25 يناير أكبر كارثة في تاريخ مصر الحديث
سئمت من الحديث عن الكوارث التي حدثت لمصر بسبب الأحداث التي بدأت إعتباراً من 25 يناير 2011 ، والتي تمثلت في :
- تراجع السياحة في مصر
- هروب المستثمرين الأجانب من مصر .
- تدهور الصناعة وإغلاق 1600 مصنعاً .
- إفلاس الكثير من الشركات .
- زيادة البطالة وإنعدام فرص العمل .
- تناقص الإحتياطي النقدي للدولة إلى مستويات مخيفة .
- الإنحدار الحاد في الإقتصاد المصري مما ترتب عليه إنخفاضاً كبيراً في قيمة الجنيه المصري وزيادة مخيفة في الأسعار .
- تدهور الحالة الأمنية في كل شوارع مصر إلى أن تسلم الإخوان المجرمون مقاليد الحكم
لن أنسى صوت المخرج السينمائي المتميز خالد يوسف حين كان يصرخ على شاشات التليفزيون لإنقاذ المتحف المصري في ميدان التحرير من الإحتراق بعد أن شاهد أعمدة الدخان تتصاعد حول المتحف الذي يحتوي على جزء كبير من تاريخ مصر .
وقد إتضحت الحقيقة الآن وهى أن غالبية المصريين والعرب ضد أحداث هذا اليوم الأسود في تاريخ مصر والوطن العربي بعد أن شعروا بالتدهور الكبير الذي حدث لمصر وللأمة العربية كلها ، حتى أن الكاتب والإعلامي الكبير الأستاذ إبراهيم عيسى وهو من المدافعين عن 25 يناير صرح في حديث له أنه يبدو أن الرئيس السيسي هو الوحيد الذي يدافع عن 25 يناير ويؤمن به .
نعم كانت هناك سلبيات كثيرة في مصر قبل 25 يناير :
- تدهورت الأحوال الصحية والتعليمية والمعيشية .
- كان هناك تزوير في الإنتخابات .
- رئيس بقى في الحكم لأكثر من ثلاثين عاماً ، وكان هناك مشروع لتوريث الحكم لإبنه .
فقدمت المخابرات الأمريكية والأوروبية تقاريراً لقياداتها السياسية أن التربة خصبة لإحداث ثورة في مصر ، وكانت هناك مخططات خفية بين هذه الأنظمة الغربية وجماعة الإخوان المسلمين مؤداها أن تقفز هذه الجماعة إلى حكم مصر وتونس وسوريا وبعض البلاد العربية الأخرى ، وكانت هناك مجموعة من الشباب تم تدريبهم خارج مصر على كيفية إثارة الناس ضد الأنظمة الحاكمة ، وإشعال الشوارع والميادين بالمظاهرات والحشود الجماهيرية ، وإستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي لتهييج الجماهير وشحنها بالغضب ، ثم صدرت الأوامر بعد ذلك لهؤلاء الشباب بالبدء في التحرك لإشعال الشوارع بالمظاهرات والهتافات والشعارات ، فخرجت جموع الناس البسطاء إلى الشوارع والميادين تهتف ضد نظام الرئيس مبارك وتطالب بسقوطه .
لكن بعد أيام قليلة ؛ بل ساعات قليلة شعرت هذه الجموع الشعبية أن المظاهرات تحولت عن الطريق السلمي ، بعد أن سيطرت عليها قوى خفية بدأت تحرق وتدمر ممتلكات الدولة ، وتقتل رجال الشرطة بعد الإنقضاض على أقسام الشرطة وحرقها ، وفتحت أبواب السجون فهرب المجرمون المسجونون ، وإنتشرت الجريمة في كل أنحاء مصر ، وحرقت الكنائس ، فتراجعت جموع الناس البسطاء وبقوا قابعين ساكنين في بيوتهم بعد أن إمتلأت الشوارع بكل أنواع الجريمة ، وقدم الرئيس مبارك إستقالته من منصبه ، ونزل الجيش إلى الشوارع والميادين لإنقاذ مصر ، ولم يهرب الرئيس مبارك رغم الدعوات التي وجهت له ولعائلته من الدول الخليجية ، بل قرر بشجاعة المقاتل أن يبقى في مصر ، وإن مات فيدفن في أرضها ، وتولى المجلس العسكري حكم البلاد لفترة قصيرة إلى أن سلم الحكم لجماعة الإخوان المجرمين ، بعد تزوير الإنتخابات الرئاسية ليفوز مرسي الإخواني على الفريق أحمد شفيق .
وتصورت أطراف المؤامرة أنهم نجحوا وحققوا أهدافهم ، وبدأ التمهيد ليدفع النظام الإخواني ثمن مساعدة الأنظمة الغربية لهم وتمكينهم من حكم مصر ، وكان الثمن قطعة كبيرة وغالية من أرضنا المقدسة في سيناء والتي إختلطت رمالها بدماء شهدائنا عبر عصور التاريخ ، لكن جماهير الشعب لم تتحمل حكم الرئيس مرسي أكثر من عام واحد ، وبدأت تشعر بالمؤامرة الخبيثة ، فخرجت بتلقائية شديدة يوم 30 يونيو تطالب بإسقاطه دون أن يكون بينهم عناصر مهيجة وإجرامية تحرق وتدمر مصر كما حدث في 25 يناير ، وإستجاب الجيش حامى حمى البلاد لصرخات الشعب ، وإستطاع عبد الفتاح السيسي أن يعزل الرئيس مرسي ، فإنفجرت أعمال الإرهاب الإخوانية في كل أنحاء مصر ، ووضح جلياً تعاون المنظمات الإرهابية مع جماعة الإخوان في تنفيذ هذه الجرائم ، وعلى رأس هذه المنظمات منظمة حماس الفلسطينية .
ومما يثبت تورط الدول الغربية في المؤامرة على مصر أن هذه الدول لم تعترض على إسقاط نظام الرئيس مبارك رغم أنه لم يكمل فترته الرئاسية الأخيرة ، ولم تعتبر أن ما حدث بدءاً من 25 يناير لم يكن إنقلاباً ، بينما أقامت الدنيا ولم تقعدها حتى الآن بسبب خروج الشعب ضد الإخوان المجرمين في 30 يونيو وإعتبرت إستجابة القوات المسلحة المصرية للإرادة الشعبية وعزلها للرئيس مرسي إنقلاباً عسكرياً على رئيس منتخب ، فلماذا هذا التناقض بين الموقفين . . مبارك كان رئيساً لمصر بعد إنتخابات مزورة . . نعم . . ولكن مرسي أيضاً كان رئيساً بعد إنتخابات مزورة ، فاز فيها بالتزوير والتهديد بحرق مصر لو لم يفز على منافسه الفريق شفيق . . ولسوف يثبت التاريخ هذا التآمر عندما يتم الإفراج عن الوثائق السرية لهذه الفترة من تاريخ مصر ، وعندما يكتب المعاصرون لهذه الفترة والذين إنخرطوا في أحداثها مذكراتهم
ومما يثير الحزن والأسى أن بعض المثقفين والباحثين يلوون الحقائق ويستخدمون العبارات الملتوية لوصف أحداث 25 يناير ، فقد سمعت أحدهم يقول ” دعونا نتكلم بأسلوب علمي فهناك فرق بين مؤامرة في ثوب ثورة وثورة تم التآمر عليها ” . . هل الأسلوب العلمي يقبل بالتطاول على كاتبة محترمة بحجم الدكتورة لميس جابر لم تلهث خلف دولارات قناة الجزيرة كما يفعل هو ، هل ثوريته التي ورثها عن النظام الناصري تسمح له بالظهور على شاشة قناة تسئ لمصر ليل نهار ، ولا أدري عن أي علم يتكلم ، ليته يدلنا على هذا العلم الذي إستخدمه ، أم هى حالة نوستالجيا بمعنى الحنين إلى الماضي بأحداثه وأشخاصه ، فهذا الباحث نشأ ونضج فكره وعقله خلال الفترة الثورية التي بدأت عقب ثورة 1952 ، وإرتبط بالناصرية التي دمرت مصر ، وأوصلتها إلى أكبر هزيمة في تاريخها في يونيو 1967 . . هذا المثقف الثوري الناصري يعتبر ثورة يوليو 1952 مقياساً يقيس به كل أحداث التاريخ مهما كانت المتغيرات الزمنية ومهما كانت نتائج هذه الثورة حتى ولو نتائج كارثية ، ولهذا يرى أن ما حدث في 25 يناير ثورة عظيمة مقدسة لا يجوز مسها بأي كلمة أو لفظ ؛ رغم الكوارث الإقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أحدثتها في مصر ، ويتهم من ينتقدها بأنه مجرم إرتكب جريمة الإزدراء السياسي ، ولم لا فنحن نعيش في عصر الإزدراء ، ويُعْتّبَر كل من يفكر وينتقد مجرماً يسجن بتهمة الإزدراء ، سواء كان إزدراءاً دينياً أو سياسياً .
لقد إنتهت الثورات في غالبية دول العالم ؛ بعد أن أدركت الشعوب أنه إذا كانت للثورة بعض المنافع إلا أن أضرارها ومساوئها تفوق كثيراً هذه المنافع ، وغالباً تأتي هذه الثورات بأنظمة غير مؤهلة للحكم ، وهذا بالضبط ما حدث في مصر حين إستولى الإخوان المصريون على هذه الثورة وتولوا حكم مصر .
ولهؤلاء المرضى بالنوستالجيا أو الحنين إلى الماضي والذين لا يملكون القدرة على التطلع للمستقبل ، ولا يمكنهم توقع ما ستحمله الأيام المقبلة لهم ، ويغضون أبصارهم عن الرؤية المستقبلية ، لأنهم لا يستطيعون سوى العيش في الماضي . . لهؤلاء المرضى أحب أن أتحدث عن أخطر تبعات هذا اليوم الأسود في تاريخ مصر ، يوم 25 يناير ، وأقصد بذلك مشروع سد النهضة الإثيوبي ، والذي ربما يتسبب في جفاف مجرى نهر النيل داخل أراضي مصر ، حتى أن السد العالي قد يتحول إلى أطلال نبكي عليها بعد أن كان مشروعاً لإنتاج الكهرباء التي أنارت كل قرى مصر . . لهؤلاء أقول أنه تم تحديد الموقع النهائي لسد النهضة الكبير
Grand Ethiopian Renaissance خلال الفترة من 1956-1964 بواسطة مكتب الولايات المتحدة للإستصلاح States Bureau Of Reclamation ؛ أحد إدارات الخارجية الأمريكية ، ولم يتم الرجوع لمصر حسبما تقتضي إتفاقية 1929 بسبب سوء علاقات نظامها الناصري مع الإدارة الأمريكية خلال تلك الفترة ، بعد ذلك قامت الحكومة الإثيوبية بعملية مسح للموقع خلال الفترة من أكتوبر 2009 – أغسطس 2010 ، وفي نوفمبر 2010 تم الإنتهاء من تصميم السد ، وفي نفس الأوان تصاعدت تهديدات الرئيس مبارك لإثيوبيا ، ونجحت الخارجية المصرية بعد معركة دبلوماسية شاقة في إستصدار قرار أوروبي روسي صيني بوقف تمويل سد النهضة الإثيوبي ، كما صدر قرار مماثل من البنك الدولي والإتحاد الأوروبي والحكومة الإيطالية بتجميد قروض دولية لإثيوبيا بقيمة 3.7 مليار دولار، بينها قرض صيني بمليار دولار .
وذكرت مصادر دبلوماسية مصرية أن التمويل المعلن للسد هو 250 مليون دولار، لكن حجم الأعمال يفوق المليار دولار ، مما يؤكد أن هناك تمويلاً خفياً من دول تسعي لإحداث فقر مائي في مصر ، وإنتهزت إثيوبيا فترة عدم الإستقرار السياسي في مصر عقب أحداث 25 يناير 2011 ، وغياب مؤسسات الدولة المصرية خلال هذه الفترة ، فعادت إلى مشروعها في 31 مارس 2011 حيث وقعت عقداً قيمته 4.8 مليار دولار مع الشركة الإيطالية المنفذة للمشروع Salini Costrut Tori ، وفي 2 أبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق مليس زيناوي Meles Zenawi حجر الأساس للسد وتم انشاء كسارة للصخور جنبا إلى جنب مع مهبط للطائرات الصغيرة للنقل السريع ، وفي 15 أبريل 2011 أعاد مجلس الوزراء الاثيوبى تسمية السد بـ ” سد النهضة الإثيوبي الكبير” Grand Ethiopian Renaissance Dam GERD حيث كان في البداية يطلق عليه ” مشروع X ” وبعد الإعلان عن عقود المشروع سمى بـ سد الألفية ” Millennium Dam ” . . فماذا تعني هذه التواريخ والأحداث ؟ . . ألا تعني أنه لولا أحداث 25 يناير 2011 لما تجرأت إثيوبيا على الشروع في بناء سد النهضة الذي سيدمر حياة المصريين ، رغم أن الثوريين أمثال هذا المثقف يروجون أنه اليوم الذي أنقذ الله فيه أرض مصر من الطوفان ! !
حقاً إنها شعوب تصنع كوارثها بأيدي أبنائها ، وصدق الله العظيم عندما ذكر في الأية 79 من سورة النساء : مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ . .