بقلم اللواء / بهاء البجاوي
هذا هو لسان حال المتهم بالتحرش ..فهل المُتحرش جانى أمّ مجنى عليه ؟ سؤال يحتاج إلى إجابة..
بالطبع وقولاً واحداً هو جانى… ولكنها إجابة تحمل نظرة سطحية للغاية.. لإننا إذا اكتفينا بهذه الإجابة أصبحنا مثل الطبيب الذى ( يسعى لعلاج العَرَضّ ويتجاهل سبب المرض ).. وبذلك ستعود الأعراض لنفس المريض مراراً وتكراراً.. بل وسينتشر هذا المرض ويصبح وباءً مثل الكورونا.. وهو بالفعل أصبح هكذا.
ظاهرة التحرش التى ظهرت فجأة على الساحة ليست بجديدة على مُجتمعنا ونعيشها منذ أكثر من عشر سنوات، وما هى إلا نتيجة طبيعية ( عَرَضّ ) للبيئة المحيطة بالمتحرش ( والمتحرش هنا قد يكون شاب وقد يكون فتاة لأن كلاهما يتأثر بما حوله من بيئة تُشجع وتُحرّض على التحرش ) .
وإذا نظرنا لمن يدّعون أنهم يتصدون لهذه الظاهرة، بكل أسف سنجد أن جميع من يدعى أنه يحمل السيف والدِرع للدفاع عن حياء الأنثى وحريتها وضرورة عدم التعرض لها لفظاً أو فعلاً بأى شيئ قد يوصف بأنه فعل من أفعال التحرش.. هؤلاء أنفسهم مشاركون فى صناعة هذه البيئة.. فهُمّ من يلتزمون الصمت تجاه الضغوط التى يتعرض لها المتحرش والمتمثله فى :
أفلام ومسلسلات تشجع ليس فقط على التحرش بل على الفجور والأعمال المنافية للآداب وزنا المحارم وتعاطى المخدرات والشذوذ الجنسى.. بل قد يكون من بين هؤلاء من ساهم فى إنتاج أو شارك بالتمثيل فى هذه الأعمال..
وبالفعل فقد فوجئنا ببعض الممثلات اللاتى اشتهرن بتصرفات عديدة خارجة عن أعراف المجتمع المصرى، واعتادت إرتداء ملابس كثيراً ما أثارت ضجة غضب عارمة بسبب العرّى الفاحش الذى تعمدن الظهور به.. ونجد مثل هؤلاء يقودون حملة افضح مُتحرش!!!
وعلى الجانب الآخر نجد أغانى المهرجانات التى تشجع على الخروج عن كل ما هو مألوف لدينا من قيم وأخلاقيات..
ولن أتطرق إلى دور الإعلام ( وخاصة البرامج الحوارية ) الذى أصبح بكل أسف شريكاً أساسياً فى صُنعّ الظواهر السلبية المُجتمعية فى مجتمعنا بدلاً من أن يصبح مُعالجاً لها.
وبكل أسف نجد أنه حتى المجلس القومى للمرأة والمعنِى رسمياً بالحفاظ على حقوق المرأة والذى انتفض مؤخراً وكأنه ينتفض انتفاضة الأقصى ضد التحرش .. نجده لم يتحرك له ساكناً مع كل ماسبق من مظاهر هذه البيئة الفاسدة المُفرزة للمُتحرش ..
ليس هذا فحسب بل فهو يلتزم الصمت تجاة أحدث تطبيقات السوشيال ميديا وهى ( التيك توك ) والذى أساءت استخدامه عشرات الفتيات المصريات لإثارة الغرائز ليس للشباب فقط ولكن للفتيات أيضا فى دعوة صريحة للفجور..
أليست هذه الأفعال من هؤلاء الفتيات أيضاً صور فاضحة للدعوة للتحرش كى يتحرك المجلس القومى للمرأة.. ( والمُتحرش هنا هم فتيات وليسوا شباب ).. وذلك على الرغم من تزامن هذه الأفعال من هؤلاء الفتيات مع القضية التى فجّرت الحديث عن التحرش مؤخراً.. وكأن هذا ليس له علاقة بذاك !!!!
وكأن الحفاظ على القيم والتقاليد وأخلاقيات الفتاة المصرية وعلى صورة المرأة المصرية أمام العالم… ليس من ضمن حقوق المرأة المصرية ليثور لها المجلس القومى للمرأة.
يا ساده يا كرام.. (( من زرع حصد )) .
فلننظر جميعاً ماذا زرعنا قبل أن نتعجب مما نحصد..
وأتذكر هنا فيلم الفنان الراحل نور الشريف ( جعلونى مجرماً )
فنحن من نجعل من أبنائنا وبناتنا مُتحرشين.. ونعود ونطالب بمحاكمتهم والقضاء على مستقبلهم..= ووسط كل هذا الهِراء نجد هناك شُعاع أمل.. وهو ما يقوم به النائب العام الحالى فهو الوحيد الذى يدق ناقوس الخطر. فقبل أن يأمر بحبس الشاب أو الفتاة مُرتكبى هذه الأفعال ، فإنه يصدر بيانات لشرح الظاهرة اجتماعياً مُحاولاً أن يوضح سبب هذا المرض كى يبحث المجتمع له عن علاج..
وفى النهاية .. سوف أُعيد طرح التساؤل مرة أخرى : هل المتحرش جانى.. أمّ مجنى عليه..
أمّ من حقه أن يصرخ ويدافع عن نفسه ويقول ( جعلونى مُتحرشاً ) .
والأن أنتظر الإجابة منك عزيزى القارئ ..