ العام غير مشجع ، لا سيما اذا ما علمنا أن التسويق يعد أهم واخطر مرحلة من مراحل الإنتاج ونحن في مصر فاشلين تسويقيا بامتياز ، ونسير علي عكس استراتيجيات التصنيع وهي ” إنتاج من يباع ” نحن ” نبيع ما ينتج ” وهناك عراقيل كثير تقف أمام نمو صناعة الذهب في مصر تجعل الكثيرين يحجمون عن الإستثمار في هذا القطاع الهام .

وألقي محمود هيبة بالقنبلة الأولي في حواره عندما قال : أنه في ظرف ثلاث أو أربع سنوات سوف تستورد مصر العمالة من الخارج بعد أن كانت ثروتنا الحقيقية في الكتلة البشرية .. سنستورد عمالة من الهند وبنجلاديش لمصانع الذهب بسبب عدم وجود عمالة مصرية مدربة بسبب هجرة الشباب الي التوك توك حيث المكسب السريع بأقل تكلفة .. هذا التوك توك هو الكارثة الحقيقية التي ابتليت بها مصر – لعن الله من كان سبب في دخوله للبلاد- وأصبح من الصعب الآن وجود حرفي أو صاحب مهنة وصنايعي أقل من 40 سنة بعد احجام الشباب عن تعلم الحرف والمهن التي كنا نتميز بها ، وقريبا نستورد النقاش والسباك والكهربائي من الخارج بعد رحيل أصحاب المهن الحرفية ” كبار السن ” .

وأضاف : للأسف فشلت جميع المعاهد التعليمية في تخريج عمالة مدربة لأن المجتمع ينظر الي خريجي هذه المدارس والمعاهد نظرة دونية باعتبارهم مواطنين درجة تانية وهو ما يجعل عدد كبير من الحرفيين يرفضون أن يورثون مهنتهم لأبنائهم خوفا من نظرة المجتمع لهم ، حيث نلاحظ أن التعامل مع الشخص يختلف حسب مهنته ، فتعامل المجتمع مع الطبيب أو المهندس أو المحامي يختلف عن تعامله مع السباك أو المبيض أو جامع القمامة ، فتجد المسئول قبل أن يتعامل معك يسألك أولا ” انت بتشتغل ايه ؟” وعلي ضوء مهنتك يتعامل معك ” وهي نظرة مجتمعية لا توجد الا في مصر وبعض المجتمعات العربية .

واستطرد خبير سوق الذهب قائلا : منذ قديم الأزل يسعي المصريون الي شراء الذهب ليس للزينة فحسب بل كوسيلة إدخار آمنة ، الا أنه وخلال السنوات القليلة الماضية حدث احجام من بعض المصريين علي الشراء لعدة أسباب من أهمها جمع السيولة الموجودة بالسوق وضخها في مشروع قناة السويس الجديدة ، ثم قيام البنوك بمغازلة المواطنين برفع سعر الفائدة علي الودائع ، بالإضافة الي الإرتفاع الجنوني لسعر الدولار وما صاحبه من ارتفاع في الأسعار ، وكذا إرتفاع أسعار الذهب عالميا ، كل ذلك كان له تأثيرا سلبيا علي حركة بيع وشراء الذهب في مصر ، وأصبح العروس تكتفي بـ ” دبلة ومحبس وخاتم ” كشبكة لها بسبب الأوضاع الإقتصادية ، وهي نفس الأوضاع التي جعلت عشرات من المستثمرين الأجانب يحجمون عن ضخ استثمارات في قطاع الذهب بمصر مفضلين تأجيل كل مشروعاتهم لحين تحسن الأوضاع .

وقال : الدولة لا تدعم المصنعين وكافة الأجهزة المعنية ما هي الا ” حبر علي ورق ” لم تفيد الصناعة الوطنية بشيئ ، وأصبحنا غير مؤهلين لمنافسة المنتج الإيطالي والهندي رغم أن لدينا أفضل خامات في العالم .

وأضاف : في الخارج المصانع تعمل بناء علي خطة تسويقية أما نحن فنعمل بعشوائية دون خطة أو دراسة .

وعن عملية تجميع الذهب القديم من السوق وتسييحه وتحويله الي سبائك وتهريبه خارج البلاد أكد محمود هيبة أن تلك الظاهرة انتشرت بقوة خلال السنوات الأخيرة وأنها نقمة علي مصر تهدد رأسمالنا الحقيقي ، مشيرا الي أن سعر الذهب العالمي يزيد عن سعر الذهب المصري بحوالي 25 ألف جنيه في الكيلو ، بمعني أن الـ 10 كيلو جرامات من الذهب توفر 250 ألف جنيه وهو ما يسيل لعاب المهربين له فيقومون بتهريب الذهب المصري سبائك للخارج لتحقيق الكسب السريع والثراء الفاحش ولو كان علي حساب رصيد مصر من الذهب

وقال ان هذا الأمر لن ينتهي الا برفع سعر الذهب الخام لإزابة هذا الفارق وبالتالي منع التهريب ، مشيرا الي أنه عندما تنجح الدولة في القضاء علي السوق السوداء للدولار نستطيع القضاء علي ظاهرة تهريب الذهب من مصر .

قنبلة أخري ألقاها محمود هيبة خبير سوق الذهب في مصر عندما قال أن 90 % من الذهب الموجود في مصر الآن مغشوشا ، موضحا أنه بعد ثورة 25 يناير انتشرت ظاهرة غش الذهب وذلك بدمغه خارج مصلحة الدمغة والموازين مما أضاع علي الدولة مئات الملايين من الجنيهات ، بالإضافة الي تأثر سمعة الذهب المصري في العالم بسبب الغش .

وقال أن الدولة تحارب هذه الظاهرة ولكن ليس بالمستوي المطلوب للقضاء عليها ، مشيرا الي أن التجار مثلا يرفضون شراء الذهب العراقي بسبب الغش نظرا لغياب الدولة ، وأكثر ما نخشاه أن نصل لهذه الدرجة وتحجم الدول عن التعامل مع الذهب المصري .

وأضاف أن شعبتي الذهب في اتحاد الصناعات والغرفة التجارية أيديهما مغلولة لعدم وجود سلطة لهما لضبط سوق الذهب ومحاسبة المتجاوز من التجار والمصنعين ونحتاج الي قانون يستطيع ضبط هذا القطاع .

وأختتم خبير سوق الذهب محمود هيبة قائلا : العمل العام في مصر مريض لأن المناخ غير صالح والبيئة فاسدة وهذا ما يفسر إحجام العشرات من الكفاءات عن التصدي للعمل العام ، وعلينا أولا أن نصلح تلك البيئة وبعدها سنجد آلاف من الخبرات تتسابق للعمل العام والتطوعي

اترك رد

%d